أخبار بديــل

نداء عاجل لحماية الأونروا
حظر إسرائيل للأونروا: هجوم مدروس على حقوق اللاجئين الفلسطينيين ومنظومة الأمم المتحدة
من المقرر أن تدخل قوانين منظومة الاستعمار والفصل العنصري الاسرائيلي، التي تهدف إلى حظر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، حيز التنفيذ في نهاية كانون الثاني 2025. وإذا تم تطبيق القوانين وحظر عمل الاونروا، فسيكون لهذا التطبيق تأثيرات ملموسة كارثية على اللاجئين الفلسطينيين في جميع مناطق وجودهم في فلسطين، خاصة على اللاجئين في غزة، بالإضافة إلى أثره السلبي على نظام الأمم المتحدة نفسه، ما قد يؤدي إلى زوال إطار الحماية المتعدد الأطراف للأمم المتحدة. والأهم من ذلك، القضاء على الأونروا يجعل المنظومة الاسرائيلية أقرب إلى هدفها الاستراتيجي وهو القضاء على حقوق اللاجئين الفلسطينيين.
على الرغم من أن الحملة الإسرائيلية لشيطنة وتفكيك الأونروا ونقل مسؤولياتها ليست جديدة، إلا إنه من المهم أن ندرك أنها جزء من استراتيجية واسعة النطاق تهدف إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين. وباعتبارها هي الجهة المسؤولة عن تقديم المساعدات والتعليم والخدمات الاجتماعية للفلسطينيين، تشكّل الأونروا تجسيدا لمسؤولية الأمم المتحدة والدول عن توفير الحماية الدولية وضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين. وتزداد أهميتها خصوصا وان الأونروا، حسب ولايتها، مكلفة بالعمل الى حين تطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وهو القرار الذي يشمل حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة واستعادة الممتلكات والتعويض وضمانات عدم التكرار.
يعتمد أكثر من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني على الأونروا في الحصول على الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والمساعدات الغذائية في مناطق عملها الخمس: الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا والأردن. وخلال الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة، تم التأكيد مرارًا وتكرارًا على ان الاونروا تعتبر شريان الحياة لـ 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة. وفي محاولة لوقف المجاعة الإسرائيلية المتعمدة، تقدم الوكالة مساعدات غذائية لأكثر من 1.2 مليون شخص - 60٪ من السكان – الذين يواجهون مستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي. أيضا الان يتم استخدام مرافق الأونروا كملاجئ للمهجرين قسراً، في الوقت الذي تعرض ما يقارب 70٪ من مدارس الوكالة للقصف، بعضها تم استهدافه عدة مرات. إن قطع المساعدات والخدمات الحيوية عن السكان الفلسطينيين المحاصرين والجائعين والمهجرين قسرياً والمصابين في قطاع غزة من شأنه أن يؤدي إلى مفاقمة ظروف الحياة التي تتعمد المنظومة الإسرائيلية عبرها إحداث التدمير المادي للفلسطينيين.
إن تطبيق القوانين الإسرائيلية التي تحظر وجود الأونروا في فلسطين وتمنع عملياتها سيكون له تأثير كارثي على اللاجئين الفلسطينيين في كامل الأرض الفلسطينية المحتلة. فحظر وجود الأونروا في القدس، وتنفيذ هذه القوانين يقلل من الحضور الدولي، ويعزز الهيمنة الإسرائيلية والتوسع الاستعماري في المدينة. وفي الضفة الغربية، سيؤدي هذا إلى حرمان اللاجئين من الرعاية الصحية التي سيتفيدون منها عبر 50 مركزًا صحيًا، وحرمان 45000 طالب من التعليم في 96 مدرسة ابتدائية، وفقدان فرص العمل لآلاف الفلسطينيين.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن حظر الاونروا سوف يؤثر على دعم الدول لها، الأمر الذي سيؤثر بدوره على ميزانية الأونروا وعملياتها وقدراتها اللوجستية. وبالتالي، فهذا سوف يمتد إلى ما هو أبعد من قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك شرق القدس، مما سيعطل قدرة الأونروا على تقديم الخدمات والمساعدات في مناطق عملها الأخرى، يشمل ذلك الأردن ولبنان وسوريا. إن حظر الوكالة في منطقة واحدة وفقا للقوانين الوطنية للدولة سيؤدي إلى تفكيك ولايتها بالكامل، مما يعرض نظام الدعم الحيوي لـ 5.9 مليون لاجئ فلسطيني في جميع مناطق عملها للخطر، بما في ذلك 3.7 مليون لاجئ يعتمدون عليها للحصول على مساعدات طارئة منقذة للحياة. إن حظر الأونروا ليس مجرد اجراء محلي، بل هو عبارة عن اعتداء متعمد على إطار الحماية الدولية المخصص لضمان الوفاء بحقوق اللاجئين الفلسطينيين. وبدون وجود الوكالة ومساعداتها وخدماتها، فإن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة سوف تتعرض لمزيد من التهميش، مما يجعلهم أكثر عرضة للإهمال والقمع الممنهجين.
ان الأمم المتحدة والدول الأعضاء لديها تاريخاً من الفشل في اتخاذ الاجراءات لحماية الأونروا؛ والذي يمكن ان نشهده حاليا في التراخي والتهاون في التعامل مع قتل أكثر من 330 عامل إغاثة في غزة، ومن بينهم 263 من موظفي الأونروا - وهو أعلى رقم مسجل على الإطلاق في التاريخ. كما أن قيام دولة عضو في الأمم المتحدة بحظر منظمة تابعة للأمم المتحدة هو الأول من نوعه في تاريخ الأمم المتحدة. إن فشل الدول والأمم المتحدة في اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الانتهاكات غير المسبوقة للمنظومة الإسرائيلية يهدد النظام الدولي ويشكل سابقة خطيرة. يجب أن يكون مفهوما أنّ التصريحات التي تعبر عن القلق من الدول منفردة، أو القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تحث على التعاون مع الأونروا، غير كافية لحماية الأونروا ولحماية النظام الدولي.
ولإجبار المنظومة الاسرائيلية على إلغاء قوانينها وحماية اللاجئين الفلسطينيين وحماية الأونروا، يتعين على الدول اتخاذ إجراءات حاسمة مثل قطع العلاقات الدبلوماسية، وتعليق عضوية "إسرائيل" وامتيازاتها داخل الأمم المتحدة، والمباشرة في وقف المشاريع المشتركة واتفاقيات التعاون الثنائية، وتجميد جميع العقود التجارية ما بين القطاع الخاص والمنظومة الاسرائيلية. وهناك حاجة ملحة إلى اتخاذ تدابير ملموسة وذات أثر مباشر، على شكل عقوبات سياسية ومالية وعسكرية، لمحاسبة المنظومة الاسرائيلية ومنع استمرار الإبادة الجماعية، والمزيد من تفتيت لمنظومة الأمم المتحدة.
الوقت للتحرك قد حان منذ فترة طويلة. إن استمرار فشل الدول في اتخاذ اجراءات لن يؤدي فقط إلى ترسيخ تواطؤها في الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة، بل إنه سيخلف أيضًا آثارًا كارثية على المنطقة بأكملها، وعلى إطار الحماية الدولية المتعدد الاطراف.