أخبار بديــل
8 تشرين الأول 2025
إن خطة ترامب المكونة من 20 نقطة، والتي قُدّمت على أنها السبيل لتحقيق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وإقامة هيكل حكم انتقالي في قطاع غزة، ليست سوى أداة أخرى لتعزيز الهيمنة الاستعمارية الاحلالية الإسرائيلية. وتقوم الخطة على مرحلتين: الأولى، الإفراج عن الأسرى إلى جانب انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خط متفق عليه؛ والثانية، نزع السلاح من غزة في مرحلة لاحقة. ولكن، إن هذه الأهداف المعلنة تخفي الهدف الأساسي للخطة المتمثل في ترسيخ السيطرة الاستعمارية للنظام الإسرائيلي على القطاع وخارجه. تعمل المرحلة الأولى كخطوة سياسية لتأمين النفوذ وتبرير استمرار الوجود العسكري، وفي الوقت نفسه، توسع في مرحلتها الثانية نطاق السيطرة الاستعمارية من خلال تدويل ”إدارة“ غزة، وتجريد الفلسطينيين من مؤسسات الحكم، وانتهاك حقهم في تقرير المصير.
هدد كل من ترامب ونتنياهو بفسخ الاتفاق إذا لم تفي حماس بالشروط المفروضة عليها بالوتيرة التي يحددانها. في بيان مشترك صدر عن ترامب ونتنياهو أعلنا فيه عن الخطة، قال ترامب: "ستحظى إسرائيل بدعمي الكامل لإنهاء المهمة". وكرر نتنياهو هذا لاحقًا معلنًا أن القوات الإسرائيلية ستكمل "المهمة" بالقوة: "سيحدث هذا إما عبر مسار دبلوماسي وفقًا لخطة ترامب - أو عبر مسار عسكري من جانبنا". يكشف البيان المشترك لترامب ونتنياهو أن الأجندة الأساسية هي إعادة فرض السيطرة على قطاع غزة وتوسيع المشروع الاستعماري الإسرائيلي من خلال الحكم الإقليمي واستغلال أراضي غزة ومواردها، باستخدام الخطة كآلية متعمدة للحفاظ على الهيمنة الإسرائيلية.
في الرابع من تشرين الأول، قال نتنياهو: "سأتمكن من إبلاغكم بعودة جميع أسرانا، أحياءً وأمواتًا، دفعةً واحدة، بينما يبقى جيش الدفاع الإسرائيلي متمركزًا في عمق القطاع وفي المناطق الخاضعة لسيطرته"، وهذا يشكل تعارضاً مباشراً مع خط الانسحاب المفترض المحدد في الخطة. وأكد كذلك أن القوات الإسرائيلية ستشرف على عملية نزع السلاح، وستتحكم في الترتيبات الأمنية المستقبلية، واضعاً نفسه في موقع السلطة التي تراقب وتسهل تنفيذ الخطة وسلطة القاضي الذي يحكم على مسار التنفيذ. كما أصدر نتنياهو تعليماته لفريقه بالسفر إلى مصر للتفاوض على المرحلة الأولى من الخطة فقط، وهي خطوة تُمكّنه من الاحتفاظ بالسيطرة على المراحل المتبقية. بتركيزه على إطلاق سراح الأسرى، يُصوّر نتنياهو النظام الإسرائيلي على أنه "متعاون"، بينما يترك جميع الخطوات اللاحقة، بما في ذلك وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وإعادة إعمار غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية، دون التزام أو وضوح. وهذا يُظهر أن الخطة بُنيت بالكامل لخدمة التطلعات الاستعمارية لكل من النظامين الأمريكي والإسرائيلي.
في النهاية، أعلن نتنياهو عن نية المنظومة الاسرائيلية في التوسع الاستعماري خارج غزة من خلال ”تغيير وجه الشرق الأوسط“ ومواصلة ”العمل لضمان بقاء إسرائيل“. يُظهر هذا التصريح أيضًا أن ضمانات ترامب المزعومة بحماية الدول العربية ليست ثابتة، بل تُستخدم للضغط على حماس للامتثال. وتُوضح هذه التصريحات أن النظام الاستعماري الإسرائيلي يخل بالخطة حتى قبل أن تبدأ، بينما تقف الولايات المتحدة إلى جانبه.
لقد غيّرت تصريحات ترامب ونتنياهو بشكل جوهري الإطار الذي كان أصلا يفتقر إلى الشرعية القانونية والدولية والحياد والمساءلة وأي ضمان لإنهاء الإبادة الجماعية، ناهيك عن وقف إطلاق النار الدائم.
بقبولها خطة ترامب والترويج لها، تتهرب الدول من مسؤوليتها في فرض عقوبات سياسية واقتصادية وعسكرية، وتُرسّخ تواطؤها في الإبادة الجماعية الإسرائيلية والجرائم الدولية. الدول ملزمة - مع أو بدون الاتفاق - بالتحرك بشكل جماعي، من خلال قرار ”الاتحاد من أجل السلام“، وبشكل فردي لوقف الإبادة الجماعية وضمان المساءلة.
وطالما أن الدول ترفض الوفاء بالتزاماتها، يجب على حركات التضامن العالمية ألا تكتفي بمواصلة عملها فحسب، بل أن تصعد من أعمالها الميدانية المباشرة لزعزعة الوضع السياسي القائم في دولها حتى تتحرر فلسطين وتُستعاد الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، لا سيما حق تقرير المصير وحق العودة.