أخبار بديــل

نداء من أجل تفعيل قرار "الاتحاد من أجل السلام" لوقف الإبادة في غزة
نداء من أجل تفعيل قرار "الاتحاد من أجل السلام" لوقف الإبادة في غزة

مع شلل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بسبب استخدام الولايات المتحدة المتكرر لحق النقض (الفيتو)، صار من واجب الجمعية العامة تفعيل قرار "الاتحاد من أجل السلام" لإنهاء الإبادة الجماعية في غزة. يمنح قرار رقم 377 (د-5) لعام 1950، المعنون: "الاتحاد من أجل السلام"، الجمعية العامة صلاحية اتخاذ إجراءات جماعية حين يفشل مجلس الأمن بسبب فيتو الأعضاء الدائمين. واستنادًا إلى نموذج ناميبيا، يمكن للجمعية العامة اتخاذ إجراءات ملموسة، بما في ذلك فرض عقوبات، وفرض حظر على الأسلحة، وعزل نظام الاستعمار الإسرائيلي، وضمان سير التدخلات الإنسانية التي تقودها الأونروا لإنهاء الإبادة الجماعية.

 

في سياق غزة، يؤكد عقد الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة بشأن فلسطين بشكل متكرر على قدرة الجمعية العامة على الاستجابة في حال عجز مجلس الأمن عن اتخاذ أي إجراء بسبب الفيتو الأمريكي. وفي الوقت نفسه، تتواطأ العديد من الدول الأعضاء، ولا سيما الولايات المتحدة نفسها، في تمكين واستمرار الإبادة الجماعية التي يرتكبها نظام الاستعمار الإسرائيلي، بالإضافة إلى العديد من الجرائم الدولية. وهذا يزيد من أهمية تحرّك الدول من خلال الجمعية العامة عبر تفعيل آلية "الاتحاد من أجل السلام" من أجل فرض حزمة شاملة من العقوبات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي.

 

تُبرز حالة ناميبيا إمكانات مبادرة "الاتحاد من أجل السلام". ففي عام ١٩٨١، عقدت الجمعية العامة دورة استثنائية طارئة بشأن احتلال نظام الابرتهايد في جنوب إفريقيا غير الشرعي لناميبيا. ركزت القرارات الأولية على الإدانة، وتأكيد الحقوق، والدعوة إلى تقديم الدعم المادي والمالي والعسكري لحركة التحرير. فيما بعد، تجاوزت القرارات مجرد الإدانة لتطبيق عقوبات شاملة، وعزل دبلوماسي، ومقاطعة اقتصادية لنظام الأبارتهايد الجنوب أفريقي. وكانت هناك مواعيد محددة للدول الأعضاء لتقديم تقارير عن الإجراءات المتخذة، مما خلق حلقة مستمرة من المساءلة. كما تم إنشاء هيئة مراقبة خاصة، مجلس الأمم المتحدة لناميبيا، لمتابعة التنفيذ، وإبقاء القضية على جدول الأعمال، وضمان استمرار الضغط الدولي. جمعت هذه الهيئة تقارير الدول، ورصدت الالتزام، ورفعت تقارير دورية للجمعية العامة حول مدى امتثال الدول للتدابير الخاصة باسم ناميبيا. وقد كانت هذه الآلية أساسية في تفكيك نظام الابرتهايد وتحقيق حرية ناميبيا.

 

هناك عنصر آخر مهم في حالة ناميبيا يكمن في قوة ودقة لغة القرارات التنفيذية، والتي لا تترك أي غموض حول التزامات الدول والتدابير المطلوبة. فتم تكليف الدول بإجراءات مباشرة ومحددة: تقديم الدعم المالي والمادي والعسكري لمنظمة شعب جنوب غرب أفريقيا (SWAPO) بعد الاعتراف بها كممثل وحيد وشرعي للشعب الناميبي؛ التعاون الكامل مع مجلس الأمم المتحدة لناميبيا؛ وفرض عقوبات شاملة على نظام الابرتهايد في جنوب أفريقيا. في المقابل، تميل القرارات بشأن فلسطين إلى اعتماد لغة غامضة وإجراءات غير محددة مثل دعوة الدول إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان التزام النظام الإسرائيلي بالقانون الدولي، أو اعادة تأكيد مسؤولية الأمم المتحدة في حل "القضية الفلسطينية". لا تفرض هذه الصياغات إجراءات معينة بوضوح، ولا تخلق التزامات قابلة للتنفيذ، ولا تضع آليات للمساءلة، مما يحد من قدرة الجمعية على ضمان الامتثال الفعال.

 

الوضع في فلسطين اليوم يتطلب اتباع نهج مشابه لما تم في ناميبيا. الجلسة الاستثنائية العاشرة الطارئة بشأن فلسطين، والتي عُقدت لأول مرة عام 1997 وتكررت عدة مرات، لم تغير بعد الظروف على الأرض لصالح الفلسطينيين. ويبرز الفيتو الأمريكي الأخير - السادس منذ بداية الإبادة في غزة - استمرار عرقلة قرارات مجلس الأمن، مما يترك المجلس وآلياته عاجزين في مواجهة الإبادة الجماعية في غزة، واستخدام المجاعة كسلاح حرب، واستمرار الفصل العنصري والاستعمار الإسرائيلي.

 

في خطابه أمام الأمم المتحدة في 23 أيلول 2025، دعا الرئيس الكولومبي غوستافو بترو الدول إلى تنفيذ قرار 377: ”يجب على الأمم المتحدة قبل كل شيء وقف الإبادة الجماعية في غزة“. وقد أشار الرئيس الكولومبي إلى نظام الاستعمار الإسرائيلي والولايات المتحدة وحلفائهما الأوروبيين باعتبارهم أطرافًا متواطئة، وحث على محاسبتهم. ومع استمرار الإبادة الجماعية في غزة منذ ما يقرب من عامين، يؤكد نداؤه على الحاجة الماسة إلى اتخاذ الدول إجراءات فورية. يجب على الدول الأعضاء عقد الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة واعتماد تدابير فعالة كما هو موضح في حالة ناميبيا، بما في ذلك:

  • فرض حظر إلزامي على الأسلحة في كلا الاتجاهين، وعقوبات دبلوماسية، واقتصادية، وأكاديمية، وثقافية، ورياضية شاملة؛
  • إنشاء آلية مساءلة، مثل مجلس الأمم المتحدة لناميبيا، لمراقبة التزام الدول؛
  • تشكيل لجنة خاصة مستقلة لجمع وتوثيق أدلة الإبادة، إلى جانب محكمة خاصة لغزة لضمان المساءلة والإجراءات القانونية؛
  • إنشاء لجنة للأمم المتحدة خاصة بحق الفلسطينيين في جبر الأضرار التي لحقت بهم، تركز على إعادة الإعمار في قطاع غزة وفق نهج جبر الضرر القائم على الحقوق؛
  • حظر أنشطة المؤسسات، والمنظمات، والشركات الإسرائيلية والصهيونية داخل حدود الدول، ردًا على إجراءات حظر الأونروا من قبل المنظومة الاستعمارية؛
  • تفكيك ما يسمى بـ منظمة غزة الإنسانية (GHF)، وإعادة النظام الذي تقوده الأمم المتحدة من خلال تجديد ولاية الأونروا وتمويل عملياتها بالكامل، وحماية موظفيها، والحفاظ على برامجها الأساسية.

 

إن الدول ملزمة بالعمل فرديًا وجماعيًا لإنهاء الإبادة الجماعية. الخيار أمام الجمعية العامة واضح: إما الحفاظ على مصداقية منظومة الأمم المتحدة من خلال التحرك بحزم في ظل فشل مجلس الأمن، أو البقاء متواطئة في الإبادة الجماعية الجارية في غزة. يوفر قرار” الاتحاد من أجل السلام“ الإطار القانوني والسياسي للدول الأعضاء للوفاء بالتزاماتها ومواجهة الإبادة الجماعية بشكل جماعي، كما انه يعزز واجب التزام كل دولة بفرض عقوبات بشكل فردي.