أخبار بديــل

13 آب 2025
السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،
في خضم الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة والتهجير القسري الجماعي في الضفة الغربية، يثير تقرير التقييم الاستراتيجي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، الذي نُشر في حزيران 2025، مخاوف جديّة لدى جميع الجهات الفاعلة الملتزمة بدعم حقوق وحماية اللاجئين الفلسطينيين، وبالضرورة لدى الأمم المتحدة نفسها في الوفاء بولايتها بموجب ميثاقها والتزاماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين بموجب القانون الدولي.
فبدلاً من تحدي الحملة الإسرائيلية التي تستهدف الأونروا وتنتهك القانون الدولي، ودعم وتعزيز عمل الوكالة، يتعامل تقرير التقييم مع انهيار الاونروا على أنه أمر لا مفرّ منه من خلال تقديم أربعة سيناريوهات مستقبلية تؤدي، بطرق مختلفة، إلى تفكيك آخر مؤسسة عاملة تابعة للأمم المتحدة تخدم أكثر من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني.
في ورقتنا البحثية التي تحمل العنوان: "هندسة الانهيار: التقييم الاستراتيجي للأمم المتحدة للأونروا وحقوق اللاجئين الفلسطينيين"، يجد تحليلنا أن التقييم:
- يُخرج ولاية الأونروا من سياقها في ظل استمرار الإبادة الجماعية والاستعمار والفصل العنصري والتهجير القسري
- يُعطي الأولوية للمصالح السياسية لبعض الدول الأعضاء والمنظومة الإسرائيلية على الالتزامات القانونية الدولية المُلزمة
- يقترح "إصلاحات" من شأنها تجزئة حماية اللاجئين، وإلقاء مسؤوليات الوكالة على عاتق الدول المضيفة
- يتجاهل حلول التمويل القابلة للتطبيق، مثل دمج ميزانية الأونروا في الأمم المتحدة أو استخدام عائدات ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين الواجبة الحماية
- يتناول حياد الأونروا من خلال عدسة استعمارية، ويوظف الوكالة كأداة "للاستقرار الإقليمي الأمني" خدمة لأجندات سياسية تقودها الدول المانحة
وفي عمق هذه المسألة، تظهر العلاقة الوثيقة بين قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 302 و194. تُرسّخ المادة 11 من القرار 194 حقّ اللاجئين الفلسطينيين في جبر الاضرار التي لحقت بهم، بما في ذلك العودة، واستعادة الممتلكات، والتعويض، وإعادة التأهيل، وضمان عدم التكرار. وتُرسّخ المادة 5 من القرار 302 ولاية الأونروا ارتباطاً بحقّ العودة الذي لم يُحقّق بعد، وتنص على أن عملياتها لا يمكن أن تمسّ بهذا الحق. إنّ وجود الوكالة نتيجة مباشرة لعدم إعمال حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ولا يُمكن تبرير حلها أو تفكيكها إلا بعد إعماله بالكامل.
إضافةً على ما سبق، هناك اتجاه مقلق آخر يتجلى في كل من تقرير التقييم الاستراتيجي والمناقشات الأخيرة – بما في ذلك المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وتطبيق حل الدولتين. فبالرغم من الإطار القانوني الواضح الذي يؤكّد حقوق اللاجئين الفلسطينيين، يربط التقييم استمرار وجود الأونروا بتحقيق حل الدولتين، لا بممارسة حق العودة. والجدير بالذكر أن الفقرة 14 من "إعلان نيويورك بشأن التسوية السلمية لقضية فلسطين" تسلّط الضوء على الآفاق المحددة في السيناريو الرابع من التقييم الاستراتيجي، حيث يتوقع هذا السيناريو نقل خدمات الأونروا إلى السلطة الفلسطينية، الامر الذي من شأنه تسييس الوكالة وتشويه ولايتها.
إن ربط دور الوكالة ووجودها بهذا الإطار السياسي من شأنه أن يضر بحيادها، وينأى بين دورها التشغيلي ومسؤوليتها بالوفاء بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، كما يعفي المجتمع الدولي من التزاماته بتوفير الحماية الدولية للاجئين الفلسطينيين.
وأخيراً، إنّ عدم اعتراف التقييم بالحملة الإسرائيلية طويلة الأمد لتفكيك الأونروا كحالة طوارئ قانونية، يضفي طابعاً قانونياً على عرقلة المنظومة الإسرائيلية لأعمال الأونروا باعتبارها مسألة إدارية بدلاً من اعتبارها انتهاكاً لامتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها. كما يتناقض التناول المحدود في التقييم مع خطورة الوضع الراهن، الذي أسفر عن أكبر خسارة في الأرواح تكبدتها أي وكالة تابعة للأمم المتحدة على الإطلاق – والتي تمثلت في استشهاد أكثر من 330 موظفاً من الأونروا وتدمير أكثر من 311 منشأة تابعة لها في قطاع غزة منذ بدء الإبادة الجماعية الإسرائيلية.
يدعو بديل/المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين والشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيين الأمين العام للأمم المتحدة إلى:
- ضمان التزام الأمم المتحدة بالقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، من خلال ضمان الوفاء الكامل بولاية الأونروا، وحمايتها من التسييس، وتزويدها بالموارد اللازمة وفقاً للمسؤوليات القانونية للأمم المتحدة
- رفض اعتماد تقرير التقييم الاستراتيجي ورفض تضمينه في قرار التجديد المرتقب لولاية الأونروا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال العام الجاري 2025.
الأونروا وخدماتها حق لنا حتى العودة
بديل/المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين
الشبكة العالمية للاجئين والمهجرين الفلسطينيي