أخبار بديــل

إدارة ترامب تدعم الاستراتيجية الإسرائيلية لتفكيك الأونروا بشكل كامل
إدارة ترامب تدعم الاستراتيجية الإسرائيلية لتفكيك الأونروا بشكل كامل

من المقرر أن تدخل قوانين حظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، الصادرة عن المنظومة الإسرائيلية، حيّز التنفيذ اليوم - 30 كانون الأول/يناير 2025. وكانت قد اعتمدت المنظومة الإسرائيلية وترامب في خططهما عرقلة عمل الأونروا ومنع تقديم المساعدات كخطوة أولى لنهج أوسع يتمثل في استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح ضد اللاجئين الفلسطينيين، وكأداة لابتزاز الدول سياسيا، بهدف إجبارها على تنفيذ خطط ترامب لتهجير الفلسطينيين قسراً الى الأردن ومصر وغيرهما من الدول.

 

تصدرت خطط التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة عناوين الأخبار، بالتزامن مع انطلاق المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، بعد وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قطاع غزة على أنه "موقع هدم"، ودعوته إلى "إعادة توطين" الفلسطينيين في الأردن ومصر "لتطهير كل شيء"، وهي الخطط التي قابلتها المقاومة الفلسطينية ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية بالرفض القاطع. إن عملية "إعادة التوطين" المشروعة حصرا والمقبولة للاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة – وكل أماكن تواجدهم – هي العودة إلى ديارهم الأصلية التي هجرتهم منها الميليشيات الصهيونية قسراً خلال نكبة عام 1948، وذلك إعمالاً لحقهم في العودة غير القابل للتصرف.

 

وفي ظل السعي لتنفيذ خطط التهجير القسري وتفكيك الأونروا، لم يقتصر دور الولايات المتحدة الأمريكية - الحليف الأكثر دعماً للمنظومة الإسرائيلية - على وقف تمويل الوكالة فحسب، بل أعلنت صراحة بأن "إغلاق مكاتب الأونروا هو قرار سيادي لإسرائيل [..] وأن الولايات المتحدة تدعم تنفيذ هذا القرار". يترفق ذلك مع وقف إدارة ترامب مساعداتها الإنسانية في جميع أنحاء العالم – بما في ذلك المنطقة العربية، كمؤشر لنيّة اعتمادها نهج استخدام المساعدات كأداة لابتزاز الدول سياسيا لتحقيق أهدافها.

 

تؤكد "صفقة القرن" التي أعلنها ترامب في عام 2020، وتصريحاته المرافقة لها، نيته لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين. وبطبيعة الحال، تبنّى تصريحاته كل من وزير المالية الإسرائيلي، سموتريتش، ووزير الأمن القومي السابق، بن جفير، الذين يدعون الى مشروع "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من غزة منذ بداية حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية. هذا المصطلح "الهجرة الطوعية" الذي تم استخدامه لتجميل جريمة التهجير القسري المرتكبة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

 

أما عن ردود أفعال الدول الأوروبية على مقترحات التهجير القسري، فقد رفضت ألمانيا رسمياً التهجير الجماعي الا أنها ألمحت ضمناً بأن التهجير المؤقت قد يكون مسموحاً به ــ وهو ما يتناقض مع القانون الدولي الذي يحظر عمليات النقل القسري تحت أي ظرف كان. جاء مثله موقف إيطاليا، الذي ركز على ضرورة المشاركة الدولية لإعادة إعمار غزة، متجاهلا خطورة التهجير القسري باعتباره جريمة دولية. اما الاتحاد الأوروبي، فحتى كتابة هذا البيان الصحفي، لم يصدر منه أية موقف بالقبول أو الرفض، وهو ما يشير الى رضاه او تواطئه.

 

إن منع ومواجهة هذه التدابير من قبل الدول لا تتم من خلال التصريحات السياسية الفارغة، ولا تقتصر على الرفض القطعي لهذه الخطط، بل تتطلب تدابير عملية من خلال الوقوف امام مسؤولياتها الدولية وعزل المنظومة الإسرائيلية وفرض العقوبات العسكرية والسياسية والاقتصادية عليها. علاوة على ذلك، تقع على الدول جميعها مسؤولية حماية الأونروا من خلال تزويدها بالدعم السياسي والمالي والفني لضمان قدرتها على تقديم المساعدات اللازمة، إضافة الى اتخاذ جميع الإجراءات للضغط على المنظومة الإسرائيلية لإلغاء قوانين حظر الوكالة.

 

إن الحل الأمثل من الناحية العملية والقانونية لقضية المهجرين قسرا هو تسهيل عودتهم إلى المناطق التي هُجّروا منها في قطاع غزة وضمان تقديم المساعدات الأساسية لهم وإعادة الإعمار. بعبارة أخرى، إن الدول جميعها ملزمة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع المزيد من التهجير القسري، وبدون المساعدات الأساسية التي من شأنها أن توفر المأوى والمياه والغذاء والوقود والإعمار، لن يتمكن الفلسطينيون من إعادة بناء حياتهم في قطاع غزة. وكما ذكر المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، في خطابه أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فإن "وقف إطلاق النار في غزة يجب أن يتبعه انتقال سياسي يتضمن الانتهاء التدريجي والمنظم لولاية الأونروا"، مؤكداً أن عمل الأونروا سيبقى مستمرا لحين ممارسة اللاجئين الفلسطينيين حقهم في العودة.