أخبار بديــل
بعد 83 يوماً من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة، أصبح من الواضح ان التطهير العرقي للشعب الفلسطيني لا يزال الهدف الاساسي لمنظومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي. فقد قدم حزب الليكود الإسرائيلي مقترح خطة يهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسراً من قطاع غزة، حيث يتضمن المشروع ضغطا على الدول الاخرى لاستضافة اللاجئين الفلسطينيين باعتبارهم "مهاجرين". وتحت ذريعة تشجيع "الهجرة الطوعية" لأغراض إنسانية، والذي يتضمن أيضًا إنشاء لجنة متخصصة تضمن لكل فلسطيني "ينوي" "الهجرة" إلى دولة اخرى "الهجرة" بنجاح.
عندما يكون الاختيار بين الموت والجوع والعطش والجفاف والمرض والتهجير وبين مغادرة قطاع غزة، فإن الفلسطينيين ليس لديهم فعلا خيار حقيقي عدا المغادرة، وليس في هكذا مغادرة أي شيء طوعي. في الواقع، هذا هو تعريف البيئة القهرية. ان البيئة القهرية الممنهجة وواسعة النطاق التي تم انشائها في قطاع غزة لا تطاق، وهي تؤدي بالفعل إلى تهجير قسري لأكثر من 80% من 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة. فحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية دمرت بالفعل كل جانب من جوانب الحياة الإنسانية للفلسطينيين: فقد دمرت أكثر من 65000 منزل، والحقت أضرارا بـ 305 مدرسة، واستهدفت بشكل واسع أكثر من 130 منشأة طبية، واجبرت السكان ايضا على إخلاء منازلهم ومدنهم، مما تركهم جوعى وعطشى ومرضى وجرحى ومعرضين للأمراض. بالإضافة الى ذلك، لم تبذل إسرائيل أي جهد لضمان اخلاء مناسب او إنشاء ملاجئ آمنة. في الواقع، فعلت اسرائيل العكس: حيث قصفت بشكل متكرر الملاجئ والمناطق التي طالبت المدنيين الفلسطينيين بالتوجه إليها، وأيضا تقوم باستهداف دائم لشارع صلاح الدين الذي يربط شمال غزة بالجنوب، مما يجعل المرور من هذا الطريق صعبًا للغاية، ناهيك عن تعرض الفلسطينيين الذين يمرون منه الى الاستهداف المستمر من قصف ومهاجمة.
ان خطة مشروع القانون المقترح تحظى بدعم الكثير من المسؤولين الإسرائيليين وأعضاء الكنيست. حيث في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، نشر وزير المالية الإسرائيلي، سموتريش، منشورًا على حساب فيسبوك رحب فيه بمبادرة استضافة الدول الأخرى للفلسطينيين، وقدمها على أنها "الحل الصحيح والإنساني لسكان غزة والمنطقة بأكملها". ويزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "المشكلة" التي يعمل على حلها حالياً هي إقناع الدول الأخرى "باستيعاب" الفلسطينيين. وفي سياسة غير بريئة ومخادعة، طلب وزير الهجرة الكندي، مارك ميللر، من وزارته أن تكون "مرنة قدر الإمكان" من أجل لم شمل الفلسطينيين في كندا مع أفراد أسرهم من غزة. اما المرشحة الرئاسية للحزب الجمهوري لعام 2024، نيكي هيلي، فإنها تفضل أن تستضيفهم قطر وإيران وتركيا بعد أن طلبت من نتنياهو "القضاء عليهم". هذا، وكما وأعلن داني دانون، عضو الليكود والمؤيد للمقترح الجديد، أن الدول العربية هي التي يجب أن تستقبل اللاجئين الفلسطينيين من غزة.
وبغض النظر عن ذلك، فإن دعم مثل هذه المبادرات أو تشجيعها يدل على تواطؤ الدول الأخرى في التهجير القسري للفلسطينيين، والذي يعد جريمة حرب وأيضا جريمة ضد الإنسانية، حتى لو كان ذلك تحت "نوايا إنسانية"، لأن البيئة القهرية الإسرائيلية التي لا تطاق تلغي الإرادة الحرة أو الموافقة الحقيقية من أساسها.
ووفقاً للمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان والمهجرين داخلياً، جافيريا بيتانكور: "تسعى إسرائيل إلى تغيير تركيبة سكان غزة بشكل دائم من خلال أوامر الإخلاء المتزايدة باستمرار والهجمات واسعة النطاق والممنهجة على المدنيين والبنية التحتية المدنية في المناطق الجنوبية من القطاع المحاصر." وأضافت أيضًا أن أعمال إسرائيل ترقى إلى مستوى جرائم الحرب المتمثلة في العقاب الجماعي والتهجير القسري.
إن أي دولة تدعم و/أو تبادر و/أو تسهل التهجير في داخل او من قطاع غزة تعتبر متواطئة في النكبة المستمرة للشعب الفلسطيني وجرائم التهجير القسري، حتى لو تم تسويق هذا التهجير تحت أهداف إنسانية مزعومة.
ان الطريقة الوحيدة لإنهاء تهجير الفلسطينيين دون تواطؤ هي من خلال:
- ضمان وقف فوري ودائم لإطلاق النار، بما في ذلك الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
- إدخال مساعدات غير المشروطة وغير المقيدة عبر دعم وكالات الأمم المتحدة، وخاصة الأونروا، وتوفير الملاجئ الآمنة.
- انهاء الحصار المستمر منذ 17 عاما على قطاع غزة.