تمويل الاتحاد الأوروبي المشروط سياسيًا: انعدام صفته القانونية وآثاره على المجتمع المدني الفلسطيني

إعداد طاقم البحث في مركز بديل

مقدمة

في أواخر شهر كانون الأول 2019، انطلقت الحملة الوطنية الفلسطينية لرفض التمويل المشروط ردًا على الشروط السياسية التي باتت تُفرض بوتيرة متزايدة على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية، من جانب جماعة المانحين الدوليين، وتحديدًا الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه. وعلى وجه الخصوص، تجسّدت هذه الحملة عندما أُدرجت المادة (1.5) مكرر من الملحق الثاني بشأن الشروط العامة المتعلقة بعقود المنح التي يموّلها الاتحاد الأوروبي ضمن العقود التي يبرمها مع مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية. وتنص هذه المادة على أنه:

«يجب أن يضمن المستفيدون من المنح والمتعاقدون أنه لا وجود لمتعاقدين من الباطن، أو أشخاص طبيعيين، بمن فيهم مشاركون في الورشات و/أو الدورات التدريبية، ومتلقّين للدعم المالي الموجّه إلى أطراف ثالثة، في قوائم التدابير التقييدية الصادرة عن الاتحاد الأوروبي

ومع أن المادة (1.5 مكرر) مصوغة بلغة محايدة، ففيها ما فيها من الإشارات التي تفوح منها رائحة بند ما يسمى مكافحة الإرهاب، وتحمل في طياتها آثارًا بعيدة المدى على من يوقعها من الفلسطينيين. فبالرجوع الى التدابير التقييدي المشار اليها في المادة المذكورة، يتبين انها تفرض التزامًا يملي على أي مؤسسة تتلقى التمويل من الاتحاد الأوروبي أن تصادق على الإطار الأوروبي لمكافحة الإرهاب وأن تتخذ التدابير بناءً عليه، بما يشمله ذلك من اعتماد إجراءات الفحص والتدقيق التي تجريها على نظيراتها، والتأكد من أن أي مبلغ من الأموال لا يصل، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إلى الكيانات أو الأفراد الذين يعتبرهم الاتحاد الأوروبي «إرهابيين».

بوستر الحملة الوطنية لرفض التمويل المشروط، 2021وتقتضي الضرورة أن نفهم المادة (1.5 مكرر) في السياق الذي يقف وراءها وتعمل من خلاله، والذي يتمثل في الحيز المتضائل الذي يواجهه المجتمع المدني الفلسطيني في خضمّ ما تقوم به إسرائيل من خلط باطل في أساسه بين المقاومة المشروعة والإرهاب من جهة، وانتقاد النظام الاستعماري الإسرائيلي القائم على الفصل العنصري ومعاداة السامية من جهة أخرى. وفي الواقع، ارتبط إدراج هذه المادة في العام 2019 بالضغط المتزايد الذي ما فتئت إسرائيل تمارسه على الاتحاد الأوروبي على مدى عدة سنوات سابقة من أجل الحيلولة دون تمويل مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية، وذلك على أساس من ادعاءات زائفة تزعم أن الاتحاد الأوروبي يمول المنظمات غير الحكومية الفلسطينية المرتبطة بما يسمّى الكيانات الإرهابية. وبوجه أعمّ، يعكس هذا البند اعتبارات مكافحة الإرهاب التي تتبناها الدول الغربية المتنفذة، بما فيها تلك الاعتبارات التي ترعاها إسرائيل نفسها، والتعريف الذي تضعه للإرهاب. وتكمن النتيجة السلبية التي لا مفرّ منها في تجريم الحق المشروع المعترف به لأبناء الشعب الفلسطيني في مقاومة الاضطهاد بأي وسيلة مشروعة تتاح له على نحو صريح لا مواربة فيه.

وبناءً على ذلك، تسهم هذه المقالة في بيان عدم قانونية المادة (1.5 مكرر) بصفة خاصة، والتمويل المشروط سياسيًا بصفة عامة، بالنظر إلى أنهما يتجاهلان ويغفلان الحق المعترف به لأبناء الشعب الفلسطيني في خوض المقاومة المشروعة ويخالفان المبادئ التي تحكم العمل الإنساني. كما تسلط هذه المقالة الضوء على الآثار السلبية التي تخلّفها بنود مكافحة الإرهاب التي تنطوي على تجريم مسيرة الكفاح التي يخوضها أبناء الشعب الفلسطيني في مواجهة الهيمنة الأجنبية، مما يسهم في نزع الغطاء السياسي عن المجتمع المدني الفلسطيني وتغريبه وعزله.

 

انتهاك المادة )1.5 مكرر( لمبادئ القانون الدولي والعمل الإنساني

يتعين على الدول أو الهيئات المعنية أو جميعها، في سياق عملها على تشكيل سياسات مكافحة الإرهاب، أن تضمن أن هذه التدابير لا تتعارض مع التزاماتها الناشئة عن القانون الدولي، بما فيه القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وقانون اللاجئين. وعلى النقيض من ذلك، يقوم التمويل المشروط سياسيًا على الوجه الذي تنص عليه المادة (1.5 مكرر)، في أساسه، على السياق الذي تسلكه أوروبا في مكافحة الإرهاب - بمعنى أنها تعتمد نموذجًا عامًا للاستقرار يعكس الحالة الراهنة للعلاقات الدولية في أوروبا – خلافا لسياق التحرر الوطني في فلسطين، الامر الذي يتناقض بالتالي مع القانون الدولي. ومما له أهميته في هذا المقام أن الإطار المناسب الذي ينطبق على حركة الكفاح التي يخوضها أبناء الشعب الفلسطيني في سبيل التحرر ويسري عليه يكمن في حقهم في ممارسة المقاومة المشروعة في وجه السياسات والممارسات الإسرائيلية القائمة على الاستعمار والفصل العنصري. فبموجب أحكام القانون الدولي وقواعده، يرد تنظيم استخدام جميع وسائل الكفاح في سياق إعمال حق الشعوب في تقرير المصير ضمن قواعد تختلف عن القواعد الناظمة للعلاقات بين الدول (بمعنى المساعي الحسنة، والوساطة، والتفاوض، والتسوية القضائية والتحكيم) على غرار ما ينطبق على حالة الاتحاد الأوروبي. ففيما يتعلق بشعب يحارب الاحتلال الأجنبي والاستعمار والهيمنة الأجنبية، يرتبط الإطار الدولي الراسخ الذي يحكم حق هذا الشعب في تقرير مصيره ارتباطًا وثيقًا لا ينفصم عن ممارسة حقه في الكفاح بالوسائل كافة، بما فيها الكفاح المسلح، حسبما يرد الاعتراف بذلك على لسان الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 2105 (د-20). وبذلك، فبينما لا يختصّ إطار الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب بفلسطين بصفة خاصة دون غيرها، الا أن فرض إطار لمكافحة الإرهاب على شعب يخوض الكفاح في سبيل نيل تحرره الوطني يعدّ أمرًا غير مشروع بحد ذاته.

وفضلًا عن ذلك، تشترط المادة (1.5 مكرر) على الفلسطينيين الذين يتلقون المنح أن يمارسوا التمييز بحق أصحاب الحقوق الذين يتعاملون معهم والمستفيدين من خدماتهم على أساس انتمائهم السياسي. وتشكّل الشروط التي توضَع على التمويل الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي تدخلًا في حق الشعب الفلسطيني في تقرير مسار العمل السياسي الذي يرتئيه بحرّية، كما تعمل بطريق غير مباشر على تقويض حقوق أبنائه في المشاركة، والتي يُستنبط منها الحق في تشكيل الأحزاب السياسية، بما يشمله من الحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة وتصريفها، فضلًا عن الحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع.

وعلاوةً على ما تقدم، تُقصي المادة (1.5 مكرر) أي شخص طبيعي أو كيان يرى الاتحاد الأوروبي أنه ضالع في أعمال إرهابية من الاستفادة من المنح التي يقدمها. ويتعارض هذا التمييز الذي يمارَس في توزيع التمويل مع أبسط مبادئ العمل الإنساني التي أقرها الاتحاد الأوروبي بالتوافق  بشأن المعونة الإنسانية، والذي يرتكز في أسسه على مبادئ الحياد والإنسانية والاستقلال والنزاهة. وفي هذا الإطار، لا يُعَدّ التمويل المشروط سياسيًا على الوجه الذي تنص المادة (1.5 مكرر) عليه محايدًا، بل هو قائم على التدخل، لأنه ينطوي على احتمال استبعاد أي عضو من أعضاء المجتمع المدني الفلسطيني، ويشلّ أدوات المقاومة التي تقع في يد الشعب الفلسطيني.

وفي نهاية المطاف، يخفي التمويل المشروط سياسيًا وراءه أهدافًا سياسية من خلال الدفع قُدمًا بمحاربة «الإرهاب»  وتوطيد أركان النهج الذي تعتمده أوروبا تجاه القضية الفلسطينية واجتراح حل «سلمي» لها. وهذا يخالف مبدأ الاستقلال الذي يقضي بأن الأهداف الإنسانية ينبغي أن تبقى بمنأًى عن أي أهداف أخرى. كما تقف هذه الممارسة على طرفيْ نقيض مع مبدأ النزاهة بالنظر إلى أن تمويل الاتحاد الأوروبي لا يقدَّم للمستفيدين منه على أساس الحاجة إليه، بل يُحتمل أن يقدَّم على أساس النشاطية السياسية التي ترتكز في أساسها على الخلط الخاطئ بينها وبين الإرهاب.

وبناءً على ذلك، يتدخل الاتحاد الأوروبي، بفرضه بند مكافحة الإرهاب ضمن عقود المنح التي يبرمها، وبوجه لا يتسنى قبوله والتسليم به في حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وعلى نحو لا يتعارض مع الالتزام الذي أبداه هو نفسه بالمبادئ الإنسانية فحسب، وإنما يتعارض مع التزامه تجاه المجتمع المدني الفلسطيني الذي ينعم بالتعددية وإعمال حقه في الحرية والاستقلال وتقرير المصير. فعلى نقيض هذه الالتزامات، تحول المادة (1.5 مكرر) دون تمويل مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني التي يحتل عملها أهمية حاسمة في دعم التجمعات السكانية الفلسطينية التي تهددها السياسات الإسرائيلية القائمة على الترحيل والتهجير القسريّين والاستعمار والضم والفصل العنصري.

 

الآثار المترتبة على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية: تجريم المقاومة المشروعة ونزع الصفة السياسية عنها وتغريبها وعزلها

من الناحية العملية وعندما ننظر في الآثار والتداعيات التي تفرزها المادة (1.5 مكرر)، يتضح أن الاتحاد الأوروبي يشترط على الفلسطينيين الذين يتلقون المنح التي يقدمها لهم، وبصفتهم شركاء متعاقدين معه، أن يقرّوا بالتدابير التقييدية التي يرعاها، بما فيها قائمة العقوبات، وأن يصادقوا عليها ويتقيدوا بها. فحتى يومنا هذا، تشمل الكيانات الفلسطينية التي ترد على هذه القائمة حركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية - القيادة العامة، ولم تُدرج أسماء أفراد فلسطينيين على القائمة المذكورة (حتى الآن). ويستند إدراج هؤلاء على قائمة العقوبات، وتصنيفهم ضمن خانة الإرهابيين، في أساسه إلى التعريف الفضفاض الذي يقرّه الاتحاد الأوروبي لمفهوم الأعمال الإرهابية، مما يفضي بطريقة مقصودة أو غير مقصودة إلى المساواة بين المقاومة المشروعة والإرهاب. وفي الواقع، يلف الغموض والإبهام التعريف الذي يضعه الاتحاد الأوروبي للأعمال التي يعتبرها من ضرب الإرهاب ويدرجها على قائمة الأعمال الإرهابية، حيث تضم طائفة واسعة من الأعمال التي لا تقتصر على الكفاح المسلح.

إن قصور التعريف الذي يراه الاتحاد الأوروبي عن التمييز بين الأعمال الإرهابية والكفاح المشروع الذي يخوضه شعب من الشعوب في سبيل التحرر من الهيمنة الأجنبية يقف حجر عثرة أمام حق ذلك الشعب في مقاومة الاستعمار والفصل العنصري والاضطهاد - لا سيما إذا وضعنا في الاعتبار غياب تعريف معترف به دوليًا للإرهاب. ويفرض الاتحاد الأوروبي، بدلًا من أن يضع هذا التمييز في اعتباره، تعريفًا على أبناء الشعب الفلسطيني يدّعي فيه أنهم يقترفون أعمالًا إرهابية، وما يقترن بهذا التعريف من ترتيب مسؤوليات لا تراعي في أي وجه من الوجوه السياق القانوني والسياسي الذي يخصهم. ونتيجةً لذلك، يعمل وسم الإرهاب على تجريم المقاومة المسلحة المشروعة بأشكالها ووجوهها كافة ونزع الصفة الشرعية عنها وتشويهها والتشهير بها، بما يشمل ودون الاقتصار على الحق الواجب لأبناء هذا الشعب في خوض الكفاح المسلح، الذي يكتسي مع ذلك طابعًا قانونيًا بموجب القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويرد الاعتراف به على أنه من حق الشعب الفلسطيني في السياق المحدد الذي يسم المقاومة التي يخوضونها في سبيل التحرر من نير الهيمنة الاستعمارية.

ولا تجبر المادة (1.5 مكرر) المجتمع المدني الفلسطيني على التنازل عن حق الفلسطينيين المشروع في المقاومة فحسب، وإنما تضطرهم أيضًا إلى التسليم بالتصنيف الذي يُجريه الاتحاد الأوروبي على الأحزاب السياسية الفلسطينية الواردة أعلاه باعتبارها أحزابًا إرهابية. وفي المحصلة، تواجه مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني معضلة في كيفية العمل مع الأفراد والجماعات الفلسطينية التي تنتمي إلى الأحزاب السياسية المدرجة على قوائم الاتحاد الأوروبي أو تتعاطف معها. وهذا يحدّ من أوجه التفاعل بين المجتمع المدني الفلسطيني والأحزاب السياسية الفلسطينية ويعوق قدرة مؤسساته على أن تتعاطى مع صانعي القرار الفلسطينيين وأن تمارس التأثير عليهم. ونتيجةً لذلك، ينكمش هامش العمل المتاح أمام المجتمع المدني الفلسطيني وينحصر إلى حدّ ينزع طابعه السياسي عنه. وعلاوةً على ما تقدم، تصيب المادة (1.5 مكرر) احترام مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية في مقتل على المستوى الوطني، مما يفضي إلى زعزعة أركان نزاهتها وضرب مصداقيتها في نظر المجتمع الفلسطيني وتقويض أواصر العلاقات المتينة والراسخة بين الشركاء. وبذلك، تغذي هذه المادة تفتيت عرى الوئام بين أبناء المجتمع الفلسطيني وترسخ عزلة مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية.

 

حصيلة مشبوهة، نتيجة مؤكدة

في ورقة الموقف التي أصدرها مركز بديل - المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين، "تمويل الاتحاد الاوروبي المشروط سياسيا: انعدام المشروعية والآثار السياسية"، حذر المركز من أنه «بالنظر إلى أن المادة (1.5 مكرر) تعكس السياسات الراهنة التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي على صعيد مكافحة الإرهاب، وتُعد متأثرة في جانب لا يستهان به منها بالولايات المتحدة وإسرائيل، ثمة دليل دامغ يؤيد إمكانية تصعيد التدابير التي تستهدف المجتمع المدني الفلسطيني ووسم عمله بموجب إطار الإرهاب من أجل ضرب مصداقيته والتشهير به وتشويه سمعته.» وقد تبدّى هذا الواقع بجلاء، مثلما شهدناه فيما أقدمت عليه إسرائيل من تصنيف ست من منظمات المجتمع المدني الفلسطينية بوصفها كيانات إرهابية بموجب القرار الذي أصدره وزير الحرب الإسرائيلي وقيادة الجيش الإسرائيلي في شهر تشرين الأول 2021. ومع أن هذا القرار يقوم على المغالطات في أساسه وينبني على ادعاءات واهية، فقد عملت جهات مانحة عدة على تأخير المساهمات التي تقدمها لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية في سياق «التحقيقات التي تُجريها بشأن هذه الادعاءات»، في حين أوقف الاتحاد الأوروبي التمويل الذي كان يقدمه لاثنتين من تلك المؤسسات بصفة رسمية.

إن القبول الضمني الذي أبداه الاتحاد الأوروبي، حسبما يُستدل عليه في إدراج بند مكافحة الإرهاب الذي تناولناه بالنقاش فيما تقدم من هذه المقالة ضمن عقود المنح، لم يمهد السبيل أمام تصنيف مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية الست فحسب؛ بل عمل فوق ذلك كله على إرساء دعائم الإستراتيجية التي تنتهجها إسرائيل في تجريم المجتمع المدني الفلسطيني والقضاء عليه واستئصال شأفته في نهاية المطاف. وفي الواقع، يسهم فرض التمويل المشروط سياسيًا على أساس فضفاض وبناءً على الادعاءات التي تسوقها إسرائيل في تهيئة بيئة قسرية لا تنفك تنكمش وتتضاءل أمام المجتمع المدني الفلسطيني، الذي يجري حصر نطاق عمله شيئًا فشيئًا إلى حد يعجز معه عن متابعة أنشطته على نحو وافٍ.

ولذلك، يتعين على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه أن تلغي جميع البنود والشروط المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتزيلها من عقود المنح التي تبرمها مع مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، وعليها أن تقف موقفًا تظهر فيه الدعم والمساندة للمجتمع المدني الفلسطيني على نحو يعكس الوضع القائم ويعبّر عنه ويعزز المسيرة التي يخوضها الفلسطينيون في سبيل التحرر الوطني. الى حين ذلك، على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية أن تتمسك بموقف موحد يقوم على رفض التمويل المشروط سياسيًا بأشكاله كافة، حتى لو كان ذلك يعني توحيد جميع مواردها المالية والبشرية من أجل المحافظة على رسالتها التي تسعى إلى نيل حرية فلسطين. ففي المحصلة، إذا كانت جميع مؤسسات المجتمع المدني تحارب في سبيل القضية نفسها - وهي تحرير فلسطين - فربما لا يعدّ من قبيل التهور أن تعمل هذه المؤسسات من منطلق الإيمان بأن مواصلة مسيرة التحرر ترقى وتتفوق في أهميتها وشأنها على بقاء مؤسسات منفردة بعينها. فوجود مجتمع مدني يقبع تحت نير الهيمنة والاضطهاد ويخضع لمعايير ليست من العدل في شيء لن يخدم مسيرة الكفاح التي يخوضها في سبيل الحرية واحترام حقوق الإنسان.

 


*تم إعداد هذه المقالة بالاستناد الى إصدارات بديل والحملة الوطنية لرفض التمويل المشروط سياسياً ذات الصلة.