أخبار بديــل
في خضم الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة المستمرّة على قطاع غزّة والتهجير القسري في الضفة الغربية، يشكّل التقييم الاستراتيجي الذي أصدرته الأمم المتحدة مؤخراً فيما يخص وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، خطةً لتنظيم انهيار الوكالة ومحو آخر مؤسسة عاملة تخدم أكثر من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني.
يحدّد بديل/ المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين والشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين مخاطر هذا التقييم، ويقدّم التوصيات لجميع الجهات المعنية في ورقة الموقف: "هندسة انهيار الأونروا: مراجعة التقييم الاستراتيجي للأمم المتحدة بشأن الأونروا وحقوق اللاجئين الفلسطينيين".
يطرح التقييم الاستراتيجي، الذي نشر بتكليف من الأمين العام للأمم المتحدة استجابة للضغوط السياسية والمالية، أربعة سيناريوهات مستقبلية للأونروا - جميعها تتعامل مع انهيارها على أنه أمر لا مفرّ منه. وبدلاً من العمل على تعزيز ولاية الوكالة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302، لدعم تنفيذ القرار 194، يُصوّر التقرير الأونروا كعبء سياسي، مُشيراً إلى أن تفكيكها وشيك.
يُخرج التقييم دور الأونروا من سياقه، ويعطي الأولويّة لمصالح المنظومة الإسرائيلية والدول الاستعمارية الغربية، ويقترح تطبيق إصلاحات على ولاية الوكالة التي من شأنها تجزئة مسؤولية الحماية للاجئين، ونقل مسؤوليات الوكالة الى الدول المضيفة. تُحاكي هذه المقترحات استراتيجيات راسخة لحلّ الأونروا وتقويضها دون معالجة الأسباب الجذرية لتهجير الفلسطينيين قسراً.
كما يتجاهل التقرير حلول التمويل الممكنة، مثل دمج ميزانية الأونروا في الميزانية العادية للأمم المتحدة أو استخدام عائدات ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين الواجب حفظها للاجئين كأمانة. ناهيك عن تضييق التقرير نطاق مسألة التمويل بشكل مُصطنع، مصوّراً الأزمة المالية والانهيار على أنهما أمران لا مفر منهما.
والأخطر من ذلك، أنّ التقييم يطرح مبدأ الحياد بصبغة استعمارية، مصوّراً الأونروا كأداة وُجدت لتحقيق استقرار المنظومة الإسرائيلية في المنطقة، ولخدمة الأهداف السياسية للدول المانحة. وبذلك، يُساهم التقييم في إعفاء الأمم المتحدة والدول الأعضاء من مسؤولياتهم التاريخية والقانونية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، الذين هُجّروا قسراً على يد منظومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلية.
يُمثّل إصدار ورقة الموقف هذه دعوة للدول ووكالات الأمم المتحدة والخبراء القانونيّين والمدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني بضرورة رفض إعادة هيكلة الأونروا على أساس الأجندات الاستعمارية، ووجوب الدفاع عن ولايتها بموجب قرار رقم 302. إن وجود الوكالة لا ينفصل عن إعمال حقّ اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين في جبر الضرر، بما يشمل العودة الى الديار الأصلية، واستعادة الممتلكات، والتعويض، وضمان عدم التكرار.
الأونروا وخدماتها حقّ لنا حتى العودة