أخبار بديــل
تهجير المقدسين إستراتيجية إسرائيلية عنصرية وليس مجرد إجراءات إدارية
لنجعل من الوقفة مع حي البستان قضية يومية في مواجهة المشروع الصهيوني الاحلالي.
لا زالت إسرائيل منذ إقامتها تمارس دورها كدولة تمييز عنصري ممأسس ، واستعمار إحلالي، واحتلال عدواني، تستهدف سياساتها وجود الشعب الفلسطيني على أرضه في كل مكان. فالنكبة الفلسطينية التي بدأت بإقامة "إسرائيل" بقرار دولي في العام 1948 لا زالت مستمرة. ومن المؤكد إن إدامة النكبة، والإمعان في إحداثها يقع في صلب البناء العقائدي والسياسي والقانوني لإسرائيل وأدواته، لذا نراها تتخذ أشكالا وأنماطا متعددة تطال كل أوجه الوجود الفلسطيني على ارض فلسطين التاريخية.
إن إعلان بلدية القدس عن نيتها إزالة 88 مبنى في حي البستان في القدس والذي هو جزء من بلدة سلوان الكبيرة، والمحاذي لسور البلدة القديمة من القدس المحتلة، الأمر الذي سيؤدي إلى ترحيل 1500 مواطن فلسطيني منها، يشكل حلقة ضمن سياسة إسرائيلية إستراتيجية عنصرية. إن هذه السياسة ليست إجراء إداريا محضا بدعوى "البناء بلا ترخيص"، وليست إجراء الغاية منه "تطوير البناء الهيكلي للمدينة" كما تزعم البلدية ، إنما هي إستراتيجية تستهدف القدس والمقدسيين في وجودهم بكل مكوناته الحضارية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية.
إن مشروع تهويد القدس هو مشروع سياسي عنصري الغرض منه تفريغ المدينة من سكانها الأصليين. هذا المشروع حلقة من سلسلة حلقات متصلة ومتتابعة، غير منقطع عن جذوره الموغلة في الفكر العنصري، والنَّهم الاستعماري الاحلالي، وغير منفصل عما يجري في الأغوار، والنقب، وغزة وغيرها. فلا زال هدف السيطرة على الحد الأقصى من الأرض بأقل عدد من السكان هو القاعدة التي تحكم الممارسات والسياسات الإسرائيلية. فرغم عجز إسرائيل عن ممارسة التهجير السافر بالصورة التي قامت بها خلال النكبة وما تلاها من حروب حتى يومنا هذا، إلا أن سياسات مصادرة الأرض، والتهجير القسري المفضوح منه والمقنع، والاستيطان الاحلالي لم تنقطع للحظة. ولهذه الغايات، وظفت إسرائيل دائما كامل مؤسساتها وأدواتها، العسكرية - الأمنية، والتشريعية، والمدنية كالبلديات والمجالس المحلية وحتى القضائية وغيرها، لتحقيق سيطرتها المطلقة على الأرض والشعب.
إننا كمؤسسة تعمل في مجال الدفاع عن حقوق اللاجئين والمهجرين في فلسطين التاريخية والشتات، نرى انه لا ينبغي الفصل بين ما دار ويدور في قطاع غزة وما يجري في القدس باعتبارها حلقات في سلسلة واحدة تستهدف وجود شعبنا في كل مكان. وبالضرورة فان هذا يستوجب من الجميع التكاتف للعمل على كافة المستويات لمقاومة التهجير الداخلي القسري، ومواجهة السلب المستمر للممتلكات الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين على امتداد ارض فلسطين بما فيها الأرض المحتلة منذ عام 1967.
إن ما يستهدف حي البستان وأهله اليوم، هو حلقة غير منفصلة عن تهجير أكثر من (800,000) فلسطيني خلال النكبة، (400,000) فلسطيني خلال حرب حزيران 1967، و (115,000) فلسطيني تم تهجيرهم داخليا خلال العقود الأربعة الماضية، وعشرات الآلاف خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة. ان ما يجري في حي البستان هو جزء من سياسة الترحيل الهادئ (الترانسفير الصامت)، فعملية التهجير هذه تمثل واحدة من سياسات السلطات الإسرائيلية المتبعة لبلوغ أهدافها الديمغرافية، وبخاصة في القدس الشرقية التي تم ضمها لإسرائيل بطريقة غير قانونية في العام 1967. وبموجب هذه السياسة؛ لا يتم فقط هدم البيوت؛ بل بموجبها أيضا يتم ترحيل كل فلسطيني من سكان القدس يعيش خارج المدينة لعدد من السنوات؛ وذلك خلافا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث بموجب قرار صادر عما يعرف بوزير داخلية إسرائيل يتم حرمان الفلسطيني المقدسي من حقه في السكن في القدس، وبالتالي إجباره على "المغادرة/الرحيل. يشار هنا الى انه بين عامي 1967 و2007 قامت وزارة داخلية إسرائيل بإلغاء حق الإقامة في القدس الشرقية لـ 8,269 فلسطينيا من سكان القدس الأصليين.
إننا في مركز بديل نرى أن قضية حي البستان في ظل استمرار محدودية استجابة المجموعة الدولية، وفشلها في معالجة الأسباب الجذرية للتهجير أو العمل على منعه بصورة فعالة والرد على عملية التهجير الجبرية المستمرة للفلسطينيين، تتطلب طرحها ومعالجتها كقضية عاجلة ولكن بالارتباط مع مسائل تنفيذ حق العودة إلى الديار الأصلية، وتأمين استعادة الممتلكات، والتعويض، وذلك ضمن رؤية فلسطينية إستراتيجية لا تقف عند ردود الفعل الآنية والوقتية.
إننا ندعو م.ت.ف، والسلطة الفلسطينية كأحد اذرعها، لتفعيل دورها عبر سفاراتها وممثلياتها، واذرعها في كل أماكن تواجدها للضغط على الحكومات والمؤسسات الدولية لتجميد اتفاقياتها مع إسرائيل. كما وندعو القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني لتنظيم فعاليات جماهيرية وسياسية يكون من شأنها أن تجبر السلطات الإسرائيلية على وقف مشروعها في حي البستان وان تتواصل فعالياتها لمواجهة التهجير الداخلي القسري، وذلك كجزء من مواجهة الأسباب الجذرية للصراع والمتمثلة في الاستعمار الاحلالي والتمييز العنصري الممنهج والممأسس والاحتلال العدواني.
لنجعل من الوقفة مع حي البستان قضية يومية في مواجهة المشروع الصهيوني الاحلالي.