وقفنا مليا قبل البدء بكتابة هذه الافتتاحية امام سؤال: ما الجديد الذي يمكن ان نضيفه على افتتاحية عدد النكبة 65، او عدد النكبة 64 و 63، 62.. وما دون ذلك؟ ولم نتفاجئ، بعد اطلاعنا على الاعداد السابقة، بحقيقة ان ما كتبناه سابقا يصلح بلا اي تغيير كافتتاحية للذكرى 66!

وبلا عناء، وجدنا ان هذه الحقيقة بحد ذاتها ربما تشكل جديدا، ليس بمعنى طرح المعلومة، بل بمعنى الحاجة الى وقفة مراجعة جدية. اين نحن؟ ماذا نريد؟ وكيف؟  

في الاعداد السابقة الخاصة بالنكبة، تناولت الافتتاحيات: السياسات التي تتسبب في النكبة المستمرة، وغياب الحماية الدولية الواجبة للاجئين، عدم فاعلية م ت ف، وفقدان الاستراتيجية الوطنية، جولات المفاوضات، واستمرار تردي اوضاع اللاجئين في دول اللجوء، خصوصا في الدول العربية. بلا شك، هذه القضايا لا تزال تصلح للكتابة عنها وفيها. وبلا شك، فانها ستظل من الناحية المنطقية- تبعا لمقتضيات المسيرة غير القصيرة- صالحة كمحور لافتتاحيات اخرى قادمة، ولكن ما هو قاتل فعلا، ان يتم تكرار تناولها بلا جديد يذكر على مستوى المعالجة! 


النكبة مستمرة، فاعداد اللاجئين والمهجرين في تزايد، ومساحة الارض المصادرة في تزايد، وانتهاكات حقوق الانسان الفلسطيني وخصوصا اللاجئ في تزايد، وتراجع مستويات الحماية والخدمات في تزايد، وتهميش القضية في تزايد، والاستجابات الفلسطينية بمنطق ردات الفعل في تزايد، واستجابة المجتمع الدولي بمنطق التدخل الانساني والمانح المتفضل في تزايد... كل شيئ في تزايد باستثناء حالة التقدم نحو انهاء النكبة المستمرة منذ 66 عاما. ويا ليت الاشكالية اقتصرت على حالة عدم التقدم هذه؛ بل صارت تصور لنا الحالة وكأننا في تقدم مستمر!

ترى، لو صح اننا في حالة تقدم، فلماذا يُترك عمق ديمغرافي استراتيجي كلاجئي سوريا يبعثرون في ارجاء الدنيا وقاع البحار؟

ترى لو صح اننا في حالة تقدم، فلماذا تغلق الاردن حدودها امام لاجئي سوريا؟ ولماذا يهانون ويميز ضدهم في لبنان، ومصر، وتركيا، واوروبا والعالم؟

ترى لو صح اننا في حالة تقدم، فلماذا لم تعد الانروا قادرة على الايفاء بالحد الادنى الادنى من الاحتياجات الانسانية الاولية؟

 ترى لو صح اننا في حالة تقدم، لماذا تحولت ذكرى النكبة الى مهرجان خطابي - احتفالي ليس فيه تحدّ ولا حتى بمستوى الحداد الوطني العام؟

ترى لو صح اننا في تقدم، فلماذا يتوارى القادة خلف الصيغ المطاطة عندما يتم تناول حق العودة الى الديار الاصلية؟

ترى لو صح ذلك، فلماذا صارت النكبة بكائية تطاردنا، ونعيشها يوما بيوم في كل مكان، ولكننا ندعي القوة والصلابة من باب مكابرة النعام وليس من باب الكبرياء؟

ترى كيف تنتهي النكبة، ولا زلنا نبحث عن العودة في صيغ الامم المتحدة، والرباعية، ومؤتمرات القمة... بينما لا يتورع ارفع المسؤولين الاسرائيليين عن الاعلان ان العودة مرفوضة، وان الاستيطان حق لاسرائيل غير قابل للنقاش، وان القدس اسرائيلية، وان الدولة يهودية، وان الفلسطينيين خطر ديموغرافي استراتيجي، وان القمع دفاع عن النفس...الخ؟

ترى كيف نعود؟ وهل العودة ممكنة بلا ارادة؟!

هيئة التحرير