أخبار بديــل
دور القانون يكفل حق العودة للاجئين
في ذكرى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 والإعلان العالمي لحقوق الإنسان
حق اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها واستعادتهم لأراضيهم وممتلكاتهم السليبة هو حق أساسي يضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إن مبادئ التي تبنتها الأمم المتحدة في العام 2005 حول الحق في السكن واستعادة اللاجئين والمهجرين لممتلكاتهم، أعادت التأكيد من جديد على هذا الحق. ويبقى استعداد الدول وإرادتها لترويج وتسهيل عملية تنفيذ هذه الحقوق هو المعيار الأساس لمدى احترامها لدور القانون.
عندما يتحدّث اللاجئون والمهجرون الفلسطينيون عن حق العودة، فإنهم بذلك لا يطالبون بمنّة خاصة. إن مطالبتهم بتنفيذ حقهم في العودة هو بحد ذاته مطالبةً بالمساواة وبتطبيق دور القانون. وعلى الجهة الأخرى، لا زالت القوانين الإسرائيلية الخاصة بالجنسية والأراضي حتى يومنا هذا منحازة بشكل عنصري لصالح اليهود، وفي الوقت ذاته، غاب عن تشريعات إسرائيل الزاعمة لريادتها الديمقراطية أي قانون يحمي حقوق المساواة بين جميع مواطنيها. بالإضافة إلى ذلك، فإن قائمة التشريعات الإسرائيلية القصيرة الخاصة بالحقوق –القانون الإسرائيلي الخاص بالكرامة الإنسانية والحريات للعام 1992- تؤكد على طبيعة الدولة الإسرائيلية كـ"دولة يهودية".
وفي الوقت الذي يحيي فيه المجتمع الدولي، الذكرى السابعة والخمسون لتبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (10 كانون الأول)؛ ويحيي فيه الفلسطينيون ذكرى صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 (11 كانون الأول) مطالبين بعودة اللاجئين والمهجرين إلى ديارهم، لا زالت العملية السياسية في بحثها عن حل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي تحتكم أكثر فأكثر إلى إجراءات أحادية الجانب، وغير مبدية أي نوع من الاحترام لحقوق الإنسان.
تحاول إسرائيل فرض خياراتها الخاصة للحل على الفلسطينيين وذلك من خلال إقامتها لجدار الفصل العنصري على أراضي الضفة الغربية المحتلة وكذلك من خلال انسحابها عن أرض قطاع غزة. وعملت على تصميم مجموعة من الإجراءات العنصرية الكفيلة بضمان أغلبية سكانية يهودية وكذلك سيطرة يهودية على الأراضي. وهنا، يجدر ذكر التقرير الأخير للمبعوث الخاص للأمم المتحدة، السيد جون دوغارد (آب 2005)، الذي أشار إلى التدخلات "الدولية" المتمثلة باللجنة الرباعية وخارطة الطريق باعتبار أنها لا تدعم دور القانون ولا تحترم مبادئ حقوق الإنسان.
يقول لويس أربور، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، "حقوق الإنسان هي ميراثنا المشترك، وتحقيقها يعتمد على المساهمات التي من الممكن أن يقدمها كل واحد منا على المستويين الفردي والجماعي، حالياً أو مستقبلاً". إن النداء الذي وجهته حوالي 200 من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني في تموز من العام 2005، للشروع في حملة شعبية واسعة لمقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها حتى تنصاع للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، هو بمثابة نداء جماعي للأفراد والمؤسسات في مختلف دول العالم للقيام بواجبهم في مضمار مساندة دور القانون واحترام حقوق الإنسان فيما يتعلّق بعملية إيجاد حل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
يجب أن لا يحرم اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين من حقهم في العودة إلى ديارهم وحقهم في المساواة فقط بسبب أصولهم العرقية والقومية والدينية. وكذلك يجب على إسرائيل البدء باحترام حقوق الإنسان الفلسطيني في المناطق التي تحتلها في الضفة الغربية وقطاع غزة كخطوة ضرورية لإنهاء الاحتلال العسكري منذ ما يقارب ال40 عاماً.
وأظهرت التجارب الشبيهة حول العالم شرعية وديمومة العمليات السياسية لا تضعف بل تتعزز لتضمينها معايير حقوق الإنسان. وعملت هذه التجارب على توفير إطار مشترك من أجل تنظيم العلاقات ما بين الأعداء السابقين، حل النزاعات المستقبلية، إعادة تأهيل الضحايا للانتهاكات السابقة، والتأكد من أن لا فرد ولا حزب يتمتع بالحصانة ويعمل فوف القانون. إن تجاهل حقوق الإنسان أو حتى التقليل من أهميتها وإخضاعها للاعتبارات السياسية، يتسبب في تعطيل التوصل إلى سلام دائم وعادل وتوفير الأمن للجميع.
وأخيراً يحبّذ بعض المحللين والسياسيين الإسرائيليين والدوليين الرسميين عنونة المطلب الفلسطيني بحق العودة بـ"المتشدد". هذه العنونة غالباً ما تستعمل لسد الطريق أمام النقاشات حول موضوع حقوق اللاجئين الفلسطينيين. ويعتبر مطلب اللاجئين الفلسطينيين بحقهم في العودة إلى ديارهم "متشدداً" فقط في حال تم اعتبار احترام حقوق الإنسان تشدداً. من هذا المنطلق، ليس اللاجئين الفلسطينيين متشددين بالقدر الذي يتشدد ويتمسك بقية اللاجئين حول العالم بحقهم في العودة إلى منازلهم وديارهم التي هجروا منها قسراً.