وكـــالة الأونـــروا وتحديــات الوضــع الراهــن

المفـوض العـام لوكالــة غــوث وتشغيــل اللاجئيــن الفلسطينييــن

التابعــة للأمــم المتحــدة-الأونـــروا

بحلول الذكرى الثامنة والخمسين للنكبة نواجه في الأراضي الفلسطينية المحتلة أزمة كبرى. فقد أصبح الصراع المزمن نفسه تحديا بالنسبة للجميع. ولكن في الوقت الراهن فإن غموض المستقبل وعدم قدرة أي منا على التنبؤ بما قد يحدث هو مشكلة هائلة.  لقد مرت أزمنة بدت فيها الظروف العامة واعدة، كما كان الحال في السنوات الأولى بعد اتفاقيات أوسلو حيث نقلت الوكالة مقرها من فيينا إلى غزة مع تسليمها للسلطة الوطنية الفلسطينية. وبعدها اعترضت بعض العقبات عملية السلام التي تزامنت مع الانتفاضة الثانية والتدهور الحاد في الوضع الإنساني.


مؤخراً، وبعد الانتخابات الفلسطينية الرئاسية الناجحة في كانون الثاني من العام 2005 وعملية انفصال إسرائيل عن قطاع غزة، أمل الكثيرون منا في أن يكون الزمن القادم أفضل. وقد مضت وكالة الأونروا إلى حيث خفضت مجموع مساعداتها الطارئة للعام 2006 إلى النصف. أما الآن فنحن قلقون جدا بشأن التطورات الراهنة خاصة التبعات المحتملة لعدم دفع السلطة الفلسطينية الرواتب على الوضع الأمني والاقتصادي. لقد اضطرت الأونروا إلى اعتماد خطة طوارئ بينما تقوم حاليا بتعديل ندائها الطارئ كخطوة وقائية مضادة للمزيد من التدهور المحتمل. أما التحديات التي تقف أمام الأونروا فهي تلبية الاحتياجات الإضافية للاجئين، مثل حاجات أبناء اللاجئين الذين يذهبون إلى مدارس السلطة الوطنية والذين قد يضطرون إلى التحول إلى مدارس الأونروا، وكذلك احتياجات المرضى من بين اللاجئين، الذين يعتمدون على النظام الصحي التابع للسلطة الوطنية الفلسطينية والذين قد يضطرون إلى العودة لعياداتنا لتلقي حاجاتهم.

تعتبر المرونة التي تميّز برامج وكالة الأونروا أحد أهم نقاط قوتها. فبينما نقوم بالتحضير لاحتمالات ازدياد الوضع سوءً، نقوم في الوقت ذاته بوضع الأساس لمستقبل أفضل عن طريق البحث عن وسائل لتطوير خدماتنا والاستجابة إلى احتياجات اللاجئين الفلسطينيين البالغ عددهم 4.3 مليون لاجئ والموزعين على الميادين الخمسة التي نعمل بها، الأردن، سوريا، ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة بشكل أكثر فاعلية.

نقوم بهذا من خلال إصلاحات شاملة ابتدأت بعد نقاش مكثف داخل الوكالة وكذلك مع الأطراف المعنية، وبشكل أساسي المانحين والدول المضيفة. كانت أحدى التغييرات المبكرة والهامة، إعادة تفعيل الهيئة الاستشارية للوكالة التي تزيد من فرص النقاش وتقديم الإرشادات من شركائنا. وأما التغيير الآخر فقد كان من خلال تقوية قدرة الوكالة على الدمج بين القضايا الهامة المتقاطعة مثل قضية النوع الاجتماعي والشباب والإعاقة، في برامجنا بشكل أكثر انتظاما لضمان الحد الأعلى من الفاعلية. يأتي هذا انسجاما مع دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لكافة وكالات المنظمة إعتماد منهج يرتكز على المنحى الحقوقي أثناء أدائها لعملها. ومن أجل المزيد من الإصلاحات فإننا نهدف إلى وضع اقتراحات فعلية للمانحين والدول المضيفة في اجتماع الهيئة الاستشارية القادم في شهر حزيران.

القضية الهامة الأخرى المتعلقة بالأطفال والشباب الذين يشكلون أكثر من 50 % من عدد اللاجئين الفلسطينيين، حيث أن آفاقهم الاقتصادية محدودة في ظل الوضع الاقتصادي الاجتماعي والسياسي القائم خاصة وأن نسبة البطالة بين الفلسطينيين الواقعة أعمارهم بين 15- 24 في الأراضي الفلسطينية المحتلة تفوق الـ 50 %، وكما هو الحال في أي مكان في العالم فإن شريحة الشباب هم أعظم ما يمتلكه المجتمع الفلسطيني، فهم يجسدون الأمل في مستقبل أفضل ولذا فإننا نعطي الشباب الأولوية من خلال نشاطنا الحالي. فإلى جانب التعليم يبقى محور تركيزنا الشبابي الأساسي هو برنامج الشبيبة والأطفال والذي يرمي إلى نشر النشاطات التي تساهم في عملية التطوير الذاتي وتقوية عضد فئة الشباب. سيبقى الدور الأكثر أهمية من بين أدوار الوكالة هو البرامج التعليمية والذي يعتبر أوسع برامجنا من حيث الموازنة والمصادر البشرية. فالتعليم هو المفتاح لتزويد أبناء اللاجئين الفلسطينيين من الأطفال والشبيبة بأفاق لمستقبل أفضل، الأمر الذي طالما أقره المجتمع الفلسطيني. وبوجود نصف مليون تلميذ في مدارسنا حاليا نواصل السعي إلى تحسين مستوى التعليم وإضافة الفرص للتدريب التقني والمهني، وكذلك الفرص للتعليم العالي. لا بد للتعليم من أن يعكس حاجات السوق وذلك لتحسين قدرة الشبيبة من اللاجئين على العمالة. وبمعزل عن القضايا المتعلقة مباشرة بالتعليم والعمالة، تتضمن احتياجات الشباب اللاجئين خدمات لشغل أوقات الفراغ، وممارسة النشاط وبشكل خاص في مخيمات اللاجئين.  

وبالإضافة إلى التركيز المتجدد دوما على الشباب، فإن الوكالة ستواصل ضمان ادماج النوع الاجتماعي في نشاطاتها، وتعزيز الإجراءات التي تؤمن مدخلا مساوي للأشخاص الذين يعانون من إعاقات. سوف نعالج أيضاً الظروف المعيشية السائدة في مخيمات اللاجئين عبر تحسين ظروف السكن والبيئة المادية المحيطة، بما في ذلك الحاجة إلى أماكن للترويح. وبالطبع فان تطبيق  الاقتراحات بالإصلاح وزيادة فاعلية برامجنا يتطلب المصادر المادية، الأمر الذي يرجعني للمجتمع الدولي ودوره تجاه الفلسطينيين. ما استثمر في البحث عن حل للصراع يفوق ما يمكن التنازل عنه قبل الوصول إلى نتائج واضحة. إنني لا أقلل من شأن المعضلات السياسية والأمنية القائمة ولكن تطبيق المجتمع الدولي للأعراف والمثل التي طورها بنفسه حول حل الصراعات وتجنبها، يقع على قدر كبير من الأهمية في مجال حماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان أثناء الحرب على الإرهاب، بينما تتم معالجة الوضع القائم. هنالك مثل عربي يقول "عيناك مفتوحتان ولكنك قصير النظر". دعونا لا نكون كذلك، دعونا نعترف أن أغلبية الناس في كل من إسرائيل وفلسطين يفضلون، بل تواقون إلى السلام والأمن والاستقرار.

وبالنيابة عن اللاجئين الفلسطينيين والشباب على وجه الخصوص، أتوجه إلى المجتمع الدولي لافراز قيادة تتطلع الى الأمام وتعمل بشكل قاطع نحو السلام.
__________________________________
مقالات أخرى في هذا العدد:

      وكالة الأنروا وتحديات الوضع الراهن
      بقلم: كارين أبو زيد، المفوض العام للأنروا
    *

      لا يأس مع الأمل..ولا قنوط مع العمل
      بقلم: فضيلة الشيخ عكرمة صبري، المفتي العام للقدس وفلسطين ورئيس الهيئة الإسلامية العليا
    *

      تحية إلى شعبنا الفلسطيني البطل في ذكرى النكبة
      بقلم: سيادة المطران د. عطاالله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس-القدس
    *

      هل نجحت إسرائيل في تصفية حق العودة؟
      قضية اللاجئين الفلسطينيين ومفاوضات السلام
      بقلم: د. زكريا الأغـــا، رئيس دائرة شؤون اللاجئين في المنظمة.
    *

      حق العودة: بين يهودية الدولة وصهينة المكان
      بقلم: محمد بركة، النائب العربي في كنيست الإسرائيلي
    *

      من النكبة إلى الدولة الواحدة
      بقلم: المناضل الأسير حسام خضر، رئيس لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين
    *

      فلسطين: الذاكرة التي تحرس الحلــم
      بقلم: د. وليد سيف، شاعر وكاتب دراما تلفازية وأستاذ جامعي
    *

      التمييز العنصري في فلسطين وجنوب أفريقيا
      بقلم: د. سليم فالي، رئيس لجنة التضامن الجنوب أفريقية مع الشعب الفلسطيني
    *

      فلنسمي الأشياء بأسمائها:
      تطهير فلسطين عرقياً في العام 1948
      بقلم: د. إيلان بابيه، محاضر في جامعة حيفا
    *

      وفـاءاً للجيـل الذي ضيّـع البــلاد!
      بقلم: جمال  ناجـي، الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
    *

      التمويـه والخديعة خلال حرب العام 1948
      بقلم: د. شكري عرّاف، جغرافي متخصص في تاريخ المدن الفلسطينية
    *

      لماذا لا تزال النكبة مستمرة؟
      بقلم: رجـا ديـب، منسق مجموعة عائدون في سورية
    *

      نكبة فلسطين وأزمة الخطاب العربي المعاصر
      بقلم: د. تركي علي الربيعو، كاتب وباحث سوري
    *

      تداعيات النكبة على أوضاع الفلسطينيين في إسرائيل
      بقلم: د. أسعد غانم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا
    *

      نتوارثها جيلاً بعـد جيل
      بقلم: د. كرمة نابلسي، استاذة جامعية في جامعة أوكسفورد
    *

      رسالة إلى شعبنا الفلسطيني الحي: إن حياتك وقفة عز تغيير فيها الأقدار
      بقلم: الفنانة جوليا بطرس
    *

      قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين هي قضيتي الأولى
      بقلم: الفنانة فردوس عبدالحميد
    *

      لم ينجحوا بتدمير الحلم الفلسطيني!
      بقلم: الفنانة ريم البنا
    *

      ماذا تعلمنا؟
      بقلم: الفنان والمخرج محمد بكري
    *

      عودة مخدّة (حكاية لأحمد)
      بقلم: الفنان أحمد قعبور
    *

      أحبُ فلسطين، أحبُ شعب شعب فلسطين
      بقلم: الفنان مرسيل خليفة
    *

      على أمل العودة ذات يوم، ذات نصر!
      بقلم: الشاعر والصحفي زاهي وهبي
    *

      ها قد أصبحت أخيراً..فلسطينياً
      بقلم: المخرج حاتم علي
    *

      إلى أحبتنا أطفال فلسطين في الذكرى الثامنة والخمسين للنكبة
      بقلم: بيلا فرويد، وجميما خان
    *

      بمناسبة مرور ثمانية وخمسون عاماً على النكبة
      بقلم: الفنان يوسف شعبان
    *

      لاجئون بلا وجوه:
      حق العودة في المناهج التعليمية الإسرائيلية
      بقلم: النائب عيسى قراقع
    *

      إسرائيل بعد انتخابات 2006:
      "الخارطة الحقيقية تنزاح يميناً وبصورة متطرّفة"
      بقلم: أنطوان شلحت، كاتب وصحفي
    *

      شظايا النكبة تجرح الحاضر
      بقلم: هشام نفاع، صحفي
    *

      قضية اللاجئين الفلسطينيين في الذكرى الثامنة والخمسين للنكبة
      هل من أفق للحل؟
      بقلم: د. نايف جراد، محاضر وباحث وكاتب
    *

      حق العودة عماد السلام العادل
      بقلم: عادل سالم، إعلامي
    *

      فلسطين...خطر مزدوج!
      بقلم: ميشيل كيلو، كاتب سوري
    *

      الإمعان في الذنب
      بقلم: د. أحمد فائز الفواز، ناشط سوري
    *

      58 عاماً على نكبة فلسطين
      أين الأمم المتحدة من قضية اللاجئين الفلسطينيين؟
      بقلم: د. أمل يازجي، محاضرة في جامعة دمشق
    *

      الذاكرة الشفاهية بين العرب والصهاينة
      بقلم: د. حسين جمعة، أستاذ الأدب في جامعة دمشق
    *

      التهجير، الصمود، ومحاولات العودة
      النكبة كما عاشتها نساء فلسطين
      بقلم: جنان عبدة-مخول
    *

      أم الزينات والرمز الأخضر
      بقلم: سلمان ناطور، قصصي ومسرحي وروائي ونقدي
    *

      تكتّل الجمعيات والهيئات الأهلية اللبنانية نموذجاً
      نحو تعزيز دور الجمعيات والهيئات الأهلية في دعم النضال الشعبي
      بقلم: د. حيدر دقماق