أخبار بديــل

الحملة الإسرائيلية لوقف تمويل الأونروا وتفكيكها تستمر من قطاع غزة وحتى القدس
الحملة الإسرائيلية لوقف تمويل الأونروا وتفكيكها تستمر من قطاع غزة وحتى القدس

الحملة الإسرائيلية ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، تصاعدت ولم تعد مقتصرة على إجراءات استبدال الاونروا في قطاع غزة، بل امتدت لمحاولة تصفية وجود الوكالة في القدس. باعتبارها الوكالة المفوضة من الأمم المتحدة التي تعمل وفقًا للمسؤوليات الدولية للدول تجاه اللاجئين الفلسطينيين، فإن الإجراءات الإسرائيلية التي تعطل وتعرقل ولايتها تشكل تجاهلًا تامًا للإرادة والقانون الدوليين. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الإجراءات هدفها القضاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين، الذين ما زالت إسرائيل تحرمهم من حقوقهم في العودة واستعادة الممتلكات والتعويضات منذ عام 1948.

الأونروا هي الوكالة الدولية ذات الولاية الدائمة الى حين وضع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948 وقرار مجلس الأمن رقم 237 لعام 1967 موضع التنفيذ. ان المحاولات الإسرائيلية لنزع الشرعية عن الأونروا ووقف تمويلها، وحظر عملها في القدس، وعرقلة أدائها لخدماتها والعمل على استبدالها في قطاع غزة، هي جزء من هدفها الأكبر المتمثل في تفكيك الأونروا بالكامل والقضاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين برمتها. إن هذه الإجراءات تنتهك القانون الدولي، سواء فيما يتعلق باحترام ولاية الأونروا، أو الوضع القانوني الدولي للقدس، أو فيما يتصل بالالتزام بجبر الاضرار التي لحقت باللاجئين الفلسطينيين والمهجرين داخليا. اما عرقلة اسرائيل المتعمدة لخدمات الأونروا في قطاع غزة فهو يشكل انتهاكا لالتزامها بمنع الإبادة الجماعية.

وافقت ما تسمى بـ”اللجنة الدستورية والقضائية” في الكنيست الإسرائيلي، في 11 فبراير/شباط، على مشروع قانون جديد لإخلاء وطرد الاونروا من القدس. وقد تم إحالة مشروع القانون إلى اللجنة الوزارية للتشريع، تمهيدا للتصويت عليه بالقراءة الأولى، حيث ستناقش لجنة الخارجية والامن في الكنيست مشروع القانون هذا في 20 شباط/فبراير. يذكر انه في عام 2018، قدم رئيس بلدية القدس آنذاك وعضو الليكود، نير بركات، مشروع قانون مماثل لاستبدال خدمات الأونروا بخدمات من البلدية. وبالتعاون مع أعضاء آخرين في الكنيست، قدم مشروع القانون مرة أخرى، على أمل الاستفادة من حملة التشهير الإسرائيلية الحالية ضد الأونروا، والتي أدت إلى قيام 16 دولة بوقف تمويلها للأونروا كليًا أو جزئيًا. بالإضافة إلى ذلك، نظم بركات الأسبوع الماضي مظاهرات ضد الأونروا أمام مكاتبها في القدس، والتي شارك فيها ممثلون عن المجموعة الصهيونية اليمينية "إم ترزو" و "منتدى تكفا". كما تحدثت المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية نوجا أربيل لتكرر ما  نشر في مقطع فيديو يدعو إلى “تدمير” الأونروا في الكنيست.

في 12 فبراير، أصدر وزير البناء والإسكان، يتسحاق جولدكنوبف، امراً فوريًا لإخلاء مكاتب الأونروا من القدس، واستهدف على وجه التحديد وقف عمل مكاتب الأونروا في الشيخ جراح وكفر عقب، بالإضافة الى انهاء عقود الإيجار.

إن الحملات الإسرائيلية لشيطنة، وتعطيل، وقطع التمويل، ونقل مسؤوليات الأونروا ليست جديدة. إنها من أحد اهم مكونات منظومة الاستعمار والابرتهايد الاسرائيلي، التي تهدف إلى التهجير القسري المستمر للفلسطينيين، وتصفية قضية 9.17 مليون لاجئ فلسطيني ومهجر داخليًا من خلال تفكيك وتصفية الأونروا.

كان قد صدرت دعوات مماثلة لطرد الأونروا من القدس في أعقاب ما يسمى بـ "صفقة القرن" التي أطلقها ترامب وقراره بوقف التمويل الأمريكي للوكالة عام 2019. ومن بين قضايا أخرى، تضمنت صفقة ترامب اجراءات لتلبية استراتيجية إسرائيل لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال انتهاكات جسيمة للقانون الدولي. وعندما اعادت إدارة بايدن التمويل الامريكي للأونروا في يوليو 2021، كانت قد وضعت شروطًا تفرض قيودا امنية على الوكالة الإنسانية المفوضة من الأمم المتحدة.

وكانت الولايات المتحدة من أوائل الدول التي علقت تمويلها ردا على الادعاءات الإسرائيلية الأخيرة التي لا أساس لها ضد الوكالة. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تقديم مشروع قانون جمهوري جديد يسمى "قانون وقف الدعم للأونروا" إلى الكونجرس، وفي حالة إقراره، فإنه سيمنع الولايات المتحدة من تقديم أي مساهمات طوعية أو مقررة رسميا للوكالة وبعبارة أخرى، وقف تمويل الأونروا بشكل دائم. إن وقف تمويل الأونروا يعتبر ابتزازا سياسيا من خلال استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح، وكما وانه يزيد من تورط الدول في الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة.

إن لاستهداف وجود الأونروا وخدماتها في القدس له تأثير سلبي على 375 ألف فلسطيني يقيمون هناك، لكن الأهم من ذلك فأنه يهدف إلى إنهاء الوجود الدولي في القدس. وبالنسبة للشعب الفلسطيني، فإن وجود الاونروا ليس رمزيًا فحسب، بل له تداعيات استراتيجية وسياسية وقانونية كبيرة. إن الوجود الدولي للأونروا يمثل تحديا قويا ورفضا قاطعا للاحتلال الإسرائيلي وسيادته على القدس واعترافه بانها العاصمة الموحدة لإسرائيل.

وعليه، ومن أجل الحفاظ على وجود الأونروا في القدس وفي قطاع غزة، فإن مركز بديل يدعو إلى:

  1. على الأمين العام للأمم المتحدة أن يعيد التأكيد على أهلية الأونروا للتمتع بالحماية بموجب نظام الأمم المتحدة، وعلى الدول واجب الوفاء بالتزاماتها من خلال احترام ودعم وتسهيل ولاية الأونروا ومرافقها وموظفيها.
  2. على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تدين وتعلن بوضوح عدم قانونية الإجراءات التي تتخذها إسرائيل بهدف نزع الشرعية عن وجود الأونروا في القدس وقطاع غزة وعرقلة عملياتها.
  3. استمرار طواقم الأونروا الدولية والمحلية في تواجدها وتقديم خدماتها في القدس وقطاع غزة.
  4. على الدول رفض إلغاء أو استبدال وجود الأونروا وخدماتها في القدس وقطاع غزة، ومواصلة وزيادة مساهماتها المالية للأونروا.