أخبار بديــل

ورقة موقف جديدة من مركز بديل: "إعادة الإعمار القائمة على الحقوق: إنهاء الاستعمار وجبر الضرر"
ورقة موقف جديدة من مركز بديل: "إعادة الإعمار القائمة على الحقوق: إنهاء الاستعمار وجبر الضرر"

بينما يناقش المجتمع الدولي مستقبل قطاع غزة في ظل الدمار الكارثي الناتج عن الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة منذ 21 شهراً، أطلق بديل المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين ورقة موقف موجزة، تؤكد أن إعادة الإعمار وحدها لا تحقق العدالة. ويشدد مركز بديل على أن المسار الحقيقي للمضي قدمًا يجب أن يكون متجذرًا في العدالة القائمة على الحق في جبر الضرر، لا في التمويل من المانحين أو من الاستعمار الغربي تحت ستار "التعافي".

 

 وفي هذا الإطار، أصدر مركز بديل ورقة موقف جديدة بعنوان: "إعادة الإعمار على أساس الحقوق: إنهاء الاستعمار والحق في جبر الضرر"، ينتقد فيها المقترحات المطروحة حالياً لإعادة الإعمار، ويدعو إلى تحوّل جذري يستند إلى القانون الدولي، والمساءلة، وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.

 

تبدأ الورقة بتوضيح الفرق بين مفهومي إعادة الاعمار والحق في جبر الضرر، وبيان عدم قابليتهما للتجزئة في معالجة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة، والنكبة المستمرة منذ 77 عاماً. كما تتناول الورقة الثغرات والعيوب في الخطط الحالية، وتوضح ملامح نهج جبر الضرر الواجب تبنيه في حالة قطاع غزة.

 

إعادة الإعمار ليست بديلاً عن جبر الضرر:

على الرغم من الحاجة الملحّة لإعادة بناء قطاع غزة، حيث دمر 92% من المنازل، وهجر 1.9 مليون فلسطيني قسراً، وتعطل نحو 90% من المدارس والتي أصبحت غير صالحة للاستخدام، يؤكد مركز بديل أن الإعمار يجب أن يتم في إطار شامل قائم على جبر الضرر، والذي يشمل: جبر كافة الأضرار أي عودة اللاجئين إلى منازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم في قطاع غزة، إلى جانب التعويض عن الخسائر المادية والأضرار المعنوية، وإعادة التأهيل من خلال الدعم الطبي والنفسي والقانوني، وتحقيق العدالة من خلال آليات حقيقية للمساءلة والمحاسبة، وضمانات بعدم التكرار.

 

ويجب أن تندرج هذه الركائز ضمن رؤية واسعة قائمة على الحقوق والعدالة، من خلال جبر الضرر، تُركز على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، والتحرر الكامل من الاستعمار في فلسطين الانتدابية، وضمان حق العودة لـ 9.76 مليون لاجئ فلسطيني هجروا قسراً، مع التأكيد على استعادة الممتلكات وتعويض كل من تم تجريده وحرم من ممتلكاته.

 

وأخيرًا، تشدد الورقة على ضرورة المساءلة القانونية والمالية لكل من الجناة والحلفاء المتواطئين، من خلال ملاحقة المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية، والجناة الافراد، والمتواطئين مع الجرائم الاسرائيلية، بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية، وضمان أن تتحمل المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية وحلفاؤها الدوليون عبء إعادة الإعمار وجبر الضرر، لا ضحايا هذه الجرائم.

 

وتؤكد الورقة أن خطط كل من الولايات المتحدة وجامعة الدول العربية تتعامل مع الفلسطينيين كـ متلقين للمساعدات لا كأصحاب حقوق أصيلة في العودة واستعادة الممتلكات وتقرير المصير. فخطة ترامب تعتبر مخططًا للإبادة الجماعية، إذ تقترح صراحةً منع الفلسطينيين من العودة وتطلق تصريحات متضاربة دون حلول ملموسة. اما خطة جامعة الدول العربية -وان بدت أكثر إنسانية في نبرتها- فإنها تفشل في معالجة الأسباب الجذرية لحرمان الفلسطينيين من حقوقهم، والمتمثلة في الاستعمار الاحلالي، والفصل العنصري، والتهجير القسري.

 

وكلا المقترحين لإعادة الإعمار يستندان الى الوضع القائم المتجذر منذ اتفاقيات اوسلو، ويتجاهلان حقوق اللاجئين الفلسطينيين، ويحصران العدالة في إطار "حل الدولتين" كعنوان سياسي ورئيسي، ويحافظان على استمرارية إفلات المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية من العقاب، ويتجاهلان تماماً مبدأ جبر الضرر.

 

ان تصوير إعادة الاعمار كبديل عن الحق في جبر الضرر، يكشف عن رؤية لمستقبل غزة لا تبنى على تطلعات شعبها ومبادئ القانون الدولي، بل على المصالح الجيوسياسية الاستعمارية للقوى الإقليمية والدولية. وإضافة الى ذلك، فإن هذا النمط من الإعمار "الخيري"، كما يطرحه المجتمع الدولي، لا يؤدي الا الى تكريس إفلات المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية من العقاب.