دور المنهاج الفلسطيني في ترسيخ حق العودة

بقلم: جمال العيسة*

ظهر مصطلح حق العودة في السياق الفلسطيني، بعد نكبة عام 1948 وتهجير ما يزيد عن 850 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم. وقد انتشر هذا المصطلح دولياً من خلال القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين الى قراهم ومدنهم التي هجروا منها في عام 1948 بالاضافة الى تعويضهم عن اي خسائر لحقت بهم او بممتلكاتهم جرّاء النكبة. كما وعرّفت وكالة الغوث الدولية اللاجئ الفلسطيني على انه: الشخص الذي كان يسكن في فلسطين قبيل حرب عام 1948، وقد فقد نتيجة الحرب مكانه وحقه في الأرض وهُجر خارج أرضه سواء في داخل فلسطين أو خارجها.

وقد قبلت الأمم المتحدة عضوية اسرائيل بشرط تنفيذ القرار 194 وضمان عودة اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين الى قراهم ومدنهم الأصلية التي هُجروا منها، الا أن اسرائيل تلكأت في تنفيذه رغم المراجعة الدائمة لها. وعليه عاش اللاجئ الفلسطيني في الفجوة بين حلم اللاجئ الفلسطيني بعودته إلى أرضه، وما بين غياب التزام المجتمع الدولي واسرائيل في تنفيذ القرارات الدولية.

وقد شهدت هذه الاحداث التاريخية، بعد اتفاقية اوسلو، غياباً او تغييبا من مناهج التعليم الفلسطينية، الامر الذي شكل تراجعاً في الوعي الوطني والدور الريادي الذي لعبته الحركة الطلابية. فبعد اتفاق أوسلو، أتمت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية حديثة النشأة، المنهاج الفلسطيني الذي لم يتجاوز الخطوط الحمر التي فرضتها أوسلو.

فقد ساهم المنهاج الفلسطيني في تراجع الوعي الوطني لدى الشباب، فبالرغم من وجود المنهاج الفلسطيني المقرر من قبل وزارة التربية والتعليم، إلّا أنه امسى احد المخلفات التي تمخضت عن اتفاق اوسلو. فعلى سبيل المثال، لم يأت كتاب التاريخ الذي يدرس في المدارس والجامعات الفلسطينية على ذكر القضية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، كما أنه لا يتطرق للعنصرية الاسرائيلية المتمثلة في قانون العودة الاسرائيلي 1952، الذي ينص على السماح لليهود من كل العالم بالعودة الى اسرائيل والحصول على الجنسية فور الوصول بينما يحرم الفلسطيني صاحب الارض من حقه في العودة الى دياره.  

كما لم يأت كتاب القضايا المعاصرة على مجرد ذكر لقضية الشعب الفلسطيني وحق العودة للاجئين والمهجرين الفلسطينيين، بينما ستلاحظ تأييداً واضحاً للدولة الفلسطينية وعضويتها في الأمم المتحدة على حدود ال67، وبجانبنا اسرائيل.

يمكننا القول أن وزارة التربية والتعليم تتجاهل وتتحاشى طرح موضوع حق العودة في المناهج بشكل متعمد، بالإضافة الى ضعف المنهاج في توعية الفكر الوطني للطالب. ففي مرحلة معينة، لا يستطيع معظم الطلاب التمييز بين قرار حق العودة، وحق العودة بالمفهوم الوطني.

وقد اقتصرت المناهج على سرد الأحداث دون التعمق في تفاصيلها، ولم تستغل تعريف المنظمات والهيئات الدولية لكلمة لاجئ لصالح طلابها ومطابقتها بالواقع الذي نعيشه. ويعود ذلك كله الى اوسلو، التي تمنع وجود كلمة فلسطين متفردة، أو مناداة الاحتلال الاسرائيلي بالاستعمار الصهيوني.

وهنا تكمن حرب المصطلحات، وتغيير المفاهيم. لكن يبقى السؤال، هل ستبقى مناهجنا تعاني من هذا الفقر في السرد والعرض إلى ان تقتنع الأجيال الجديدة، ان اسرائيل ليست سوى دولة مستقلة قد احتلت أراضي ال67؟ وهل سيختفي حق العودة مع الزمن ونسيان قرار 194؟
بالتأكيد لا!
----------------------------------------------
جمال محيسن العيسة: طالب وناشط من سُكان مُخيم الدهيشة