النظام الدولي الخاص بحماية اللاجئين الفلسطينيين

بقلم: نضال العزة *

الإطار القانوني العام:
تحت إصرار ممثلي الدول العربية في حينه على ضرورة توفير نظام حماية مضاعف للاجئين الفلسطينيين بحكم خصوصية وضعهم وتميزه عن وضع بقية لاجئي العالم، ونتيجة لإدراك الجمعية العامة للأمم المتحدة لدورها المباشر في خلق قضيتهم من خلال قرارها رقم 181 (2)، (قرار التقسيمأنشأت الأمم المتحدة وكالتين دوليتين هما:
1- لجنة الأمم المتحدة للتوفيق حول فلسطين UNCCP (لجنة التوفيق الدوليةوالتي عهد إليها بمسؤولية توفير الحماية الدولية بالمعنى الشامل (القانونية، والفيزيائية، والخدمية) والسعي لإيجاد حل سياسي للصراع،
2- وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، (الأونرواوالتي كلفت بتوفير الإغاثة المؤقتة وبتقديم المعونة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين.

وحيث حددت مناطق عمل الانروا بخمس مناطق (قطاع غزة، الضفة الغربية، الأردن، سوريا، لنبان) كان يفترض أن تعمل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على توفير الحماية للاجئين المتواجدين خارج تلك المناطق. ولكن، تم استثناء اللاجئين الفلسطينيين من إطار عمل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في نص خاص ورد في المادة 1/د ضمن الاتفاقية الدولية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951. هذا النص الذي يفسر من الدول الموقعة على الاتفاقية في غير مصلحة اللاجئ الفلسطيني وخلافا للغرض الأساسي منه. فضمن نفس المادة ورد حكم الاستثناء باعتباره مؤقتا ومشروطا باستمرار الهيئتين الأخريين (لجنة التوفيق والانروا) بالعمل على توفير الحماية الدولية للاجئين، وهذا ما لم يتحقق.

لقد كان الغرض من هذا النظام الخاص توفير شبكة آمان تضمن للاجئين الفلسطينيين (بحكم تميز وضعهم) حماية خاصة في جميع الأوقات والظروف المتغيرة. بيد أن فشل لجنة التوفيق الدولية وتوقفها فعليا عن العمل في أواسط الخمسينيات من القرن الماضي، ومحدودية التكليف المنوط بالانروا، بالإضافة إلى عدم قيام المفوضية بدورها بتوفير الحماية للاجئين عند توقف أي من الوكالتين الأخريين عن الاضطلاع بدورها؛ نتج عنه فقدان الحماية اللازمة بموجب معايير القانون الدولي، وتحديدا القانون الدولي للاجئين وعديمي الجنسية.

الحماية في الدول العربية:
بعيد النكبة الفلسطينية عام 1948، اعتمدت الدول العربية على مبدأ النخوة في تنظيمها لوضع الإخوة اللاجئين الفلسطينيين. وتدريجيا، بعدما طالت النكبة واستمر التشريد، وفشل "مشروع التحرير السريع" والذي كان يعني تحقيق عودة اللاجئين "تلقائيا" إلى ديارهم، لجأت الدول إلى إصدار تعليمات شفوية او قرارات إدارية، لم ترق إلى مستوى القوانين بأي حال. وقد كانت، كما هو الحال في الواقع العملي حتى اليوم، قرارات تتعامل مع جزئيات قضية اللجوء الفلسطيني بحسب الحاجة، تنظم الدول منفردة من خلالها وضع اللاجئين الفلسطينيين ليس بكليته، بل بالتعامل مع جزئية منفردة هنا او هناك كموضوع الإقامة، أو العمل، أو التنقل مثلا.

بروتوكول كازبلانكا (الدار البيضاء) لعام 1965:
يعتبر بروتوكول معاملة اللاجئين الفلسطينيين المعروف باسم: بروتوكول كازابلانكا او بروتوكول الدار البيضاء، الوثيقة العربية التي تسعى لتنظيم أوضاع الفلسطينيين في الدول العربية التي لجأوا إليها منذ 1948. وهو بهذا المعنى المحاولة العربية الأولى للتعامل مع قضية اللجوء بكليتها. ويتطلب هذا البروتوكول معاملة اللاجئين الفلسطينيين كمواطني الدول العربية التي يعيشون فيها فيما يتعلق بالتوظيف/التشغيل، والحق في مغادرة إقليم الدولة التي يقيمون فيها والرجوع إليه، والحرية في التنقل ما بين الدول العربية، وإصدار وثائق السفر وتجديدها، وحرية الإقامة والعمل والحركة. ويشار هنا، إلى انه لم تصادق كل الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية على بروتوكول الدار البيضاء، وهناك دول ضمنته تحفظات أفقدته محتواه.

أما من الناحية العملية، فتختلف درجة التزام الدول العربية بمعايير جامعة الدول العربية. وتؤكد جملة من الحقائق، كما في هذا العدد، أن الدول العربية بلا استثناء لم تلزم نفسها بأحكام البروتوكول الذي وضعته. وقطعا لما قد يسببه هكذا تناقض من حرج - ولو على المستوى الأخلاقي والنظري، تبنت الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، بناء على اقتراح المملكة العربية السعودية والكويت، القرار رقم 5093 في عام 1991 والذي قرن تطبيق البروتوكول أي معاملة اللاجئين الفلسطينيين بعبارة "وفق النظم والقوانين المعمول بها في كل دولة". وهذا يعني عمليا، إعفاء الدول العربية من منح الأولية للبروتوكول في الممارسة؛ أي تطبيق المعايير المحلية الخاصة بكل دولة بدلاً من إتباع الأحكام المنصوص عليها في بروتوكول الدار البيضاء.

التشريعات الداخلية:
وفي ظل غياب معايير إقليمية ملزمة وواجبة فيما يتعلق بمعاملة اللاجئين الفلسطينيين في البلاد العربية المضيفة، فإن ماهية وضعهم القانوني ظل يخضع للتشريعات الوطنية في كل دولة. وتمثل القيود المفروضة على حقوق الإقامة، وحرية الحركة، والتوظيف، والتملك، والانتفاع بالخدمات الحكومية؛ تمثل قيوداً توضع بدرجات مختلفة على الفلسطينيين الحاملين لوثائق لاجئين في الدول العربية. ويزيد على ما سبق، أن شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، غالباً ما تنظمها الدول عبر مراسيم وزارية، أو قرارات إدارية، والتي يمكن بسهولة الرجوع عنها استجابة للظروف السياسية المتغيرة. ونتيجة لذلك، فإن الفلسطيني الذي يتمتع بحقوق معينة في حالة تركه للدولة المضيفة التي يعيش فيها، لا يكون واثقاً أن هذه الحقوق سوف تظل سارية بحقه.

حقوق اللاجئين الفلسطينيين والأوضاع السياسية المتقلبة:
تأثرت حقوق اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية بالتقلبات الداخلية للحكومات والأنظمة العربية، وبالعلاقة السياسية مع منظمة التحرير الفلسطينية، والغزو الخارجي كما في حالة العراق وليبيا مؤخرا. فكثيراً ما يواجه اللاجئون الفلسطينيون ترحيلاً إجبارياً إضافياً من الدول العربية المضيفة (دول اللجوء الأول). للوهلة الأولى قد يبدو الأمر "عاديا"، حيث أن الصراعات الداخلية أو الحروب، أو حتى الخلافات السياسية فيما بين الدول عادة ما تترك آثارها على السكان، ورعايا الدول الأخرى. ولكن في الحالة الفلسطينية، تكون الآثار كارثية حيث ليس للفلسطينيين دولة أو وطن يحتضنهم عند تعرضهم للتهجير أو الترحيل. وما يزيد الأمر سوءا، هو رفض استقبالهم من قبل الدول الأخرى، سواء العربية او الأجنبية كما في حالة لاجئي العراق.

كما أن الانتقاص من الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين أو حرمانهم منها لا يزال يتسبب فيما يعرف بحركة "الهجرة الطوعية" للاجئين الفلسطينيين إلى خارج المنطقة العربية. وتفيد المعطيات المتوافرة لمركز بديل أن أكثر من (500.000) لاجئ ونازح فلسطيني قد تحركوا إلى دول خارج العالم العربي، وبصفة أساسية إلى الولايات المتحدة، وأوروبا واستراليا.


* منسق وحدة المصادر والبحث والإسناد القانوني في مركز بديل، مدرس القانون الدولي للاجئين في جامعة القدس.