في الذكرى السادسة والستين: النكبة مستمرة...

بقلم: سعيد سلامة*

مند أكثر من قرن تصاعدت الهجمةالاستعمارية الدولية لتمكين اليهود من إقامة دولتهم في فلسطين متجاهلين فلسطينية وعروبة كل ما فيها من بشر وحجر وشجر، على الرغم من أن علاقة اليهود بفلسطين لا تختلف عن علاقتهم بأي مكان آخر في العالم، فلم يتجاوز عددهم عشية صدور وعد بلفور في عام 1917 السبعة وأربعين ألف يهودي، ونسبة ما كانوا يملكونه يقل عن 2 % من إجمالي أرض فلسطين.

الدول الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا العظمى كثفت جهودها خلال ثلاثين عاماً لضمان تهويد فلسطين سياسياً وعسكرياً وديمغرافياً، وتزوير الشرعية القانونية عبر المنظمات الدولية كعصبة الأمم (صك الإنتداب سنة 1921)،[i]وفيما بعد الأمم المتحدة (قرار التقسيم 181 لسنة 1947).[ii]وفي 11/ايارمنعام 1949وافقتالجمعيةالعامةللأممالمتحدةعلىعضويةاسرائيلفيها،الاانقرارالعضوية كانمشروطاًبالتزام اسرائيل بميثاق الامم المتحدة مذكراً بالقرار181 وقرار 194 الصادر في 11/12/1948 الخاص بعودة اللاجئين والتعويض، فكانت الدولة الوحيدة التي قبلت عضويتها بشروط.

النكبة عام 1948

إن الدعم الدولي لتمكين اليهود في جميع المجالات أدى إلى هزيمة الجيوش العربية التي يقودها ضباط إنجليز، وادى ايضاً الى هزيمة المقاومة الفلسطينية التي كانت ملاحقه من قوات الانتداب البريطاني؛ كل ذلك ساهم في ان يحتل اليهود 78% من الأراضي الفلسطينية. ضمت الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية، وخضع قطاع غزة للإدارة المصرية. تم تدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية وتطهيرها عرقياً، وقد وقعت بحق الفلسطينيين أكثر من 50 مذبحة موثقة، واستشهد خلال النكبة 15 ألف فلسطيني وهجر 800 ألف فلسطيني من إجمالي 1.4 مليون فلسطيني أقاموا في فلسطين التاريخية قبل النكبة، وبقي فقط 156 ألف فلسطيني في فلسطين المحتلة عام 1948. هذا مع العلم بأن دعم الانتداب والقهر البريطاني كان قد ساعد الحركة الصهوينة على زيادة عدد اليهود إلى 650 ألفاً سنة 1948 أي حوالي 31.7 % من إجمالي السكان.

الفلسطينيون الى الشتات

لجأ الفلسطينيون إثر النكبة قريباً من ديارهم على أمل العودة القريبة، مائة ألف من شمالي فلسطين لجأوا الى لبنان ومثلهم تقريباً الى سورية، وحوالي 200 ألف معظمهم من جنوب فلسطين لجأوا الى قطاع غزة ليشكلوا فيما بعد ثلثي سكان القطاع الذي أصبح من أكثر مناطق العالم إزدحاماً بالسكان، 100 ألف لجأوا لشرقي الأردن و323 ألفاً لجأوا من وسط فلسطين الى الضفة الغربية،[iii] وعدة آلاف الى مصر وسيناء وأربعة آلاف معظمهم من قرى شمالي جنين رافقوا الجيش العراقي الى العراق.

وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين

في ظل تشريد 85% من فلسطينيي الأرض المحتلة عام 1948، وتنصل حكومة الاحتلال من تنفيذ القرار الدولي 194 والذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض، نشأت كارثة إقليمية دعت المجتمع الدولي ومن خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة لتشكيل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيينUNRWA  بموجب القرار 302 الصادر في نوفمبر 1949 وهي منظمة دولية أنشئت خصيصاً للاجئين الفلسطينيين، على خلاف اللاجئين في العالم الذين توفر لهم المساعدة والحماية المفوضية العليا للاجئين UNHCRوالتي أنشئت في 14 ديسمبر 1950 وتتبنى توفير أحد ثلاثة خيارات للحلول الدائمة للاجئين كعودة اللاجئين الى ديارهم أو دمجهم في بلد اللجوء أو توطينهم في بلد ثالث.

توفر الأونروا الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للاجئين في مناطق عملياتها في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان، كالتعليم الأساسي والرعاية الصحية بالإضافة الى المساعدات الإجتماعية الى 5% فقط من اللاجئين الفلسطينيين.

النازحون 1967:

احتلت إسرائيل بقية الأرض الفلسطينية- القدس والضفة الغربية وقطاع غزة – في حرب حزيران 1967، والتي هجر على أثرها حوالي 410 آلاف فلسطيني،[iv] أطلق على هؤلاء المهجّرين اسم "النازحين" لتمييزهم عن اللاجئين المهجّرين عام 1948، بعض هؤلاء النازحين ذو صفة مزدوجة، أي أنهم لاجئون ونازحون في آنٍ واحد، فقد كان بين النازحين 1967 أعداداً من لاجئي 1948، ممن كانوا يقيمون في الضفة الغربية وقطاع غزة عند نشوب حرب1967، وبسبب رغبة اﺳﺮاﺋﯿﻞتفريغ الأرض من سكانها الفلسطينيين، ﻓﺈنها ترفض عودة اللاجئين  واﻟﻨﺎزﺣﯿﻦ.

محطات المعاناة

لم تنتهِ معاناة اللاجئين الفلسطينيين عند نكبة عام 1948 أو نكسة حزيران 1967، بل استمرت هذه المعاناة في بلدان اللجوء وأخذت أشكالاً مختلفة ضمن سلسلة متلاحقة لم تنتهِ بعد مرور ستة وستين عاماً، وكأن هذه المعاناة تضع أمامها خارطة التشتت وتطارد اللاجئين الفلسطينيين في جميع أماكن تواجدهم، ليس فقط السمات العامة لللاجئين الفلسطينيين كالخيمة والفقر والجوع والهوية وقسوة الشتاء... بل خارطة استباحة اللاجئين الفلسطينيين الذين تطاردهم محطات القتل في تسلسل زمني لم يستثنَ منه لاجئ ومخيم. فمن مخيم الوحدات سنة 1970، الى مخيم تل الزعتر سنة 1975، الى مخيم الرشيدية سنة 1978، وصبرا وشاتيلا 1982، والبارد والبداوي 1983، وحرب المخيمات 1987، ثم بلاطة وجباليا 1987 ثم فلسطينيي الكويت 1990، ورفح وجنين 2002 والبلديات في العراق 2004، ونهر البارد 2007، وأخيرا مخيم اليرموك، وذلك في غياب الحد الأدنى من الحماية للاجئين الفلسطينيين.

تدمير مخيم الكرامة

في المحاولة الإسرائيلية الفاشلة سنة 1968 للقضاء على المقاومة الفلسطينية واحتلال المرتفعات الشرقية لوادي الأردن سقط أكثر من 200 شهيد فلسطيني وأردني، وتم تدمير مخيم الكرامة تدميرًا كليًا وتشريد سكانه.

ايلول 1970

قصفت الدبابات الأردنية مواقع المنظمات الفلسطينية، واقتحمت مخيم الوحدات ومخيم البقعة ومخيم سوف ومخيم الزرقاء واجتاحت فرق المشاة شوارع الزرقاء وعمان وإربد، وكان لشدة المقاومة في مخيم الوحدات السبب في زيادة وتيرة القصف والضغط العسكري، وحسب بعض التقديرات فقد سقط 4 آلاف مدني في هذه الأحداث بالإضافة الى إعادة تشريد آلآلاف الى سوريا ولبنان وغيرها.

لبنان، الحرب الأهلية 1975/1976

حصلت مذبحة خلال الحرب الأهلية اللبنانية في مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين الواقع شمال شرق العاصمة اللبنانية بيروت الذي كان يضم 50,000 من الفلسطينيين، وكانت بيروت الشرقية ذات الأغلبية المارونية محاطة بمخيمات الفلسطينيين مثل منطقة الكرنتينا ومخيم تل الزعتر، ففي يناير 1976، اقتحمت الميليشيات الطائفية الكرنتينا التي كان يسكنها أكراد وسوريون وفلسطينيون وقتلت 1,500 من السكان.

وبعدها بدأت جريمة تل الزعتر، أطول معارك الحرب الأهلية وأكثرها خسائر وضحايا، فقد فرض الحصار على المخيم، وعلى مدى اثنين وخمسين يومًا متتالية، اقتحمت المليشيات مخيم جسر الباشا وحي النبعة ثم سقط مخيم تل الزعتر في 14-8-1976، وارتكبت فيه أفظع الجرائم من هتكٍ للأعراض، وبقرٍ لبطون الحوامل، وذبحٍ للأطفال والنساء والشيوخ، وكذلك ارتكبوا المجازر والجرائم، من اغتصابٍ وهدم البيوت وسلب الأموال، ثم قامت الجرافات بتسويته بالأرض والقضاء عليه تمامًا.

خلفت المجازر ما يزيد عن 3,000 قتيل فلسطيني، يذكر عدة مؤرخين من بينهم اليهودي إسرائيل شاحاك بأنه خلال الحصار حظيت المليشيات الطائفية بدعم كامل من إسرائيل.

العدوان على لبنان عام 1978  "عملية الليطاني"

في 14 آذار 1978، بدأت "عملية الليطاني" بعدوان شارك فيه ثلاثون ألف جندي إسرائيلي اجتاحوا أكثر من 150 بلدة وقرية لبنانية وقامت إسرائيل بهجمات مدمرة ضد القرى اللبنانية وقواعد منظمة التحرير الفلسطينية، وقد استشهد 2000 فلسطيني ولبناني معظمهم من المدنيين.

العدوان على لبنان 1982

في 5 حزيران 1982 بدأت إسرائيل حملة قصف جوي ومدفعي كثيف على صيدا والنبطية والدامور وتبنين وعرنون وقلعة شقيف؛ ودخل الجيش الإسرائيلي الأراضي اللبنانية وقد تعرض مخيم البرج الشمالي لمذبحة مروعة في ملجأ نادي الحولة ذهب ضحيتها نحو المئة، وفي 13 يونيو قامت القوات الإسرائيلية ومليشيا بشير الجميل بمحاصرة بيروت، قامت القوات الإسرائيلية بقصف بيروت من البر والجو والبحر، وقتل أكثر من 30,000 مدني، ونزوح أكثر من نصف مليون شخص عن بيروت؛ وفي فترة الست وسبعين يومًا استمرت إسرائيل بمنع المعونات الدولية والإنسانية عن بيروت؛ استعملت إسرائيل في هجومها على بيروت أسلحة محرمة دوليًا، بدءًا من القنابل العنقودية والفسفورية، ومرورًا بالنابالم وألعاب الأطفال المفخخة.

مذبحة صبرا وشاتيلا

بعد صمود القوات الفلسطينية والقوات الوطنية اللبنانية لمدة شهرين، توسطت الولايات المتحدة بين الطرفين، وتوصل الأطراف إلى اتفاق نص على انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت تحت إشراف قوات متعددة الجنسية والتي ستحل مكان قوات المنظمة، وتعهدت الولايات المتحدة بضمان سلامة المدنيين الفلسطينيين في المخيمات بعد خروج القوات الفلسطينية منها، انتهت عملية إخراج عناصر منظمة التحرير من بيروت في 1 أيلول 1982، وفي 15 أيلول، احتلت القوات الإسرائيلية بيروت الغربية وحاصرت مخيمات صبرا وشاتيلا، بعد خروج 14,000 مقاتل كانوا يضمنون امن أهالي المخيمات.

كان المخيمان محاصرين تماما من قبل القوات الإسرائيلية والتي قامت بقصف المخيمات بمدفعيتها. وسمحت لقوات الكتائب أن تدخل المخيمات، في الأربعين ساعة التي تلت، قام عناصر الكتائب باغتصاب وقتل المدنيين اغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن، ويقدر عدد ضحايا المجزرة بِـ 3500 شهيد.[v]

مخيمات طرابلس 1983:

رعت سوريا الانشقاق عن فتح، وهاجمت معسكرات فلسطينية رفضت الانضمام للمنشقين، وقامت القوات الإسرائيلية بعمليات قصف بحري على المواقع الفلسطينية في طرابلس، وترافقت تلك العمليات بمحاولة إنزال بري من قبل القطع البحرية الإسرائيلية نهار يوم 14/12 وليل 15/12/1983. 

وفي تشرين الثاني، سقط مخيم نهر البارد ثم مخيم البداوي في أيدي المنشقين بعد معارك سقط فيها نحو 1000 شهيد من الفلسطينيين، وكان ياسر عرفات قد نجح خلال حصاره في طرابلس بمبادلة 6 أسرى إسرائيليين بـ 4500 معتقل فلسطيني، مقاتلين ومدنيين، محتجزين في جنوب لبنان وفي إسرائيل.

حرب المخيمات 1987

بدعم وغطاء من القوات السورية قامت حركة أمـل التي يتزعمها نبيه بري – رئيس مجلس النواب الحالي - بفرض حصار طويل وقاتل على المخيمات الفلسطينية استمر 18 شهرا قصفت خلالها المخيمات بمدفعية ودبابات الجيش السوري، ومنع عن قاطنيها الماء والغذاء فترات طويلة. وخلفت هذه"الحرب" نحو 3000 شهيد، وآلاف الجرحى ودماراً واسعاً. وأعلن في 11/9/1987 انتهاء " الحرب".

الانتفاضة الفلسطينية 1987

أو انتفاضة الحجارة، الاحتجاج الشعبي الفلسطيني على الوضع العام المزري بالمخيمات وعلى انتشار البطالة وإهانة الشعور القومي والقمع اليومي الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.[vi]

بدأت الانتفاضة يوم 8 ديسمبر/ 1987، وكان ذلك في مخيم جباليا، في قطاع غزة ومخيم بلاطة في الضفة الغربية. ثمّ انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيّمات فلسطين. ُقدّر أن 2300 فلسطيني قتلوا أثناء أحداث الانتفاضة، التي كانت أسبابها تتمثل في عدم تقبل الاحتلال الإسرائيلي والتشريد والتهجير القسري، كونه يتعرّض لممارسات العنف المستمرّة، وتردّي الأوضاع الاقتصادية، وضم القدس والاستيلاء على الأراضي من خلال بناء المستوطنات بها.

نشأت لجان محلية داخل المخيمات عملت على تنظيم الغضب غير المسلح للشارع الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي المسلح والشد من أزره والتقريب بين صفوفه وذلك عن طريق توفير المؤونة والتعليم والأدوية وباقي الخدمات الضرورية للمخيمات والمناطق التي يطبق فيها حظر التجول.

تم فرض حظر التجوال لفترات طويلة. وخلال العام الأول للانتفاضة تم إحصاء 1600 حظر تجوال منها 118 لفترة لا تقل عن خمسة أيام. وعاش جميع سكان قطاع غزة حالة منع تجوال، وكذلك ما لا يقل عن 80% من القرى والمدن العربية بالضفة الغربية.

تدمير ونسف 1,228 منزلاً، واقتلاع 140 ألف شجرة من الحقول والمزارع الفلسطينية، وتم اعتقال ما يقارب من 60,000 فلسطيني من القدس والضفة والقطاع وفلسطينيي 1948 بالإضافة للأسرى العرب. لاستيعاب هذا العدد الهائل من الأسرى اضطرت إسرائيل إلى افتتاح سجون، مثل سجن كتسيعوت في صحراء النقب والذي افتتح في عام 1988.

فلسطينيو الكويت

على أثر الإحتلال العراقي للكويت سنة 1990 تم تشريد 350 ألف فلسطيني، حيث تعرض الفلسطينيون بعد تحرير الكويت للمضايقات وفي حالات عديدة للإعتقال والقتل، وقد اضطر عدد كبير منهم للهجرة الى أوروبا وأمريكا لعدم تمكنهم من دخول الدول العربية.

انتفاضة الأقصى

الانتفاضة الفلسطينية، اندلعت في 28 سبتمبر 2000، تميزت هذه الانتفاضة مقارنة بسابقتها بكثرة المواجهات المسلحة، راح ضحيتها 4412 شهيدا فلسطينيا و48322 جريح. ومرت الضفة الغربية وقطاع غزة خلالها بعدّة اجتياحات إسرائيلية.

ساد شعور عام بالإحباط لدى الفلسطينيين بسبب المماطلة وجمود المفاوصات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بعد مؤتمر قمة كامب ديفيد، بالإضافة إلى عدم تطبيق إسرائيل للعديد من الجوانب التي تم الاتفاق عليها في أوسلو أو الاتفاقيات والمفاوضات اللاحقة. واستمرت إسرائيل في سياسة الاغتيالات والاعتقالات والاجتياحات لمناطق السلطة الفلسطينية ورفض الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. بالإضافة إلى استمرار بناء المستوطنات واستبعاد عودة اللاجئين واستبعاد الانسحاب لحدود حزيران 1967.

نتائج الانتفاضة الثانية على الفلسطينيين كانت تصفية معظم الصف الأول من القادة الفلسطينيين أمثال ياسر عرفات واحمد ياسين وأبو علي مصطفى، وتدمير البنية التحتية الفلسطينية وتدمير مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية وتدمير ممتلكات المواطنين وبناء جدار الفصل العنصري الإسرائيلي.

فلسطينيو العراق

أربعة آلاف لاجئ فلسطيني رافقوا الجيش العراقي عام 1948 الى العراق، ويقدر عددهم قبيل الاحتلال الأمريكي للعراق 34,000 نسمة تقريبا. حالة اللاجئين الفلسطينيين في العراق تدهورت بعد الإحتلال الأمريكي للعراق، اذ تعرضوا للاضطهاد من قبل بعض الجماعات المسلحة، وأصبحت عملية تجديد تصاريح الإقامة الخاصة بالفلسطينيين صعبة للغاية، وأصبح مفروضا عليهم بأن يخضعوا لاستجواب عند تجديد تصاريحهم كل شهرين.

لقي مئات الفلسطينيين مصرعهم غالبيتهم قتلوا على يد ميليشيات، مما دعا العديد من الفلسطينيين إلى التوقف عن إرسال أطفالهم إلى المدارس وتوقفوا عن البحث عن عمل بسبب المخاوف من الاختطاف أو القتل، ونتيجة لذلك فر آلاف الفلسطينيين حيث علقوا على الحدود ومنعوا من دخول الأردن، مما أدى إلى إقامة العديد من المخيمات على تلك الحدود مثل مخيم الرويشد، وعائلات أخرى لجأت إلى الحدود السورية في مخيمات صحراوية كمخيم الوليد والهول والتنف.

ووفقا لمفوضية شؤون اللاجئين فقد غادر حوالي 21,000 فلسطيني العراق منذ عام 2003، وتبقى فقط 13,000، وقد تم توزيع اعداد كبيرة بواسطة المفوضية على العديد من بلدان العالم مثل كندا واستراليا والبرازيل.

نهر البارد 2007

مخيم نهر البارد هو مخيم للاجئين الفلسطينيين يقع في شمال لبنان، بالقرب من مدينة طرابلس، ويضم حوالي 38000 فلسطيني. في ايار 2007 أصبح هذا المخيم محور صراع بين القوات المسلحة اللبنانية وجماعة فتح الإسلام المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة، وقد أدت هذه الاشتباكات إلى نزوح السكان وتدمير المخيم بالكامل ومقتل عدد كبير من سكانه. فقد سقط ما بين 120 – 200 من المدنيين ضحايا لهذا القتال، وحوالي 6,265 أسرة لاجئة فلسطينية تم تهجيرهم داخليا. ومع نهاية حزيران كان أكثر من ألف شخص عالقون داخل المخيم، معظمهم من الفئات الأكثر ضعفا، وغير القادرين على المغادرة، مع إمكانية محدودة لديهم للوصول للمساعدات الإنسانية. وقد تم تدمير المخيم كاملا، حيث هدمت آلاف المساكن، كما تم تدمير شبكات المياه والصرف الصحي. وضعت الأونروا خطة لاعادة اعمار المخيم، تمهيدا لعودة اللاجئين اليه؛ حيث كان من المفترض ان تنتهي خطة اعادة العمار منذ سنيتين، الا انه لم يتم انجاز سوى مرحلتين من ست مراحل من الاعمار لاسبباب سياسية واخرى تعلق بنقص الموازنة. 

اللاجئون في سوريا

مع امتداد النزاع المسلح بين الحكومة السورية وقوات المعارضة، والتي دخلت قلب المخيمات الفلسطينية في سورية، أجبر أكثر من نصف اللاجئين على الفرار والهرب من واقعهم المرير، فقد تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين في سورية الى (2000) شهيداً.

وتشير تقديرات وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين (الأنروا)  إلى أن حوالي (55.000)  فرّوا الى  لبنان، و(9600) الى الأردن، و(6000) الى مصر، و(1000) الى قطاع غزة، حيث غادر آخرون الى دول خارج المنطقة، يسعون الى الملاذ في أوروبا بشكل مأساوي، وهم يدركون المخاطر الكبيرة التي تنتظرهم على الرغم من شعورهم بأنهم غير مرحب بهم في المنطقة.

وضعت بعض الدول شروطاً قاسية بوجه الفلسطينيين الفارين من جحيم الواقع السوري، ويعيشون في هذه الدول في ظروف انسانية بالغة السوء، ومعاملة صعبة من السلطات التي تعاملهم ضمن منطق أمني، وليس انسانيا مخالفة بذلك قواعد القانون الدولي لا سيما اتفاقية حقوق اللاجئين لعام 1951.

منعت السياسة المصرية الرسمية اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية من طلب حماية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في انتهاك صريح لولاية واختصاص مفوضية اللاجئين بموجب اتفاقية اللاجئين لسنة 1951. ويتم احتجاز اللاجئين الى اجل غير مسمى حتى يغادرون البلاد. وأن البديل الوحيد هو التوجه الى لبنان، او العودة الى سورية.

ويمارس الأردن وفقاً لـ (الأونروا ومنظمة العفو الدولية) تمييزاً بحق اللاجئين الفلسطينيين السوريين حتى بالمقارنة مع اللاجئين السوريين أنفسهم. ويفرض قيوداً على دخول الفارين من سورية الى أراضيه، حيث تعمل على إعادة اللاجئين قسراً الى مناطق الحرب، وتعرّض المتواجدين حالياً الى الاعتقال التعسفي، في ظل تخوفات من تزايد اعداد اللاجئين وتشكيلهم تهديداً للأمن، علماً ان السلطات الأردنية رفضت رسمياً استقبال اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية، وتم احتجاز من دخلوا البلاد في مجمع "سايبر سيتي"، حيث يشتكي اللاجئون من عدم صلاحية المكان للسكن، ويعانون من عدم السماح لهم بالخروج من المجمع الذي وصفه سكانه بـ "المنفى".

أخيراً، وبعد كل تلك المحطات من التضحيات، لم تنتهِ النكبة بمرور عام 1948، بل تستمر على الرغم من مرور 66 عاما وتأخذ أشكالاً مختلفة، ولكن تبقى الحقيقة الثابتة وهي أن الأجيال تتوارث الحقوق ولا تساوم عليها.

-------------

*سعيد سلامة: مدير عام الدراسات في دائرة شؤون اللاجئين.


[i]المادة الثانية (من صك الانتداب): تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن وضع البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تضمن إنشاء الوطن القومي اليهودي وفقا لما جاء بيانه في ديباجة هذا الصك وترقية مؤسسات الحكم الذاتي، وتكون مسؤولة أيضا عن صيانة الحقوق المدنية والدينية لجميع سكان فلسطين بقطع النظر عن الجنس والدين.

[ii] بتاريخ 29/11/1947، وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية صدر القرار الدولي رقم 181، الذي يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين الأولى يهودية تقوم على 54.7 % من الأراضي الفلسطينية ويسكن فيها 498 ألف مستوطن يهودي و497 ألف عربي فلسطيني، والثانية عربية تقوم على نحو 44.8 % من الأراضي يسكن فيها 725 ألف فلسطيني و 10 آلاف مستوطن يهودي.

[iii]يوجد تداخل في تعداد اللاجئين في الضفة الغربية والأردن ما بين عام النكبة 1948 وعام النكسة 1967 حيث كانت الضفة الغربية جزءا من المملكة خلال هذه الفترة.

[iv]هناك ﻣﻦ ﻳﺘحدث ﻋﻦ أن نكسة حزيران 1967 أدت إﻟﻰ نزوح 162,500 ﻣﻦ اﻟﻼﺟﺌﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ وﻧﺤﻮ 15,000 ﻣﻦ ﻗﻄﺎع ﻏﺰة إﻟﻰ اﻷردن، اﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ 240,000 ﻣﻦ اﻟﻀﻔﺔ وﻏﺰة ﻋﺎﻧﻮا ﻟﺠﻮءھﻢ اﻷول ﻓﻲﺗﻠﻚ اﻟﺤﺮب، وأﻳﻀﺎً 16000 فلسطيني ﻣﻦ أﺻﻞ 132,000 ﻻﺟﺊ ﻣﻦ ﺳﻜﺎن هضبة اﻟﺠﻮﻻن ﻓﻲ ﻟﺠﻮء ﺛﺎن إﻟﻰ ﺳﻮرﻳﺎ عقب اﺣﺘﻼل الجولان ﻋﺎم 1967. ويقدر عدد النازحين ﺣﺎﻟﯿﺎً ﺑﺤﻮاﻟﻲ اﻟﻤﻠﯿﻮن.

[v]حسب تحقيق الصحفي الإسرائيلي " آمنون كابليوك".

[vi]Uprising by Palestinians against Israeli rule in the West Bank and Gaza Strip territories." Intifada, Microsoft Encarta. Archived 2009-10-31.