* شكري بلعيد


قم يا حسين العلم
سقطتْ في المدى طيرُك المتعـَـبَـه ْ
لم تكن دمعتـَـاك لتروي الترابَ الحزينْ
إنما الحبر بين يديكْ
يطاول آلهة الكافرين بخير البلادْ
وبغداد نائمةٌ
تحكم الارضَ والارصفـَه
كنتَ فارسـَها كاشفَ السّـر.. ملحمة الدّم
مزّقتَ بكارةَ حاكمـِـها
وللفقراء السّراطْ
قم يا حسين العـَــلـَم
عربُ العربِ العاربــهْ
جمّعتْ حقدها وأباحت دمكْ
حينما سقط المـُلك/لا مـَلك
فالزّنوج أتوا في يدكْ
ملحمة الارض والرفض والاملحه
أشاعوا المدى والتّرابْ
في ليالي العذابْ
على الفئة القاحلـه
وامتطوا صهوة الرّفض
في فاصل الأرض ضدّ اتّساع الخرابْ
قم يا حسين العـَـلمْ
بغداد نائمة على عرشها المستطابْ
وحمدان نادى على فقراء البلاد
أنِ اجتمعوا
هذي خمر الخليفة من تعب الموت بين يديكم
حـُلّوا مراكبكم
مدّو الايادي التي تعبت من جباة الخليفة والبرلمانْ
دمي صولجانْ
فاجمعوا دمكم واتبعوني
انا التراب/ البلد / الارض والقادمونْ
انا الفاصل ما بين حبّكمُ والجنونْ
و انتم بداية حزن المساءْ
حين السّنون تخونْ
قم يا حسين العلــَـم
افتح نوافذ تاريخنا المغلقه
وارفع أوراقك والقلمْ
سمِّ البلاد بأسمائها
واحرث المستترْ
لطّــِخ لحيّ الظلام بآثامهم
وانتصـــِرْ
للرّعاع الذين بنوا مجدنا
وانقضوا
سيفهم للصراعْ
فسّــِخْ تفـَسّــُـخَ كل البلاطات والطبقات
التي اشترت بدمانا الجواري
ومالت على وجهنا الجمجمه
فأقمنا الصباح
على الجسد المقبره
و نادى المنادي
ها انّ حمدان يأتي على فرس من غضبْ
يلمّ شتات العربْ
و ذاكرة المتعبين على الأرصفه
يصرخ في امّة النفط والاقنعه
انا القرمطيّ، وانت حسين امتدادي
انا القرمطيّ وكل البلاد بلادي
انا القرمطي اشعــْت ُالنخيلْ
وخيل الصحاري
ونوّارةً بالجليلْ
وارض السّوادْ
فدوّن بكرّاسك... و القلمْ
يا حسين العلمْ
سقط المــُـلْك حين العبيد طووا لونهم
ومدّوا السلاحْ
فأجاب العدمْ
قم يا حسين المباحْ
بين القبائل والطبقات الهجينة والميّته
انت كاشف عورتهم
وفاضح نزوتهم والدّليلْ
وقابر سيرة أعدائنا المظلمه
قم يا حسين العلمْ
إنّ اللّحى التي استوطنت تاريخ كل البلاطات
قد ارسلت تطلبكْ
جسدا او كفنْ
قم واحتمي بدمي
استظلّ بكفّي
ودمع الملايين
والزفرة العاشقه
قم
انت جسر الرّؤى بين ملحمتين
من شبق
في الرحلة الخالده
و نشيد الصباحْ
قم يا حسين المباحْ
لم تمت
حينما اوفدوا طلعة الغدر تسكن جثّتك السيّده
تسعا وسبعين حولا
وأنت تجوب البلاد التي خبّؤوها
بين القصورْ
وغانية للخليفة ترتشف نكهة العرق المتصبّب
نحو السّــُــفنْ
لم تمتْ / لا كفنْ
انت كاتب سيرتنا
من حجر صقل الوجه في رحلة الصيد
حتّى النشيد الاخير لهذا الزّمن
لم تمت
انت كاتب رحلتنا
مزّقت كل الطوائف
و اللحية الخائنه
و انتشرْ في المدى
عــَـــرّ الخرافة
و الرّؤيــة الآسنه
صلّي صلاتك يا ايّها القرمطيُّ
على امّة النفط والاقنعه
قم يا حسين العلم
نحن المتعبون رماد البلاد
سنستأذن الروحَ من روحها
و نودّع فيك الجسد
و ليكن
للظلام ميقاته
للخليفة بيعاته والجواري الحسان
ولكنّ للضّدّ لون يؤول
سواعد ترفع ميراثها في يديك
وأخرى تغطّي الحقول
ويمضي إليك
في نشيد الشمول
وبيروت ام القرى والمدن
شيّعتك شهيدا
ومالت على دمعتيها قليلا
تبكي حسين القتيلا
و تقسم بالدم
فقم يا حسين العلم
حاصر الرّدة الهائجه
انّ القبائل قد جمّعت جبّة النفط في لحية
و اتت لتقتّل فينا المدى
تقاتل علم الولاده
وتنسخ حرب الإبادة
حين الطريق افتضحْ
فانكشف العهر والجاريه
لم يكن لإلاه الطوائف
ان يستطيع بقاءك
او يستطيب لقاءك
يا رونديّ عصر البنوك
و البرلمان
بيروت تبكي شهيد العبيد
ورائحة القرمطي بدمعتك
ملح الزنوج ببسمتك
كوفة الرّفض
صوت عليّ للفقراء
أن اتّحدوا
انتم حطام المعارك
و تراب الممالك
والحبّة المهمله
إنهضوا
انّ معاويةَ جمّع الاهل والاقرباء و تجار المدينه
و الفئة الباغية
فانهضوا
قرمطيّ الزمان اتى
جمرة و شبق
انهضوا يا أخيــّا
هذا حسين
يؤسس كومة من دم
شكّلتها دموعكم/الليالي الطوال/عبيد السباخ
وعمال ميناء بيروت
والمتعبون على طول هذا الوطن
وليكن
جبّة النفط تذوي
وتذبل
ثم تموت على
لحية من عفنْ
ايّها الحاضر الممتهن
كيف تستقبل امّ المدن ابنها
كيف تمضي الليالي بها
من سيمسح دمعتها
ويردّ على الدولة الطائفه
من سيحمي الولد
والدّم المتّقد
من جنون القبائل
وبيروت بينهما بينهم طفلة خائفه
يا حسين اجبْ
كيف متّ؟
وكيف تموت؟
يا شيخنا وأبانا أجب
إن كلّ الجهات
تلعب اوراقها الزائفة
و تملؤها في علب ْ
من ارضنا النازفة
ايّهذا الجنوبيّ
انتشر في المدى
واعلن الفرعنة
إنتــَــمِ لايادي التراب
ضدّ صوت الغراب
سقطت اقنعه
عن وجوه الذّئاب
سقطت اقنعه
ليس في الارض
وبيروت تختصر الازمنه
تعلن الفرس الجموح واية الكرسي والنفط المضارب
في محطات الصراع
غير ذاك العلم
راية لونها الدّم
يستشفّ المشاع
يغنّي الوداع
على جهة اجّرت لحية من قرون الموات
واستوت تعلن الهجرة البائدة
ليس في الارض
وأم المدن / تُمتـَهـَن/من الرّدّة الطائفة
غيرنا
يا ابانا الذي حفر من دمانا
وافرج أجملنا
من تضاريس ايامنا المتعبة
ففتحنا الشراع
على القرمطي
ومن مال حين الزّمان استوى
على الفقراء و قال المشاع
هي الارض امّ لنا
والسلاح
قاضي القضاة
ومالك أيامنا
والعلاقة حين احتدام الصراع
ايهذا الجنوبيّ
تسعا وسبعين حولا
و انت تجوب البلاد
تنادي العباد
بان لا يصلّوا
لغير سواعدهم حين تغدوا قلاعْ
و انتشرْ في المدى واعلن الفرعنه
انتمِ لأيادي التراب
ضدّ صوت الغراب
سقطت اقنعه
عن وجوه الذّئاب
سقطت اقنعه
لم تمت حينما جاء نعيك
كنا نعدّ النشيد
ونكتب آياتنا الرافضه
رغم انتصاب العسس
لحية ساقطه
تنهش من لحمنا والجياع
وتنادي يزيد
لتقتسم اللقمة الباقيه
لم تمت
انما كان لابدّ من دمك
كي نعرّي على الجثّة الخاويه
ونصنع تاريخ هذا البلد
ايهذا الولد
شيخـَنا وابانا الذي انضجته المحن
صولجان المدن
انت ميراثنا
واتّصال المدى والرّؤى
لم تكن ارضنا عاقرا
فزنجيّها يتجدّد
رونديّها يتمدّد
وقرمطها مهرجان خطانا
فقم يا حسين العلم
دمك ينتقم
من زناة التواريخ والمرحله
فهيّا الى الفقراء
هنا الملحمة
و القرمطيّ على ثأرك أقسم
نموت ولا ننثني
عن محاربة الطّبقــَة الخائنة
فلأعدائنا دينهم
لأعدائنا دينهم
ولنا الفقر والفرعنــَـهْ

--------------------------------------

معتقل «رجيم معتوق» (جنوب تونس 23/7/1987)
شكري بلعيد * قصيدة كتبها الزعيم السياسي التونسي الشهيد المغدور شكري بلعيد عام 1987 في رثاء المفكّر الشهيد حسين مروة (1910 – 17/ شباط1987). تعيد جريدة حق العودة نشرها في الذكرى السادسة والعشرون لاغتيال المفكر مروة، وبعيد اغتيال الزعيم شكري بلعيد (1964- 6 شباط 2013).