أخبار بديــل

يرحب مركز بديل بمبادرة النرويج المتمثلة في طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة A/RES/79/23 بشأن "التزامات إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة وقوة محتلة". ومع ذلك، فإنه يلزم التأكيد على أن الحقوق الأساسية وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني مكفولة في العديد من الأطر القانونية الدولية، وقد تم الاعتراف بها وإعادة تأكيدها في العديد من قرارات الأمم المتحدة. كما أن التزامات "إسرائيل" بتقديم الدعم والمساعدات وضمان رفاهية الفلسطينيين محددة بوضوح بموجب القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني ، إضافةً إلى القانون الدولي العرفي، وقوانين اللاجئين والقانون الدولي الجنائي.
ما يهم فعلاً طلبه من الأطراف المشاركة في هذا الرأي الاستشاري هو ليس فقط إعادة التأكيد على ما هو معروف أساساً من التزامات دولية تقع على عاتق نظام الاستعمار والابرتهايد الإسرائيلي، ولكن أيضاً الاعتراف بأنه، ومنذ إنشائها، لم تكن لدى "إسرائيل" أي نية للوفاء بهذه الالتزامات. وهذا لا يشمل فقط امتناع النظام الإسرائيلي عن تقديم المساعدات الإنسانية وحماية واحترام الأمم المتحدة ووكالاتها، بل يشمل أيضاً عدم التزامه بضمان الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعودة. لذلك، وبسبب امتناع النظام الإسرائيلي على نحو مستمر وصارم عن الوفاء بالتزاماته، فإن المطلوب هو تفعيل مسؤولية المجتمع الدولي والأطراف الثالثة: لتقديم الحماية الدولية للفلسطينيين، ولا سيما اللاجئون الفلسطينيون الذين يشكلون 42 بالمئة من السكان في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967.
لكي يكون هذا الرأي الاستشاري فعّالاً، يجب أن يتجاوز مجرد التذكير والدعوة إلى الامتثال - وهو ما ظل المجتمع الدولي يفعله لعقود دون أي تغيير في التزام النظام الإسرائيلي بالقانون الدولي أو واجباته الدولية. بدلا من ذلك، لقد أدى غياب المساءلة إلى فرض نظام الاستعمار والابرتهايد الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني بأسره لمدة تجاوزت 76 عاماً، إلى جانب إبادة جماعية مستمرة لأكثر من 15 شهراً في قطاع غزة. بدون إجراءات حقيقية وعملية لفرض الامتثال، سيستمر ارتكاب الانتهاكات والجرائم بحقّ الشعب الفلسطيني.
لذلك، يجب أن تتضمن المشاركة في إجراءات محكمة العدل الدولية طلبات لتحديد تدابير واضحة تضمن كيفية إلزام النظام الإسرائيلي بالامتثال. والسؤال الذي يجب طرحه على المحكمة والإجابة عليه هو: ما هي التدابير التي يجب اتخاذها عندما يرفض النظام الإسرائيلي مرة أخرى الامتثال لالتزاماته؟
يجب أن تدعو المشاركات/المرافعات المحكمة إلى تحديد إجراءات ملموسة على الدول والمنظمات الدولية والأمم المتحدة اتخاذها، والتي يفترض ان تشمل على سبيل المثال لا الحصر:
- إلغاء عضوية وامتيازات إسرائيل في الأمم المتحدة (تطبيق المادة 6 من ميثاق الأمم المتحدة) للضغط على النظام الإسرائيلي لإلغاء القوانين والسياسات والإجراءات الإسرائيلية التي تحظر وتقيّد عمل الأونروا وتستبدلها، وإعادة جميع امتيازات الوكالة الأممية واحترامها.
- فرض تدابير عملية مثل العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية.
- حماية ودعم الأمم المتحدة: توسيع الدعم المالي والتقني والتشغيلي ورفض جميع المحاولات الرامية إلى تجريم أو تقليص تمويل الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وخاصة الأونروا.
- المطالبة بالتعويضات وضمانات عدم التكرار عن الأفعال غير المشروعة دولياً، بما يشمل الضرر والخسائر والإصابات التي لحقت بالأشخاص الطبيعيين والاعتباريين، بما في ذلك تدمير الممتلكات الدولية وإلحاق الضرر بالبنية التحتية للأمم المتحدة وقتل المئات من موظفيها.
- محاكمة الجرائم الجسيمة في المحاكم الوطنية للدول بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، بما في ذلك التهجير القسري والاستعمار.
إن توفير الحماية الدولية بما في ذلك المساعدات الإنسانية لمن يستحقها لا يجب أن يكون مشروطاً بإرادة أي دولة، خاصةً إذا كانت هذه الدولة مرتكبة للجرائم الدولية مثل التهجير القسري والاستعمار والفصل العنصري والإبادة الجماعية.
لذلك، يقع على عاتق الأطراف الثالثة أيضاً ما يلي: رفض أية مشاريع أو محاولات لتهجير الفلسطينيين قسراً، وفضح ورفض استخدام المساعدات كأداة لإجبار الدول على الاستسلام، تعزيز إحقاق الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعودة من خلال تبني نهج قائم على الحقوق في تفكيك الاستعمار.
لقد حان الوقت لتجاوز التذكير والمناشدات. إن عدم توافر الإرادة لدى النظام الإسرائيلي للوفاء بالتزاماته وتوفير الحماية يعني أنه قد آن الأوان لتفعيل التزامات المجتمع الدولي والأطراف الثالثة بشكل حقيقي وعملي.