أخبار بديــل
يعبر بديل-المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين والشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين تقديرهما لتزايد الدعم السياسي والمالي الذي أبدته الدول في الاجتماع الوزاري رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الأونروا (25 أيلول 2025). ومع ذلك، لا تزال الوكالة تواجه عجزاً مالياً كبيراً وحظراً من قبل النظام الاستعماري الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، كان دعم الدول للأونروا مشروطًا بقبولها وتأييدها لإعلان نيويورك (تموز 2025)، الذي يتعارض مع ولاية الأونروا وأهدافها، ويتجاهل حقوق الفلسطينيين، ويحوّل الوكالة إلى أداة مؤقتة لبناء الدولة بدلاً من كونها وكالة أممية قائمة على الحقوق. ومع استمرار الدول في عدم ضمان ولاية الأونروا ودعم حقوق الفلسطينيين، فإن هذا النهج يرسخ تواطؤ الدول في الإبادة الجماعية ويشكل تهربًا من التزاماتها القانونية بضمان الحماية الدولية للاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك حقهم في حل دائم قائم على اختيارهم الحر.
تنص المادة 11 من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 (1948) على حق اللاجئين الفلسطينيين في جبر الأضرار التي لحق بهم، بما في ذلك العودة واستعادة الممتلكات والتعويض وإعادة التأهيل وضمانات عدم التكرار. وترسي المادة 5 من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 (1949) ولاية الأونروا على أساس حق العودة الذي لم يتحقق بعد، وتنص على أن عملياتها لا تخل بهذا الحق. إن وجود الوكالة هو نتيجة مباشرة لعدم تنفيذ هذا الحق، ولا يمكن تبرير تفكيكها إلا بعد تحقيق هذا الحق بالكامل.
لذلك، لا يمكن نقل أو تخفيف أو تقييد أو تأجيل التزام الدول بضمان استمرار الأونروا وعملياتها، لا بإعلانات ولا بتقييمات، كما حصل في تصويت الغالبية العظمى من الدول لصالح إعلان نيويورك في الاجتماع الوزاري رفيع المستوى بشأن الاونروا. تنص الفقرة 14 من الإعلان على أن الأونروا يجب أن” تسلم خدماتها العامة في الأراضي الفلسطينية إلى مؤسسات فلسطينية متمكنة ومستعدة“. من خلال ربط دعم الأونروا بإعلان يتنبأ بحلها، تعيد الدول فعلياً صياغة دستور الأونروا من وكالة أممية قائمة على الحقوق لحماية الفلسطينيين وتقديم الخدمات لهم، إلى أداة مؤقتة مرتبطة بطموحات إقامة الدولة الفلسطينية. من خلال إعلان نيويورك، تؤيد الدول أيضاً تفكيك الأونروا بمجرد اقامة الدولة الفلسطينية التي ستتولى المهمات خلفا لها.
يجب على الدول أن ترفض هذه الأطر التي تتعارض مع حقوق الفلسطينيين وولاية الأونروا والتزاماتها. يجب أن يكون دعمها للأونروا غير مشروط وأن يضمن تمكين الأونروا تمكيناً كاملاً من تقديم المساعدة الآن وحتى يتم تنفيذ العودة، وليس مشروطًا بحل الدولتين.
في الوقت نفسه، لا تزال غالبية الدول ترفض الاعتراف بالإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، على الرغم من نتائج تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة وتقارير الخبراء الآخرين والبيانات الصادرة عن مسؤولي الأمم المتحدة. إن الدعم المالي المشروط المُقدم، والذي لا يزال غير كاف لاستمرار عمل الوكالة، لا ينتهك الحماية الدولية والقوانين المتعلقة بالتهجير فحسب، بل إنه، إلى جانب رفض الدول فرض عقوبات على النظام الاستعماري الإسرائيلي أو عزله في الأمم المتحدة لانتهاكه حصانات وامتيازات الأونروا أو إجباره على رفع الحظر والعرقلة المفروضة على الأونروا، يشكل تقاعساً عن اتخاذ أي إجراء يتجنب الالتزامات الملزمة بوقف ومنع الإبادة الجماعية.
علاوة على ذلك، يشكل قطع الدول تمويلها عن الأونروا تواطؤاً في الإبادة الجماعية، حيث أنه ساهم في المجاعة وحرمان اللاجئين من الحماية الدولية التي من المفترض أن توفرها الأونروا من خلال المساعدات الإنسانية. ومن خلال حجب المساهمات والتقاعس عن العمل، تنضم الدول إلى الحملة الأمريكية-الإسرائيلية المتواصلة والهادفة إلى نزع الشرعية عن الأونروا وتفكيكها من خلال قطع التمويل عنها وتشويه صورتها واستبدالها بما يسمى منظمة غزة الإنسانية.
في كلٍّ من هذه الأشكال - قطع التمويل، والتقاعس، والدعم المشروط - تستغل الدول الأونروا للتهرب من مسؤولياتها القانونية، وتُصبح متواطئة في تمكين الإبادة الجماعية الإسرائيلية. يجب على الدول ألا تستبدل بتعهداتها المالية أو خطاباتها التزاماتها الاساسية بحفظ ولاية الاونروا واستمرارها.
مع اقتراب موعد التصويت على تجديد ولاية الأونروا، يدعو مركز بديل والشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين إلى:
- التأكيد على أن استمرار وجود الأونروا وعملياتها مرهون بتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وليس بتنفيذ حل الدولتين؛
- الوفاء بالتزاماتها بتجديد ولاية الأونروا كما هي؛
- تقديم دعم سياسي ومالي كامل وغير مشروط حتى تتحقق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في العودة وتقرير المصير.