أخبار بديــل

بيان صادر عن مركز بديل بمناسبة اليوم العالمي للاجئين ٢٠١٤

19 حزيران 2014

يأتي اليوم العالمي للاجئ (٢٠ حزيران من كل عام) ولا تزال القضية المركزية للصّراع الفلسطيني-الإسرائيلي تتمحور حول التهجير القسري الجماعي للفلسطينيين. لقد وصل عدد اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين إلى أكثر من ٧.8 مليون، أي حوالي ٦٦٪ من مجموع الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم. إنّ إقتلاع وتهجير الفلسطينيين من منازلهم وديارهم منذ العام ١٩٤٧، لا يزال مستمراً حتى يومنا هذا بشكل جماعي وفردي، وبأدواتٍ مختلفة تتراوح ما بين هدم للمنازل أو الحرمان من الإقامة أو تغيير البيئة الحياتية، بالإضافة الى إنكار حقّ المهجرين في العودة يُعتبر بكلّ الأعراف نكبةً فلسطينية مستمرة.

النكبة المستمرة المتمثّلة بتهجير السكّان اللفلسطينيين قسراً، هي أيدولوجيا صهيونية تستهدف التجمّعات الفلسطينية في جميع مناطق فلسطين التاريخية (سواء في الأرض الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧ أو داخل الخط الأخضر). فبالإضافة إلى أكبر موجات التهجير القسري التي نفّذت بالقوة العسكرية (١٩٤٧-١٩٤٨ و١٩٦٧)، استعانت تلك الأيدولوجيا بحزمة من السياسات والقوانين التي تجمع بين أسوأ أشكال الاستعمار والتمييز المؤسّسي والاحتلال العسكري الإسرائيلي، والتي عملت اسرائيل على تطويرها وتطبيقها على مرّ السنين في أجل تسهيل السيطرة على أكبر مساحة من الأرض وبأدنى حدٍّ من السكان الفلسطينيين.

تتناول سلسلة أوراق عمل- يعمل عليها مركز بديل حالياً- موضوع التهجير القسري للسكان (وتختصّ بالحالة الفلسطينية)، هدفها ترويج النقاشات الهادفة وإثراء الجدليات حول أهمّ السياسات والآليات الإسرائيلية الموظفة لتهجير الفلسطينيين. تشمل سلسلة أوراق العمل السياسات التالية:

- الحرمان من حقوق الإقامة والسكن.

- نظام التصاريح المفروض على الفلسطينيين.

- مصادرة الأراضي و الحرمان من استخدامها.

- التمييز في التخطيط العمراني.

- الفصل العنصري.

- الحرمان من استخدام الموارد الطبيعية والوصول إلى الخدمات الأساسية.

- حرمان اللاجئين من العودة.

- قمع المقاومة.

- انتهاكات فاعلين غير الدولة (بدعم من حكومة اسرائيل، او مع موافقتها).

على الرغم من الحاجة الملحّة، لا تحظى النكبة المستمرة والتهجير القسري للفلسطينيين بالردّ المناسب الذي تستحقه من المجتمع الدولي. بينما يتناول العديد من الأفراد والمنظمات سياسات نقل السكّان القسري في فلسطين وأخضعوها للنّقاش، إلّا أنّ المجتمع المدني لا يزال يفتقر لتحليلٍ شاملٍ لنظام الأبرتهايد والتهجير القسري الذي تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينيين حتى يومنا هذا.

إنّ المسؤولية القانونية الإسرائيلية عن التهجير القسري للفلسطينيين لها جانبان مكمّلان. يتمثّل الأول في كون إسرائيل هي المسؤولة عن خلق قضية اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين. أمّا الثاني فيتمثّل في إنكار إسرائيل لحق هؤلاء اللاجئين والمهجّرين (حوالي ٧٫٨ مليون فلسطيني) في جبر الأضرار التي لحقت بهم بما يشمل حقّهم في العودة إلى بيوتهم وديارهم الأصلية، إستعادة أرضهم وممتلكاتهم، وتعويضهم عن الأضرار الماديّة والمعنوية التي لحقت بهم على النحو المنصوص عليه في قرار الجمعية العامّة للأمم المتحدة رقم ١٩٤ لعام ١٩٤٨ وفي قرار مجلس الأمن الدولي رقم ٢٣٧ لعام ١٩٦٧. علاوة على ذلك، يأتي إنكار إسرائيل لحقوق اللاجئين في ظل غياب تامّ للحماية الدولية وتجاهُل تامّ لحقوق اللاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة لهم، مما أدّى إلى خلق حالات من التهجير بحقهم للمرة الثانية أو الثالثة.

ونظراً لتفاوت ميزان القوى السياسي الحاليّ ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين المدعومين أمريكياً وأوروبياً، تزداد حاجة اللاجئين والمهجّرين الفلسطينيين للحماية الدولية الحاحاً. وتشمل هذه الحماية جميع اللاجئين الفلسطينيين، وبلا شك، فان ما يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون في سوريا حاليا يشكل المثال الاكثر وضوحاً وإيلاماً، حيث تتضاعف معاناتهم عن غيرهم بسبب الصراع الدائر هناك. وتظهر أحدث تقديرات الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) أنّ "أكثر من ٥٠٪ من بين ٥٥٠٫٠٠٠ لاجئ فلسطيني في سوريا نزحوا وهُجّروا بسبب القتال. وتشير أيضاً إلى أن أكثر من ٥٢٫٠٠٠ قد عبروا الحدود إلى لبنان، وأن ١٤٫٠٠٠ عبروا الحدود إلى الأردن، وبضعة آلاف اخرى إلى العراق وتركيا ومصر وقطاع غزة وأوروبا". فاللاجئون الفلسطينيون في سوريا يعيشون في ظل الحرب التي تتسبب في المزيد من النزوح والتدمير والخسائر في الأرواح في كل من مخيمات اليرموك، النيرب، الست زينب، خان الشيخ، درعا وغيرها من المناطق السورية. ويواجه اللاجئون الفلسطينيون الذين هُجّروا من سوريا إلى لبنان والأردن وتركيا ومصر المزيد من الظروف الصعبة والمذلّة للغاية في دول اللجوء الثانية؛ مما دفع الكثير من منهم لمحاولة الهروب عن طريق البحر - وهو عمل يائس أسفر عن مقتل المئات من اللاجئين الفلسطينيين غرقاً، وعن اختفاء وفقدان الكثيرين من السجلات الرسمية لأي دولة أو منظمة.