بعض الأفكار العملية لعودة اللاجئين ملخص ورقة الزيارة التعليمية إلى كايب تاون/جنوب افريقيا: بديل وذاكرات

شباط 2012
إعداد: بديل وذاكرات

تقديم:
تمثل عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم التي هجروا منها قسريا،ً وتم منع عودتهم إليها لأكثر من ستة عقود، القضية المحورية التي يدور في فلكها مجمل النضال الفلسطيني في سبيل الحرية وتقرير المصير. وفي هذا الشأن، لا نجد فسحة للخلاف ما بين المؤمنين باحترام وتطبيق مبادئ العدالة والقانون الدولي، حول أن جبر كافة الاضرار التي لحقت باللاجئين، وهذا يشتمل على: العودة، استعادة الممتلكات، إعادة التأهيل والتعويض، وعدم التكرارأي عدم تكرار المأساةباعتبار ان مكونات هذا الاستحقاق (جبر الضرر) أساسية ولا غنى عنها في إطار عملية تحقيق الحل العادل والدائم لحالة الصراع في المنطقة.

وعليه، فان المشاركين في هذه الجولة التعليمية وما نتج عنها من حلقات نقاش لم يكن تعبيراً عن محاكاة لعملية تفاوضية إسرائيلية- فلسطينية، بل إن جميع الذين شاركوا من المؤسستين في النقاشات واللقاءات التي عقدت في جنوب إفريقيا ملتزمين اساسا وبشكل حازم بمبادئ وأهداف تحرير فلسطين وعودة اللاجئين الفلسطينيين، أو بمعني آخر مؤمنين بالحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني؛ هذا على الرغم من أن هذه القضية قد تعني شيئا مختلفاً لكل مشارك في تفاصيلها. وعلى هذا النحو، عقدت جميع النقاشات بالاستناد إلى مفردات تحليلية من نوع: إنهاء الاستعمار والاحتلال والفصل العنصري الصهيوني كنقطة انطلاق أولية؛ في حين تركزت طاقات وجهود المشاركين على بناء تصور عملي للشكل الذي يمكن أن تكون عليه فلسطين في حقبة ما بعد انهيار الاستعمار الصهيوني، مع الأخذ بعين الاعتبار في هذه المرحلة من النقاش ما هو قائم حالياً ضمن تجربة كايب تاون في جنوب افريقية.

خلال اللقاءات والنقاشات التي جرت خلال الجولة التعليمية، لم تتوقف الأسئلة عن التبادر إلى ساحة الوعي عند المشاركين، وهي في اغلبها كانت تدور حول كيف يمكن على سبيل التجريب والمثال، ان يتم التطبيق المادي لعودة قرية مهجرة كان عدد سكانها قبل النكبة ما دون 2000 نسمة، أما اليوم فيصل عدد اللاجئين من هذه القرية عشرات الآلاف؟ هل سيتم العمل على إعادة أحفاد ملاك الأراضي والعقارات قبل النكبة إلى أملاك عائلاتهم الثرية، بينما يعود العديد من المتحدرين من عائلات مزارعين ومستأجرين وعمال إلى حالة لا يملكون فيها شيئاً؟

هذه ليست إلا عينة مقتضبة من الأسئلة التي يمكن أن تنشأ عن فكرة العودة وتحويلها إلى واقع مادي، كما أن هذه التساؤلات جديرة بالمراعاة والإجابة، ولا نروجها هنا سوى على صعيد التدليل على طبيعة العصف بالأسئلة والأفكار الذي خيم على عمل المجموعة خلال التحضير لإصدار هذه الورقة. وبالنظر إلى طبيعة القضية الفلسطينية، نجد أنها ليست القضية الوحيدة في العالم التي شهدت عملية/عمليات تهجير قسري جماعي للسكان، كما أنها ليست المنفردة التي تحوز العودة فيها مكانة صمام الأمان الذي سيشكل جزءأ مركزياً من الحل العادل. في واقع الأمر، هناك الكثير من حالات التهجير والعودة التي من الجدير بنا النظر بحذر إليها والاستفادة قدر الإمكان منها كتجارب واقعية، بدءاً من تيمور الشرقية ويوغسولافيا السابقة وقبرص، وصولاً إلى رواندا وزمبابوي وجنوب اقريقيا.

أما فيما يتعلق بجنوب أفريقيا، في حقبة ما بعد انهيار نظام الفصل العنصري، فهي مصدر غني لتصدير مثل هذه الدروس؛ اذ يمثل الساحل الغربي وعاصمته الحيوية كايب تاون أوضح حالات عدم المساواة التي يمكن وضع العين عليها في العالم حتى اليوم. وبعد عدة أيام من الجولات والزيارات والمحاضرات القيمة هناك، قضت المجموعة المشتركة يومين من العمل المقسم ضمن ثلاثة حلقات موزعة على قضايا: "العمل من أجل العودة" و "جبر الأضرار" و"رؤى لمجتمع ودولة جديدين"، حيث وبعد إعداد الأوراق الثلاث داخل المجموعة وإخضاعها للنقاش المفتوح والمعمق، فقد كان هناك إجماع على اعتماد صيغة تشمل الثلاثة جوانب ضمن ورقة واحدة نقدمها هنا لتكون بين أيدي المهتمين في هذا المضمار، وهذا ما نصدره بين يدي القارئفي هذا المعرض.

كما ننتهز هذا المقام للتأكيد على شكرنا المتكرر والمتواصل لكل من أسهم في تسهيل تنفيذ هذه المهمة المعرفية سواء في جنوب إفريقيا أو فلسطين أفراداً ومؤسسات.
وختامأ لهذا التقديم المقتضب، يرجى ملاحظة أن المنشور هنا ما هو إلا ملخص عام للورقة، لكن باستطاعة المهتمين الاضطلاع على النص الكامل بالرجوع إلى الرابط الالكتروني التالي:
www.badil.org

العمل من أجل العودة

فيما يلي استعراض للمحاور التي ننظر إليها على أنها مركزية وإستراتيجية في المسيرة النضالية لتحقيق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم الأصلية التي هجروا منها. نعتقد أن العمل والنضال في سبيل العودة يفترض به أن يكون تراكمي الطابع ومرنا في استجابته لمتطلبات حركة الواقع ومستداما في الوقت عينه.
1- النضال تراكمي: بمعنى ان العمل في سبيل العودة ينطوي على جوانب وتفصيلات متعددة، بحيث ينبغي أن يتم النظر في مختلف هذه الجوانب. كما يجب أن ينظر لهذه العناصر على أنها داعمة ومغذية لبعضها البعض. وبهذا الشكل فقط يمكن ضمان تنوع وتماسك الجسم العامل باتجاه العودة بدلاً من حالة القطع في استمرارية العمل والنضال وتطورهما، التي تعود بنتائج كارثية على مجمل المشروع.

2- المرونة في النضال: أي أن العمل في سبيل العودة يفترض به أن يكون منسجماً ولديه القدرة دوماً على تبني الآليات المناسبة للتحديات المطروحة، والوعي للمتغيرات الجيو-سياسية مع الاستعداد للاستجابة لمتطلبات تغير حركة الواقع عبر التحولات التي تطرح ذاتها كضرورة في حقل الضرورات والاستراتيجيات.
3- ديمومة النضال: ان العمل الذي نشير إليه خلال النقاشات، والذي سنعرضه لاحقاً ضمن هذه الورقة، إنما يتطلب الاستدامة والاستمرارية، وهذا لكي نتمكن من مراكمة الخطوات نحو العودة. كما أن حالة الاستدامة ليست مطلوبة فقط أثناء العمل على العودة، بل بعد تطبيق العودة كذلك وإثناء هذه العملية. وهذه النقطة تأتي بهدف تجنب ما وقع في جنوب افريقيا، حيث كانت جميع الجهود تتجه نحو إنهاء نظام الفصل العنصري، وفي اللحظة التي انهار فيها النظام فقد وقع انقلاب وليس مجرد تحول في الواقع، مما وضع العديد من العاملين في المجال، ومنه المجتمع المدني في حالة إرباك حول الاستراتيجيات المطلوبة والأوليات في المرحلة أو المراحل القادمة، وهذا في ظل أن العديد من جوانب الفصل العنصري في جنوب أفريقيا لا تزال قائمة بمظاهر متباينة.

أبعاد العمل من اجل العودة:
بشكل أساسي فان رؤيتنا المشتركة لمجتمع المستقبل الذي من شأنه التشكل بعد تطبيق العودة هي أساس ما يكمن وراء كافة الإجراءات التحضيرية للعودة. فمن وجهة نظرنا؛ إن المبادئ الناظمة لهذه الرؤية يجب أن تغطي، قدر الإمكان، جميع ما يتعلق بالنشاط والعمل الذي من شأنه أن يفضي إلى العودة، وهذه المبادئ تشتمل على ما يأتي، لكنها بالتأكيد غير محصورة به بالضرورة:
1- الديمقراطية القائمة على أساس مبادئ حقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك الحق في العودة.
2- العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
3- العدالة في التعليم والثقافة.
4- بناء مجتمع سلمي وغير عدواني.
أما ثانياً فقد حددنا أربعة فضاءات جيو-سياسية أساسية للعمل والتحضير فيها من اجل العودة:
1- الشتات الفلسطيني والشتات اليهودي.
2- أرض 1948، وسكانها من فلسطينيين وإسرائيليين يهود الذين يعيشون الآن في إسرائيل.
3- أرض 1967، بمجمل سكانها من الفلسطينيين، بينما يتم التعامل مع المستوطنين الموجودين في هذه المناطق بحسب ما يجري عليه التعامل مع المواطنين الإسرائيليين في ارض 1948، كما في البند السابق باعتبار وضعهم،
4- المجتمع الدولي، بما فيه من حكومات ومنظمات غير حكومية، ونقابات عمال وما إلى ذلك من أجسام مؤسسية فيه.
وثالثاً قمنا باقتراح خطوط متنوعة للعمل والتي يمكن الاضطلاع بها ضمن واحد أو أكثر من فضاءات العمل الجيو-سياسية المشار إليها اعلاه. ومن خلال هذه الخطوط فإننا نشير الى أشكال النشاط المختلفة، في مواجهة إجراءات محددة وملموسة. والخطوط التي قمنا بالعمل على تحديدها هي كالتالي:
1- تيسير ودعم المبادرات الشعبية.
2- رفع مستوى الوعي والعمل على تقدمه.
3- الحملات الشعبية والدعوية وحملات المناصرة.
4- بناء الشبكات والتحالفات وتمتينهما.
5- بناء وتطوير المعرفة.
6- القدرة على التكيف والتعامل العملي مع حالات الطوارئ.
اما