أخبار بديــل
يرحب بديل المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين والشبكة العالمية للاجئين والمهجّرين الفلسطينيين، بنداء مجموعة لاهاي الداعي إلى فرض حظرٍ شامل على الأسلحة ضد المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية، ويدينان تواطؤ الاتحاد الأوروبي المتمثل في استمرار المماطلة والتقاعس عن اتخاذ أي خطوات مباشرة وملموسة.
في الوقت الذي تسعى فيه الدول الأعضاء في مجموعة لاهاي الى ضمان إنفاذ الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني من خلال إجراءات عملية، لم يتخذ الاتحاد الأوروبي أي خطوة او اجراء لمحاسبة المنظومة الإسرائيلية؛ بل اختار الاستمرار في التهرب من مسؤولياته، والمساهمة في إطالة أمد الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة، من خلال ابرام اتفاق مع هذه المنظومة تحت ذريعة "تحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة".
ويُشكّل هذا الاتفاق "الإنساني" الجديد محاولة لتشتيت الانتباه وإسكات الأصوات، بهدف تهدئة وكسب رضا المجتمع المدني الأوروبي الذي طالب مرارًا بتعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وهي مطالب تم تجاهلها بالكامل. ومع ذلك، لا تُعفي هذه الاجراءات الاتحاد الأوروبي من التزاماته القانونية والأخلاقية بإنهاء تواطؤه وفرض العقوبات على المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية.
في 15 و16 تموز، عقدت مجموعة لاهاي، بقيادة كولومبيا وجنوب إفريقيا، "قمة طارئة" استمرت ليومين في بوغوتا، بهدف "إنهاء إفلات إسرائيل من العقاب وقطع سبل التواطؤ"، وفقًا لما صرّحت به فارشا غانديكوتا-نيلوتلا، الأمينة التنفيذية لمجموعة لاهاي. وقد نتج عن القمة قائمة تضم عشر خطوات عملية يتوجب على الدول اتخاذها ضد المنظومة الإسرائيلية، تتصدرها خطوة فرض حظر شامل على الأسلحة.
وفي غضون ذلك، وخلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية الذي عُقد في بلجيكا في 15 تموز، فشل الاتحاد الأوروبي مرة أخرى في اتخاذ إجراءات من جانبه، مثل تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. واكتفت كايا كالاس، المفوضة العليا/ نائبة رئيس الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، بالتأكيد على أن بإمكان الدول الأعضاء فرض عقوبات بشكل فردي، بل وقدمت قائمة بالإجراءات الممكنة. ومع ذلك، لا ينوي الاتحاد الأوروبي ككتلة واحدة تنفيذ أي من هذه الإجراءات المباشرة، بما في ذلك تعليق اتفاقية الشراكة، رغم الدعوات المتكررة من المجتمع المدني الأوروبي وبعض الدول الأعضاء لاتخاذ خطوات فعلية ضد المنظومة الإسرائيلية.
بدلًا من اتخاذ إجراءات ملموسة، أعلنت كايا كالاس في 10 تموز 2025 عن اتفاق جديد مع المنظومة الإسرائيلية لزيادة كمية المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وانتظام ادخالها، مانحة هذه المنظومة مهلة إضافية مدتها أسبوعان لإظهار "التزامها" ببنود الاتفاق. وبذلك، يمنح الاتحاد الأوروبي فعليًا الضوء الأخضر لاستمرار الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة، إلى جانب التهجير القسري ومواصلة مشروع الاستعمار الاستيطاني في الضفة الغربية. يُشكّل هذا الاتفاق "الإنساني" محاولة فاشلة من قبل الاتحاد الأوروبي، ليس فقط للتهرب من التزاماته القانونية بفرض العقوبات – بما في ذلك قطع العلاقات الاقتصادية مع المنظومة الإسرائيلية - بل أيضًا لتبييض صورة هذه المنظومة، والتضليل المتعمد، وامتصاص الغضب المتصاعد من المجتمع المدني الأوروبي.
بالإضافة إلى ذلك، يُقوّض الاتفاق الأخير الذي أُبرم مع المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية بشأن المساعدات الإنسانية، نظام الاغاثة الإنساني التابع للأمم المتحدة، ويُعدّ تعديًا على الأونروا وصلاحياتها وتهميشًا مباشراً لدورها الاساسي.
يواجه الاتحاد الأوروبي حاليًا دعوى قضائية بتهمة "الفشل في اتخاذ إجراءات" لوقف ومنع الإبادة الجماعية. وتأتي هذه الدعوى في أعقاب تسريب تقرير داخلي للاتحاد الأوروبي يؤكد علمه واعترافه بالجرائم التي ترتكبها المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية في فلسطين.
لقد ولًى زمن التهرب من المسؤوليات، وكسب الوقت لاستمرار الإبادة الجماعية، وتجاهل مطالب المجتمع المدني، والتغاضي عن غياب العقوبات. إن الطريق الوحيد نحو المساءلة الحقيقية، وإنهاء الإبادة الجماعية الاسرائيلية، وإعادة تفعيل منظومة المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، يبدأ بفرض العقوبات ووقف جميع أشكال العلاقات والدعم الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري مع المنظومة الإسرائيلية. ويشمل ذلك، في الحد الأدنى، تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والالتزام بالتدابير والاجراءات التي دعت إليها مجموعة لاهاي.