أخبار بديــل

احتجاج جماهيري عارم ضد تصريحات ساري نسيبه التي تشكك في مطالبة الشعب الفلسطيني لحقوقه الأساسية

في الأسابيع الأخيرة، رحب السياسيين والإعلام الإسرائيلي والدولي بما سمي "بالمرونة الفلسطينية الجديدة" فيما يتعلق بأهم قضايا الصراع الفلسطيني-الصهيوني. وكان الدكتور ساري نسيبه، المثقف والأكاديمي الفلسطيني الذي يترأس جامعة القدس، منبع حماستهم هذه، وذلك لوقوفه أمام كاميرات الإعلام وعرضه السخي "لأفكار جديدة" (مثل: حاجة القيادة الفلسطينية إلى مراجعة مطلبها بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل، المطلب الذي يمثل "على حد قوله" عقبة هامة أمام التوصل لاتفاقية سياسية مع إسرائيل على أساس قيام دولتين؛ الحاجة إلى استكشاف الخيار الذي يدعى "تبادل السكان [وهو استيعاب اللاجئين في المستوطنات الإسرائيلية المقامة حالياً على أراض الضفة الغربية والقطاع بعد إخلائها]"؛ ودعوة الفلسطينيين للاعتراف بوجود روابط إسرائيلية "بجبل الهيكل" في القدس.

وكان لتصريحات الدكتور ساري نسيبه صداً شديداً فجّر مشاعر الغضب والاحتجاج في أوساط الفلسطينيين على مختلف أطيافهم السياسية ومؤسساتهم الوطنية في فلسطين وفي الشتات. وبالرغم من حقيقة أن الدكتور نسيبه أكّد على أن أفكاره القديمة-الجديدة حول الدور الفلسطيني في عملية تسهيل اتفاقية سياسية مع الكيان الصهيوني،ليست أكثر من مجرد أفكار شخصية خاصة به وحده، ولا تعبر عن الموقف الرسمي الفلسطيني، ولا تعبر كذلك عن موقف مكتبه كرئيس ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية. ويسود الشعور العام في أوساط الفلسطينيين على أن الدكتور نسيبه يستغل دوره الجديد وعلاقاته بالإعلام الغربي من أجل تحريض الرأي العام العالمي وتشتيت دعمه لحقوق الشعب الفلسطيني الأساسية.

وفي تصريح نشرته "لجنة التنسيق الفصائلي - القدس، بتاريخ 8 تشرين ثاني 2001" والتي تضم ممثلين عن جميع الأحزاب السياسية الفلسطينية قولهم: "ونحن نتساءل ومن حق كل أبناء شعبنا أن يتساءلوا عن وظيفة هذه التنازلات المجانية، التي يقدمها البعض بحجة المنطق والعقل. وما هي فائدة الترويج لفكرة أن الإسرائيليين لن يقبلوا على أية حال عودة اللاجئين، ألا يشكل ذلك دعماً لموقفهم، ألم يردد حكام إسرائيل قبل ذلك آلاف المرات أنهم لن يقبلوا بالتنازل عن القدس ولا بالدولة الفلسطينية ولا بالجلوس مع منظمة التحرير، ولا بتفكيك المستوطنات؟ ثم وجدنا بعد الانتفاضتين الباسلتين إهتزاز جميع هذه القناعات. أليس الأجدى أن يركز المسؤولون، وخاصة العقلاء والمنطقيون منهم، على حقنا في الصلاة في المسجد الأقصى، وسحب الجيش الإسرائيلي من المدن الفلسطينية وفك الحصار عن عناتا وعن حزما وجبع والعيسوية وأبوديس والسواحرة وغيرها من أحياء القدس ومدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية والقطاع، وعودة المؤسسات الوطنية والاجتماعية، والعودة إلى بيت الشرق قبل الحديث عن استحالة العودة إلى حيفا ويافا، أم أن التنازلات السخية بشأن الثوابت الوطنية يمكن أن تشكل مدخلاً لبعض المكاسب والإنجازات.

وكان اللاجئين الفلسطينيين، الذين شعروا بأنهم أكثر من تأثر من الأفكار التي أدلى بها الدكتور نسيبه، في طليعة المحتجين على التحديات التي أبرزها الدكتور نسيبه. وشارك نشطاء اللاجئين الميدانيين في اجتماع جماهيري عقد يوم الخميس 15/11/2001 في مخيم بلاطة/نابلس، وبمشاركة أعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني والمجلس الوطني الفلسطيني، من أجل اتخاذ خطوات جماهيرية فاعلة كرد على مثل هذه التصريحات. وقد استضاف هذا اللقاء كل من مركز يافا الثقافي/مخيم بلاطة ومركز بديل. وتقرر في الاجتماع عدم التركيز على الدكتور نسيبه شخصياً، وإنما البدء بسلسلة نشاطات تهدف إلى تحدي المناخ السياسي الذي يفتح الطريق لشخصيات فلسطينية فردية، لا تعبر على الإطلاق عن الإجماع الوطني الفلسطيني. كما تقرر في ذلك الاجتماع من بين ما تقرر، إحياء وتطوير آلية التنسيق ما بين المؤسسات الجماهيرية والمؤسسات الوطنية وعلى وجه الخصوص تلك العاملة في أوساط اللاجئين؛ البدء بسلسلة نشاطات خلال شهر رمضان لإثارة الرأي العام الفلسطيني حول العديد من القضايا الحساسة؛ البدء بجهود إعلامية جديدة تهدف إلى توضيح الإجماع الوطني الفلسطيني حول حق العودة؛ عقد مؤتمر شعبي للاجئين في أقرب وقت ممكن؛ وإرسال مذكرة احتجاج ضد الاقتراحات التي تقدم بها الدكتور نسيبه إلى القيادة الفلسطينية الرسمية.