أخبار بديــل

حصول اللاجئين الفلسطينيين على لقاح كوفيد١٩: حق يجب إعماله تحت اشراف الاونروا بشكل عاجل
حصول اللاجئين الفلسطينيين على لقاح كوفيد١٩: حق يجب إعماله تحت اشراف الاونروا بشكل عاجل
PR/EN/080121/02

في الوقت الذي يستعد فيه العالم لاطلاق حملات التطعيم الواسعة ضد فايروس كوفيد-19، عزز فايروس كورونا حالة الضعف والهشاشة الحادة التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون، كما انه من المرجح ان يستمر تأثير الوباء على الفلسطينيين طويلا. ولا تزال عملية التطعيم تحت رعاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) غير مؤكدة نتيجة للأزمة المالية المزمنة التي تعاني منها الوكالة الدولية. وتتفاقم حالة عدم اليقين فيما يتعلق بالتطعيمات نتيجة لعدم استعداد الدول المضيفة والمسؤولة عن اللاجئين للايفاء بالالتزامات الواقعة عليها وفقا لقواعد القانون الدولي، والمتمثلة في حماية حق اللاجئين الفلسطينيين في الصحة.

من جهتها، تواصل اسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، سياستها التمييزية الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني فيما يتعلق بادارة ملف التطعيمات ضد فايروس كورونا. وفي الوقت التي تتصدر فيه اسرائيل قائمة اكثر الدول تلقيحاً لمواطنيها في العالم مع تلقيحها نحو 10% من سكانها غالبيتهم من اليهود حتى كانون ثاني 2021، إلا أنها اقصت  الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من برنامج التطعيم، بما فيهم اللاجئين الذين يشكلون نحو 42% من السكان في الارض المحتلة عام 1967. وبالرغم من ان المفوض العام للاونروا كان قد اكد على ان السلطة الفلسطينية ستقوم بتوفير اللقاح للاجئين الفلسطينيين بدعم من الوكالة، إلا أن ذلك لا يعني إعفاء اسرائيل من واجبها في توفير اللقاح للفلسطينيين وفقا للمادة 56 من اتفاقية جينيف الرابعة التي تنص على انه "من واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها […..] على صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات وكذلك الصحة العامة والشروط الصحية في الأراضي المحتلة، وذلك بوجه خاص عن طريق اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة."

يتعرض اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، بما فيهم هؤلاء الذين تعرضوا للتهجير الثانوي خلال الصراع في سوريا، لجملة من سياسات التمييز الممنهجة التي فرضتها الحكومة اللبنانية عليهم. ويحرم نحو 450,000 لاجئ مسجل لدى الاونروا في لبنان من الوصول الى الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة بما فيها الرعاية الصحية. وفيما يمرر البرلمان اللبناني القوانين التي تسمح للحكومة ابرام اتفاقيات الحصول على لقاح كوفيد-19 لتلقيح مواطنيها فقط، واستثناء اللاجئين الفلسطينيين، من المرجح ان تُلقى مهمة تلقيح اللاجئين الفلسطينيين بالكامل على الاونروا التي تعاني من ازمة مالية خانقة. 

تأتي مهمة الاونروا الطارئة لتوفير لقاحات كوفيد -19 في مناطق عملياتها الخمسة ضمن سياق الاستنزاف المالي لقدراتها المالية نتيجة لازمة التمويل المزمنة التي تطال برامجها الأساسية، والتي تتسبب بها الدول المانحة. كما يشكل انسحاب المانحين، لا سيما الولايات المتحدة الامريكية التي تعتبر اكبر المساهمين في ميزانية الاونروا بنحو 365 مليون دولار عام 2017،[1] وتوقفهم عن دعم خزينة الاونروا امرا مقلقا وخطيرا كون ميزانية الاونروا تعتمد بشكل شبه تام على التبرعات الطوعية التي تشكل نحو 95% من ميزانيتها. [2] وفي إطار مواجهتها لجائحة كوفيد-19، اطلقت الاونروا عدة نداءات طارئة، كان اخرها في أيلول 2020 لجمع 94.6 مليون دولار لغاية تخفيف اثار الجائحة على الصحة، ولتقديم المساعدات النقدية، وخدمات التعليم حتى نهاية كانون أول من نفس العام، وهو الامر الذي يذكر بمسؤوليات المجتمع الدولي تجاه حماية حق اللاجئين الفلسطينيين في الصحة.

وينبع الالتزام بتوفير لقاحات كوفيد-19 للاجئين الفلسطينيين من مصدرين أساسيين؛ أولا: من ضمن حقهم المعترف به دوليا بالصحة والملزم للدول المضيفة ودولة الاحتلال. ومن ثم يقع ضمن اختصاص الأونروا كجزء من ولايتها لتقديم المساعدة للاجئين الفلسطينيين الى حين التوصل إلى حل عادل ودائم لمأساتهم.

لقد كلف القرار رقم 203 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الاونروا بتقديم برامج تشغيل واغاثة مباشرة للاجئين الفلسطينيين بدعم من الدول ووكالات الامم المتحدة الأخرى؛ منظمة الصحة العالمية في ظل الاوضاع الحالية. تشكل الرعاية الصحية ركيزة أساسية في عمل وخدمات الاونروا التي يستفيد منها نحو 3.1 مليون لاجئ، كما انها تشكل احد المخرجات الاستراتيجية التي وضعتها الوكالة ضمن خطتها الاستراتيجية 2016-2021. وعليه، نفذت الاونروا حملات التطعيم بشكل مستمر ضمن اطار برامج التطعيم الخاصة بالدول المضيفة، بتغطية فاقت الهدف المعلن لمنظمة الصحة العالمية المتمثل في تطعيم 95% من السكان للوقاية من الامراض المعدية. [3]

ان مهمة الاونروا المتمثلة في اطلاق وتنفيذ حملات التلقيح لا يعفي الدول المضيفة من مسؤولياتها الواقعة عليها بموجب القانون الدولي لحقوق الانسان تجاه اللاجئين الفلسطينيين، حيث ينص قرار الجمعية العامة رقم 302 على ان تتعاون الاونروا مع الحكومات المحلية. كما تنص المادة 12(2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على ان يشمل الاعمال الكامل للحق في الصحة "الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها." كما ان عملية السيطرة على الأوبئة تشكل التزاما جوهريا يتطلب من الدول "وضع وتنفيذ برامج وقائية".[4] ان عملية الوصول الي التلقيح يجب ان لا تتم على أساس القومية، وخصوصا عندما يتعلق الامر باللاجئين. [5] ووفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302، فإن الحكومات مطالبة بتسهيل إنجاز الأونروا لمهمتها، أي أنها يجب أن تدعم بشكل خاص "الامتيازات والحصانات والإعفاءات والتسهيلات" لتمكين الاونروا من تنفيذ مهمتها في تلقيح اللاجئين.   

أخيرا، يتوقع من الدول الأطراف الثالثة ان "تقدم الإغاثة في حالات الكوارث والمعونة الإنسانية في أوقات الطوارئ، بما في ذلك المساعدة للاجئين والمهجرين داخليا" والمساعدة، كلما اقتضت الحاجة، للتمتع في الحق في الصحة في الدول الأخرى. [6] والى جانب مسؤوليتها الجمعية للمساعدة في إيجاد حل عادل وشامل لمأساة اللاجئين الفلسطينيين، ينبغي على الدول الأخرى دعم الاونروا عبر تقديم المنح المالية ودعم برامج التلقيح الخاصة بها.

يشكل توفير لقاح كوفيد -19 للاجئين الفلسطينيين حقاً قانونياً محمياً بموجب القانون الدولي لحقوق الانسان. كما يقع على الدول المضيفة، لا سيما لبنان، التزاماً سلبياً يتمثل في عدم إعاقة مهمة الأونروا عبر ممارسة سياسات تمييزية، والتزاماً إيجابياً يتمثل في تقديم الدعم الفعال لبرنامج التلقيح الخاص بالأونروا من خلال تقديم الدعم المالي او التقني لها. كما يتوجب على منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وفقا لقرار الجمعية العامة رقم 3210، ان تطالب الدول المضيفة والدول الاخرى بالإيفاء بالالتزامات الواقعة عليها تجاه اللاجئين الفلسطينيين.

وعليه، يدعو مركز بديل:

  • المجتمع الدولي الى ممارسة الضغط على إسرائيل واجبارها على الإيفاء بالالتزامات الواقعة عليها وفقا لقانون الاحتلال، وتوفير ودعم حملة التطعيم في الأرض المحتلة في الضفة الغربية وغزة.
  • مجتمع المانحين الدوليين للأونروا، بما فيها الدول المانحة، الى دعم جهود الاونروا في توفير الخدمات للاجئين الفلسطينيين، بالتحديد عبر تمويل والاستجابة لنداءات الطوارئ التي أطلقتها الاونروا لتلقيح اللاجئين الفلسطينيين.
  • الدول المضيفة، بشكل خاص لبنان، الى الإيفاء بالتزاماتها الواقعة عليها بموجب مبادئ القانون الدولي لحقوق الانسان، عبر إدراج اللاجئين الفلسطينيين ضمن برامج التلقيح الخاصة بها، وعبر دعم برامج التطعيم الخاصة بالاونروا مادياً ومالياً .
  • منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، لمطالبة الدول المضيفة ضمان وصول اللاجئين الفلسطينيين الى اللقاح على اسس غير تمييزية بالتعاون مع الاونروا والوكالات الدولية الاخرى لا سيما منظمة الصحة العالمية.

 


[1] UNRWA, 2017 Pledges to UNRWA’s Programmes (Cash and In-Kind) – Overall Donor Ranking as 31 December 2017 in USD, available at: https://www.unrwa.org/sites/default/files/overalldonor_ranking.pdf

[2] UNGA, UNRWA Financial Report and Audited Financial Statements for the Year Ended 31 December 2019 and Report of the Board of Auditors, A/75/5/Add.4, 14, available at: https://www.un.org/en/auditors/board/auditors-reports.shtml [accessed 8 January 2021].

[3]UNRWA Health Department, Annual Report 2019, 23, available at: https://www.unrwa.org/sites/default/files/content/resources/health_department_annual_report_2019_-final.pdf.

[4] Committee on Economic, Social and Cultural Rights, General Comment No.14, The Right to the Highest Attainable Standard of Health, E/C.12/2000/4, 11 August 2000, paras.16 & 44.

[5] Committee on Economic, Social and Cultural Rights, General Comment No.14, The Right to the Highest Attainable Standard of Health, E/C.12/2000/4, 11 August 2000, paras.18 & 34.

[6] Committee on Economic, Social and Cultural Rights, General Comment No.14, The Right to the Highest Attainable Standard of Health, E/C.12/2000/4, 11 August 2000, paras.39-40.