أخبار بديــل
منذ عام 1977، احتفلت الجمعية العامة للأمم المتحدة بيوم 29 نوفمبر باعتباره "اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني"، لإحياء ذكرى اعتمادها لقرار " التقسيم" رقم 181 والذي صدر في 29 نوفمبر 1947.
يعد قرار تقسيم فلسطين في الأساس شكلا من أشكال إضفاء الشرعية على المشروع الاستعماري الإسرائيلي الذي فرضته الدول الاستعمارية على حساب الشعب الفلسطيني وعلى حقوقه. ويشكل إحياء ذكراه استمرارا لانتهاك القانون الدولي وفشلا للمجتمع الدولي في الوفاء بالتزاماته. وما يزيد الأمور سوءا، أنه يتم إحياء ذكرى قرار اصدار التقسيم سنويًا باعتباره عملاً من أعمال "التضامن الدولي" مع الشعب الفلسطيني، في حين أنّ هذا القرار ساهم ولا يزال يساهم في النكبة المستمرة للفلسطينيين.
فرض القرار تقسيم فلسطين إلى ثلاثة أجزاء: 56% تقريبا كانت مخصصة لـ”دولة يهودية”، و43% لـ”دولة عربية”، والقدس تحت إدارة دولية. لقد خصص قرار التقسيم أكثر من نصف فلسطين لأقل من ثلث عدد السكان الذين كانوا من اليهود والمستعمرين الصهاينة. في غياب التشاور مع الشعب الفلسطيني، صممت الدول الاستعمارية خطة التقسيم، والتي رفضتها الدول العربية، ومع ذلك وضعت خطة التقسيم لتقرر الوضع "المستقبلي" لفلسطين. وعلى الرغم من أن قرار التقسيم صدر عن الأمم المتحدة، إلا أنه غير قانوني، انما تم استصداره من خلال الضغط السياسي الدولي والتجاهل الصارخ لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. وبالفعل، تم تنفيذ القرار في نهاية المطاف من قبل الحركة الصهيونية وميليشياتها، مما أدى إلى التهجير القسري لـ 750 ألف لاجئ فلسطيني و40 ألف فلسطيني مهجر داخليًا حيث تم إنشاء "إسرائيل". وكما فرضت الدول الاستعمارية خطة التقسيم تسعى الى فرض "حل الدولتين"، الذي تمت بلورته في "اتفاق أوسلو" الذي ساهم في المزيد من التفكيك والتهجير ترسيخا لنظام الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي.
إن التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني بالطريقة التي يحددها أمر ضروري، ويجب أن يخدم تحقيق حقوقه غير القابلة للتصرف في تقرير المصير والعودة. ولذلك فإن التضامن الحقيقي يتطلب التحرك المباشر لإنهاء منظومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي والجرائم الدولية الممنهجة وواسعة النطاق المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني. ويبدأ التضامن بمحاسبة إسرائيل من خلال فرض العقوبات لتفكيك هذه المنظومة واتخاذ إجراءات عملية لإنهائها. ان التضامن الحقيقي مع الفلسطينيين يعني الاعتراف بحقهم في النضال من أجل التحرير، بكل الوسائل المتاحة، ودعم هذا النضال.
وفي خضم حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة، أصبح التضامن مع الشعب الفلسطيني أكثر أهمية، ويجب ان يركز ويؤكد على مطالب الشعب الفلسطيني (على المدى القصير) المتمثلة في فرض وقف شامل ودائم لإطلاق النار، بما في ذلك انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وتقديم المساعدات الإنسانية غير المقيدة وغير المشروطة، ومنع المزيد من التهجير القسري، وضمان الحماية الدولية للفلسطينيين، وإنهاء الحصار المستمر منذ 16 عاماً على قطاع غزة، إن التدابير اللازمة لتحقيق هذه المطالب ووضعها موضع التنفيذ هي إجراءات ملحة للغاية وتشكل الحد الأدنى من الإجراءات التي يتطلبها القانون الدولي.
ان التضامن الحقيقي يعني أيضًا دعم النضال من أجل تحرير فلسطين، وتحدي شيطنة حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني، ويتضمن ذلك تحدي الاتهامات بمعادة السامية لكل انتقاد يوجه الى إسرائيل او لكل اشكال التضامن مع فلسطين، وتحدي السياسات الاستعمارية الأخرى التي تهدف إلى تقليص مساحة عمل المجتمع المدني الفلسطيني، مثل فرض سياسات التمويل المشروط سياسا، ونزع الشرعية عن جميع أشكال المقاومة الفلسطينية، وشيطنة الفلسطينيين.
إن التضامن مع الشعوب لا يمكن ان يكون ابدا من خلال إسكاتها وانتهاك حقوقها ونزع الشرعية عن حقها في التحرر. وفي حالة النضال الفلسطيني ضد منظومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي، فإن التضامن يجب أن يعني رفض أي إجراء يهدف إلى محو أي مساحة للفلسطينيين، سواء جغرافياً بدءاً بخطة التقسيم، أو المساحة المتاحة للمجتمع المدني للتعبير عن الحقوق الفلسطينية والدفاع عنها. وعلى هذا النحو، لا ينبغي للدول أن تزيل سياسات التمويل المشروط فحسب، بل يجب عليها أيضًا اتخاذ إجراءات عملية لتحرير المساعدات الخارجية من ماهيتها الاستعمارية. بالإضافة الى ذلك، يجب على الدول الوفاء بالتزاماتها بدعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل تقرير المصير، ومحاسبة إسرائيل على ارتكابها للجرائم الدولية من خلال فرض العقوبات عليها.
بكلمات موجزة، خذوا رمزية اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وأعيدوا لنا حقوقنا وأرضنا.