رغم أن قضية المهجرين واللاجئين الفلسطينيين لا زالت تمثل أكبر قضايا اللجوء، وأطولها عمرا في عالمنا المعاصر، فإنها لا تزال بلا حل حتى اللحظة. وأكثر من ذلك، يعتبر اللاجئون الفلسطينيون، بمن فيهم المقيمون في الدول العربية، من اشد مجموعات اللاجئين الذين يعانون من نقص الحماية على المستوى العالمي. والحماية الدولية بمفهومها الشامل تتضمن الحماية القانونية (ضمان الحقوقوالحماية الفيزيائية، وتقديم المساعدات الإنسانية. وعليه، يكون واضحا أن الحديث عن نقص الحماية يتجاوز مجرد الحديث عن نقص الخدمات الإنسانية أو تراجعها.

السبب الرئيس وراء ضخامة قضية اللاجئين الفلسطينيين، وطول عمرها وبقائها بلا حل يعود بشكل أساسي إلى ممارسات إسرائيلدولة الاستعمار الاحلالي، والفصل العنصري، والاحتلال أولا، والى انعدام الإرادة السياسية لدى المجتمع الدولي ثانيا، وعدم التزام الدول المضيفة بواجباتها ثالثا، وعدم و/أو عجز الوكالات الدولية ذات الصلة عن القيام بمسؤولياتها رابعا، وتقصير م ت ف في أداء دورها حيال ذلك. والتقصير هنا، لا يقتصر على عدم سد الفجوة، بل يشمل عدم القدرة على دفع المكلفين بالحماية للاضطلاع بمسؤولياتهم.كل ذلك لا يزال ينتج ما يعرف بنقص الحماية الدولية اللازمة. وهذه الفجوة لم تنشأ دفعة واحدة، أو بسبب عامل واحد، أو نتيجة تقصير طرف من بين الإطراف. هي تراكمات بدأت بعدم الالتزام بالإطار القانوني والتنظيمي الخاص بتوفير الحماية للاجئين الفلسطينيين، والذي صمم أصلا لتوفير حماية مضاعفة للاجئين الفلسطينيين، وامتدت إلى ممارسات وتطبيقات شتى، لا زالت تتكدس دافنة تحتها الأصل والواجب واللازم.

عدد الفلسطينيين في الشتات اكبر منه في كل فلسطين بحدودها الانتدابية؛ حيث يقدر عددهم في الشتات ب 6.5 مليون منهم قرابة خمسة ملايين في الوطن العربي، و600 ألف في دول أخرى. يقابل ذلك 5 ملايين فلسطيني منهم (4.1) مليون في الأرض المحتلة عام 1967، و 1.4 مليون في فلسطين 48. هذه المعطيات، بالإضافة إلى عدم وجود ما يشير – ولو مجرد إشارة - إلى قرب التوصل إلى حل نهائي وعادل، تؤكد أن نقص أو غياب الحماية الدولية المقررة للاجئين ستبقى مسألة متجددة تستوجب منحها الأولوية في الإستراتيجية الفلسطينية، وخصوصا على المستوى الدولي.

إلى جانب مقالات متنوعة أخرى، يسلط هذا العدد الضوء على عدد من مظاهر نقص الحماية سواء في الدول العربية أو غير العربية. ويضم ملف العدد مقالات قانونية تظهر أساس الخلل في تطبيق نظام الحماية الدولي المقرر للاجئين الفلسطينيين سواء في دول اللجوء العربية أو غير العربية. وفيه من المقالات ما يلقي الضوء على قصور المكلفين بالحماية أو تركز على إبراز وضع أو خلل معين. المقالات بمجموعها، تثير ما ذهبنا إليه أعلاه من أن سد الفجوة يستلزم أولا وقبل كل شيء وجود إستراتجية وبرنامج فلسطيني. ليس في هذا نوع من جلد الذات، ولا يعني إعفاء المكلفين الآخرين من مسؤولياتهم؛ بل ينطلق من قاعدة "ما حك جلدك غير ظفركاو كما يقال لا تطلب من الآخرين أن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم.

هيئة التحرير