بيان اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة ال62: النكبة ليست ذكرى؛ النكبة مستمرة

بـيـان

اللجنة الوطنية العليا للدفاع عن حق العودة
اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة

النكبة ليست ذكرى؛ النكبة مستمرة


يا جماهير شعبنا المناضلة في الشتات وفي كل فلسطين، يا من تقبضون على جمر الحقوق بعزم وثبات، يا أحرار العالم، ويا حماة حقوق الإنسان،

تأتي الذكرى الثانية والستون للنكبة الفلسطينية في مرحلة سياسية دقيقة ومعقدة وخطيرة، تتطلب قراءة الواقع بدقة كما هو، دون مجاملة للذات أو تجميل، لان القراءة الواضحة والموضوعية تشكل الخطوة الأولى نحو التغيير المنشود. إن إسرائيل اليوم كمشروع استعماري - ولا نكتفي بالقول الحكومة الحالية لإسرائيل- وصلت إلى حد المجاهرة بسياساتها وقوانينها العنصرية والاستعمارية والعدوانية دون أن تعير العالم أدنى التفات. وان دول وأطراف الرباعية، وفي المقدمة منها الولايات المتحدة ومن خلفها الأمم المتحدة بلغت من العجز و/أو التواطؤ حدا غير مسبوق. في حين لم تتراجع مواقف الدول العربية حيال الانتهاكات الإسرائيلية، والتواطؤ العالمي، وحسب؛ بل بلغت مستوى الإعلان صراحة عن الإذعان للأمر الواقع وللضغط الأمريكي، تحت شعار إعطاء مسيرة السلام والجهود المبذولة فرصة أخرى. أما منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، فقد أمست في ظل التركيز على مشروع بناء السلطة الفلسطينية هيكلا غير فاعل يُستدعى في الخطابات، أو لتمرير موقف ما، أو لتبرير تراجع ما. إن أية محاولة لتجميل الواقع أو المعطيات لن تكون أكثر من ذر للرماد في العيون، أو محاولة جديدة لدفن الرأس بالرمل على أمل حدوث تغيير ما.

إن رصدا موضوعيا لما جرى خلال العام المنصرم وبدون خداع للذات يكشف أن إسرائيل، دولة الاستعمار الاحلالي، والفصل العنصري، والاحتلال العدواني، عملت فعليا على تجسيد ذاتها وإبراز عنصريتها من جهة، وجعلت الآخرين جميعا وبلا استثناء يراوحون في مكانهم من جهة ثانية. وبنظرة سريعة يتبين أن المواقف الدولية، والعربية والفلسطينية أيضا تراوحت بين العتب والإدانة، أو التمني على إسرائيل ورجائها، أو انتظار تبدل ائتلافها الحكومي وحدوث معجزة ما. فكما وقف العالم متواطئا أو عاجزا أمام الحرب العدوانية على قطاع غزة، لا يزال متواطئا وعاجزا أمام الحصار المفروض عليه منذ أكثر من ثلاث سنوات.

ففي الوقت الذي عجزت فيه الولايات المتحدة ورئيسها المهلل له وبه عن إلزام إسرائيل بتجميد الاستيطان عموما، أو بتجميده جزئيا ولفترة محدودة، ضاعفت إسرائيل من نشاطها الاستيطاني في مختلف أرجاء فلسطين خصوصا في القدس التي تتعرض لحملة سافرة ومكثفة تهدف إلى إفراغها من سكانها، وتغيير هويتها الحضارية. وفي الوقت الذي لا يزال الجانبان العربي والفلسطيني يتغنيان بمبادرة السلام العربية، تعمل الكنيست الإسرائيلي على تشريع مزيد من القوانين العنصرية التي تهدف وتؤدي عمليا إلى القضاء على أي أمل في قيام دولة فلسطينية حتى على اقل من 44% من حدود 1967. فبدءا من تعديل قانون إدارة أراضي إسرائيل الهادف إلى خصخصة أملاك اللاجئين، إلى قانون قسم الولاء لإسرائيل، مرورا بقانون تجريم فعاليات النكبة، ومرورا بتعديل وتفعيل الأمر العسكري رقم ( 1650) المسمى بقانون منع التسلل، وليس انتهاء بمراسيم ضم المقدسات والمعالم الأثرية الفلسطينية إلى التراث اليهودي. إلى جانب كل هذا، تواظب إسرائيل على منهجية فرض الأمر الواقع. ورغم التأييد الشعبي العارم للموقف الفلسطيني القاضي برفض الرجوع إلى طاولة المفاوضات إلا بالوقف الشامل للاستيطان في الأرض المحتلة عام 1967 بما فيها القدس، يتراجع الموقف في وقت قياسي تحت مسمى وغطاء الإجماع العربي، الذي صار غطاء لمفاوضات العلاقات العامة العدمية. والسؤال ما جدوى المفاوضات غير المباشرة برعاية حليف إسرائيل وراعيتها الولايات المتحدة في حين لم تنفع فيه المفاوضات المباشرة برعاية الرباعية؟ أية نتيجة ستفضي إليها هكذا مفاوضات؟ وهل المطلوب أن نخرج بعد مهلة الشهور الأربع لنقول كما في كل مرة لم تستجب إسرائيل؟!

إننا في اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة/ اللجنة الوطنية العليا للدفاع عن حق العودة وفي ضوء المعطيات الراهنة، وفي ظل استمرار الانقسام الفلسطيني الآخذ في الاستفحال، نرى أن المرحلة تتطلب منا جميعا، قوى، وقيادة، ومؤسسات أهلية وشعبية، العمل بجد لصون حقوقنا وقرارنا الوطني الفلسطيني المستقل، وتعزيز صمود شعبنا، واستعادة وحدته الوطنية على قاعدة التمسك بالحقوق الوطنية في العود إلى الديار وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس. وعليه، فإننا ندعو إلى:
1- تعليق بدء أية مفاوضات سواء كانت مباشرة و/أو غير مباشرة على:
- الوقف الشامل للاستيطان والتهويد، بما في ذلك وقف بناء الجدار وشق الطرق الالتفافية، ومشاريع الأنفاق والقطار الواصل بين المستوطنات والقدس،
- إلغاء كل التشريعات و/أو مشاريع القوانين الإسرائيلية العنصرية التي تمس الشعب الفلسطيني، و/أو ممتلكاته، أو هويته الحضارية وتراثه،
- إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين بلا استثناء،
2- إنهاء حالة التشرذم والانقسام الداخلي بأسرع ما يمكن ويكون ذلك من خلال:
- إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ووقف حملات التحريض والتشهير، والمناكفات الإعلامية،
- توقيع وثيقة المصالحة الوطنية (الورقة المصرية)،
- المباشرة في إعادة بناء كافة مؤسسات واطر م ت ف بما يضمن تفعيل هذه المؤسسات وشرعية ومصداقية التمثيل لكل القوى السياسية الوطنية،
- قصر دور السلطة الوطنية الفلسطينية على إدارة الشؤون المدنية: الاجتماعية والاقتصادية والخدمية دون السياسية؛ كي لا تصبح السلطة ومؤسساتها مثار نزاع داخلي، ولتجنب تعريض القرار الفلسطيني في هذه المرحلة المصيرية لمزيد من الضغط والابتزاز، ولضمان وحدانية وشرعية التمثيل ل (م ت ف) في كل المحافل الدولية،
3- دعم وتعزيز المقاومة الشعبية بكافة أشكالها دون ربط ذلك بمدى رضا إسرائيل والدول المانحة،
4- التسريع في وضع قانون انتخاب اللجان الشعبية في المخيمات الفلسطينية وتجمعات اللاجئين في كافة مواقعهم في فلسطين والشتات، وتنظيم الانتخابات بما يضمن محتواها الوطني ومرجعيتها ل م ت ف وعدم تبعيتها للسلطة الفلسطينية ولأجندة المانحين،
5- الوقوف بحزم أمام محاولات شطب الانروا كهيئة دولية مكلفة بتوفير المساعدة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، وتنظيم العمل الرسمي الشعبي والمؤسساتي بما يكفل وقف سياسية تقليص الخدمات المقدمة؛ هذه السياسية الناشئة أصلا عن تنصل الدول من التزاماتها حيال اللاجئين والانروا.
6- تكثيف العمل مع وفي الهيئات والمؤسسات الدولية والأوساط الشعبية العالمية عبر:
- تعزيز حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، فرض العقوبات عليها إلى أن تمتثل للقانون الدولي والقرارات ذات الصلة،
- تكثيف العمل على محاسبة ومقاضاة إسرائيل ومرتكبي جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية وذلك عبر مواصلة التقدم بشكاوى للقضاء الوطني للدول، والقضاء العالمي.
- تحشييد المؤسسات والدول للحيلولة دون قبول إسرائيل كعضو في المنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية ولإنهاء التعاقدات التجارية فيما بين إسرائيل والدول وخصوصا تلك المتعلقة بتجارة الأسلحة.
7- وقف وإدانة ونبذ كافة أشكال التطبيع والمؤسسات و/أو الأشخاص المتورطين في هكذا أنشطة، سواء كانت تتم في داخل فلسطين، أو على المستوى الدولي.

يا جماهير شعبنا، يا أحرار العالم،

إذا كان حل الصراع المستمر منذ 62 عاما يكون بتحقيق السلام بين الأطراف، فان تطبيق القانون الدولي والقرارات الدولية ذات الصلة والعدالة وفي مقدمتها القرار 194 هي أسس أي سلام دائم. وان السلام الدائم المنشود لا يكون إلا بجبر كل الأضرار التي لحقت بالشعب الفلسطيني منذ نكبة عام 1948، أي بتمكين اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم الأصلية، واستعادة ممتلكاتهم، وتعويضهم حسب نصوص القرار 194، وبتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير، وفي بناء دولته المستقلة كاملة السيادة.

المجد للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للأسرى،
عاشت م ت ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني،
ومعا وسويا حتى العودة إلى الديار الأصلية، وفلسطين حرة ديمقراطية

اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة/ فلسطين

15 أيار 2010، النكبة 62.