أخبار بديــل

لن تتراجع منظومة الاستعمار والفصل العنصري الاسرائيلي عن إجراءاتها وتشريعاتها غير القانونية ضد الأونروا دون فرض العقوبات عليها
لن تتراجع منظومة الاستعمار والفصل العنصري الاسرائيلي عن إجراءاتها وتشريعاتها غير القانونية ضد الأونروا دون فرض العقوبات عليها

أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الحادي عشر من كانون الاول 2024، قرارًا بعنوان "دعم تفويض وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى [الأونروا]" ردًا على القوانين التي أصدرها الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا والتي ستحظر وجود وعمل الوكالة في فلسطين الانتدابية بحلول نهاية كانون الثاني 2025. وفي الوقت الذي يعبر فيه القرار عن "القلق" إزاء حملة التفكيك المستمرة ضد الأونروا، ويحث الدول على زيادة "مساهماتها الطوعية"، فإنه يفشل في دعوة الدول إلى اتخاذ اجراءات محددة وقابلة للتنفيذ لمنع "إسرائيل" من إنفاذ وتطبيق قوانينها ضد الأونروا، أو لوقف حملة التفكيك أو لمحاسبتها. ولم يفشل القرار في ممارسة ضغط فعال على منظومة الاستعمار والفصل العنصري الاسرائيلي للامتثال لالتزاماتها ومسؤولياتها الدولية فحسب، بل مهد الطريق أمام الدول الأخرى لتجنب مسؤولياتها - مثل قرار الحكومة السويدية بوقف تمويل الأونروا في عام 2025 -.

 

إن القوانين الصادرة عن الكنيست الإسرائيلي، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 28 كانون الثاني 2025، ستقضي على عمل الأونروا في الضفة الغربية وقطاع غزة، مما سيؤدي إلى تفاقم حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في القطاع، وبالتالي قطع وصول المساعدات والخدمات الاساسية للسكان الفلسطينيين المهجرين والمحاصرين والجائعين والمصابين. إن قرار السويد بوقف تمويل وكالة الاونروا، بعد أيام فقط من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، يُظهر بشكل واضح دعمها لهدف منظومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي المتمثل في تفكيك الأونروا والقضاء عليها، ويساهم أيضا في حرب الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، وعدم احترامها لالتزاماتها.

 

وباعتبارها وكالة تابعة للأمم المتحدة، فإن حماية الأونروا ومنشآتها وخدماتها وموظفيها هي التزام يقع على عاتق جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. كما أنه من واجب الدول، بحكم عضويتها، المساعدة في تنفيذ القرارات التي اتخذتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، بما في ذلك القرار 194. وفي خضم الإبادة الجماعية المستمرة والجهود المتصاعدة التي تبذلها منظومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي للقضاء على الأونروا، جاء قرار الجمعية العامة بلغة ضعيفة، متجنباً تقديم اية مطالب مباشرة وقابلة للتنفيذ على الدول بل ويضع أعباء إضافية على الأونروا.

 

إن أهمية الأونروا تتجاوز مجرد تقديم المساعدات والخدمات للاجئين الفلسطينيين. وبما أنها مكلفة بالعمل حتى يتم تطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 ــ أي حتى تنفيذ حق الفلسطينيين في جبر الضرر (بما في ذلك الحق في العودة واستعادة الممتلكات والتعويض) ــ فإن الوكالة تلعب دوراً مهماً وحاسماً في قضية اللاجئين الفلسطينيين وحمايتهم. والقوانين التي أقرها الكنيست لا تعتبر هجوماً معزولاً على الوكالة، بل هي جزء لا يتجزأ من حملة مستمرة منذ عقودً  تهدف إلى القضاء على الأونروا ومعها حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

 

وبدلا من اصدار قرارات محددة قابلة للتنفيذ من جانب الدول، يدعو القرار الأونروا إلى تطبيق التوصيات المنحازة الصادرة عن "المراجعة المستقلة للآليات والإجراءات لضمان التزام الأونروا بمبدأ الحياد الإنساني" (تقرير كولونا)، في الوقت الذي تواجه فيه الأونروا ممارسات إسرائيلية تهدف إلى إنهاء اصل وجودها. وبذلك، يتجاهل القرار الاتزامات الواقعة على عاتق الدول بحماية أرواح اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين، فضلاً عن الأونروا وعملياتها في فلسطين.

 

إن التوقع بأن يتوقف المضطهِد (المنظومة الإسرائيلية) عن اجراءاته بناءً على المناشدات والتصريحات الشفهية فقط، دون اتخاذ أي ضغوط حقيقية أو إجراءات ملموسة، أمر غير واقعي وغير فعال ايضاً. إن مثل هذه الدعوات الفارغة تؤكد استمرار فشل الأمم المتحدة في ضمان الحماية الدولية الواجبة للاجئين الفلسطينيين.

 

يجب على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تدعو الدول إلى اتخاذ إجراءات حاسمة ومباشرة ليس فقط لوقف الحملة الاسرائيلية التي تهدف الى تفكيك الاونروا، بل وأيضاً لفرض وقف إطلاق النار ومحاسبة المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية على جرائم الإبادة الجماعية والجرائم الدولية التي ترتكبها. ويشمل ذلك ايضا تنفيذ عقوبات سياسية واقتصادية وعسكرية عليها، والالتزام الحازم بمعارضة أي اجراء يهدف الى القضاء على الأونروا أو استبدالها. وبالاضافة الى ذلك، يجب على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تدعو المنظمات الدولية والقطاع الخاص إلى اتخاذ إجراءات لدعم الأونروا وعزل المنظومة الإسرائيلية من خلال إلغاء عضويتها وامتيازاتها، ووقف أي مساعدة مالية اوتعاون بينهما، وحث الدول الأعضاء على فرض العقوبات على "اسرائيل". هذه هي الطريقة الوحيدة لحماية الأونروا وحقوق اللاجئين الفلسطينيين.