أخبار بديــل
مؤتمر بيت لحم الاقتصادي: تنمية ام تطبيع
مع إدراكنا التام لأهمية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأهمية الخروج من الأزمة السياسية الراهنة وما يتطلبه من عقد المؤتمرات الوطنية والدولية لتحشيد كل الطاقات والمصادر الوطنية المخلصة وكذلك الدولية المؤازرة لتحقيق ذلك، الا أن المؤتمر الاقتصادي الذي سيعقد في بيت لحم هذه الأيام وبحضور حشد من الشخصيات الإسرائيلية، الرسمية وغير الرسمية، أمر ذو دلالة لا يمكن
لأحد أن يتجاهله إذ يتزامن مع ذروة احتفال الكيان الصهيوني باستقلاله رقصا على جراح شعبنا ونكبته وفي الوقت الذي يطالب شعبنا في هذه الذكرى الأليمة بمقاطعة إسرائيل وعزلها دوليا كدولة مارست منذ 60 عاما وما زالت كل أنواع
التطهير العرقي والحصار ومصادرة الموارد الاقتصادية والتمييز العنصري ضد شعبنا الفلسطيني.
إن تضخيم الدعاية والترويج لأهداف المؤتمر الوطنية والتنموية من قبل منظمي المؤتمر وانه سيشكل الأساس لنهضة اقتصادية تنموية فلسطينية دون التطرق للشرط الأساس لتحقيق ذلك وهو التحرر من الاحتلال وضمان السيادة والاستقلال
لن يعطي الهوية الوطنية للمؤتمر ولن يخفي الحقيقة التي سينتهي اليها وهي تهيئة الظروف الاقتصادية والاجتماعية لتدمير أية مقومات لمشروع الاستقلال الفلسطيني.
أن كافة المشاريع المطروحة في المؤتمر لم تحقق أو تثبت أي مطلب سياسي فلسطيني رغم تحول المؤتمر نفسه إلى مؤتمر سياسي وليس اقتصادي فقط لاستضافته وفود رسمية أمريكية وصهيونية وعربية ووزراء في الحكومة الفلسطينية. اما مكمن الخطورة في هذا المؤتمر فانها تتمثل بما يلي:
1- كل المشاريع المطروحة في خطة التنمية الوطنية وبالتالي في المؤتمر هي مشاريع قديمة حاول الاحتلال تسويقها سابقا. مثال ذلك المشروع الياباني في الغور الذي بدات دراسته في 1999 والمنطقة الصناعية في الجلمة منذ 1998 ومشروع المدن الجديدة الذي طرحته مؤسسة البورت لاند (Portland trust) احدى واجهات اللوبي اليهودي البريطاني في 2004 والمشروع السياحي المشترك والذي طرح سابقا من مؤسسة التطبيع (Turisim4peace) في 2004 أيضا والذي يسوق القدس
كعاصمة لإسرائيل دوليا
2- سمحت السلطة الفلسطينية لمؤسسات وشركات أجنبية برعاية المؤتمر مثل شركة أنتل الأمريكية التي تملك استثمارات بــ8 مليار دولار تقريبا في دولة الاحتلال وإحدى مصانعها بنيت على قرية عراق المنشية (شمال شرق غزة) القرية الفلسطينية المدمرة والتي هجر أهلها في 1948. كذلك مؤسسة Booz-Allen-Hamilton ذات العلاقة القوية بالمخابرات الأمريكية والمتخصصة في ما يسمى “home land security” خاصة مجالات تصنيع معدات الاستخبارات وجمع المعلومات مما يزيد من التساؤلات عن حقيقة هذا المؤتمر ودوافعه.
3- كافة المشاريع المطروحة تنص على وجوب المشاركة الإسرائيلية في القرار وتحديد الوضع القانوني لها. فعلى سبيل المثال في منطقة الجلمة الصناعية المقترحة قانون العمل الذي سيطبق سيتم تحديده بالتوافق مع حكومة
الاحتلال رغم وجود المنطقة على أرضي ب المصنفة كأراضي خاضعة للسلطة الفلسطينية والمشروع السياحي جنوب شرق مدينة أريحا صنف كمشروع "حدودي" رغم وجوده في قلب منطقة الغور مما ثبت القرار الإسرائيلي الرافض لأي نقاش ينهي
احتلال هذا الجزء من الضفة الغربية ولكن بغطاء فلسطيني هذه المرة.
4- المشاريع المطروحة بشكل عام تلبي احتياجات السوق والاقتصاد الإسرائيلي وليس السوق الفلسطيني المحلي. فالمشروع الياباني الزراعي في الغور سيوجه للتصدير فقط وليس لتحقيق جزء من الأمن الغذائي الفلسطيني المفقود تماما. مشاريع تكرير المياه العادمة ستستخدم التكنولوجيا الإسرائيلية من جهة ومن جهة أخرى يتم طرحها لتكون كبديل عن المطلب الفلسطيني منذ أوسلو بالنصيب القانوني الدولي للسلطة الوطنية من مياه نهر الأردن والمياه الجوفية.
كل الوثائق والدراسات والتقارير الاقتصادية الدولية والمحلية أوضحت أن تردي الوضع الاقتصادي والتنموي والإنساني الفلسطيني سببه الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته ورغم كل تلك المعطيات السياسية والاقتصادية يتم تسويق المؤتمر على أنه مؤتمر اقتصادي فقط وسيتكفل بتحقيق تنمية في أراضي الضفة الغربية دون أي تطرق إلى قضايا الاستيطان الجدار والاجتياحات والاغلاقات والحواجز وعزل وتهود القدس وغيرها من إجراءات الاحتلال. عدا أن المشاريع المطروحة في خطة التنمية وبالتالي المؤتمر تم وضع الخطط العملية والزمنية لتطبيقها بإشراف ومتابعة وشروط كل من البنك الدولي والمؤسسة البريطانية للتنمية الدولية (DFID) مما يحولهم إلى حكومة ظل تحدد أولويات السلطة التنموية والاقتصادية وأوجه نفقات الحكومة الفلسطينية وبالتالي خيارات الشعب الفلسطيني السياسية.
أما ما يزيد من خطورة هذا المؤتمر فهو أن يلعب مثل هذا النمط من المؤتمرات دور التشريع الفلسطيني الرسمي للتطبيع الإسرائيلي/ العربي مما يهدد بتغييب القضية عن بعدها العربي
إن المطلوب هو أن يكون المؤتمر وطنيا فلسطينيا عربيا ودوليا لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وخطوة على طريق الانعتاق من التبعية للاحتلال واقتصاده
الهيئة التنسيقية للمقاطعة
اللجنة الوطنية العليا لاحياء ذكرى النكبة
19/5/2008