الشعب يريد! الحملة من أجل انتخابات مباشرة للمجلس الوطني الفلسطيني

بقلم: عمر الشويكي*

في محاولة المحللين والمعلقين والسياسيين لمواكبة ومراقبة وتحديد حركة الثورة فيما أصبح يسمى "الربيع العربي"، برز مطلب شعبي واحد وبصوت واحد طغى وارتفع فوقها جميعا. بصوت جهور، وبمشاعر جيّاشة أُسمع شِعار واحد من اليمن إلى ليبيا، من مصر إلى البحرين: 'الشعب يريد!" إصرار المواطنين للعمل معاً وسوياً من أخذ زمام الأمور والتحكم بمصائرهم وصل إلى أعلى المستويات وعلى جميع الصعد المجتمعية في جميع أنحاء العالم العربي، بدءاً من الإطاحة بالقيادات الديكتاتورية، إلى تشكيل اللجان الشعبية الهادفة إلى تلبية الاحتياجات المحلية الأساسية، مثل تنظيف الشوارع وإدارة الأمن المحلي. وكان الدافع وراء كل تلك الإنجازات، الإرادة الصلبة لشعوب المنطقة لاستعادة كرامتهم وأملاكهم المسلوبة، وتحديد مصيرهم، وكذلك إعادة المؤسسات الوطنية لحكم الشعب.

بالنسبة للفلسطينيين، تتنامى الحركة المنادية بإصلاح مؤسساتنا الوطنية من خلال الحملة المطالبة بإجراء انتخابات مباشرة للمجلس الوطني الفلسطيني (PNC) التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو أعلى هيئة تشريعية للشعب الفلسطيني. ولا يزال الفلسطينيون (والمجتمع الدولي) يعتبرون م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بأكمله. مع ذلك، ومع إنشاء السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي الفلسطيني منذ أوسلو، لم يعد المجلس الوطني الفلسطيني فاعلاً بوصفه المحفل\المنتدى الوطني لخلق السياسات والاستراتيجيات الخاصة بالشعب الفلسطيني سواءً في المنفى أو تحت الاحتلال. المطلب الفلسطيني الحالي هو إدراج جميع الفلسطينيين أينما وجدوا ضمن حق الاقتراع المباشر والتمثيل، وذلك من خلال ممثلين منتخبين لهم في المجلس الوطني الفلسطيني.

توضح هذه المقالة انطلاقة الحملة المطالبة بإجراء انتخابات مباشرة للمجلس الوطني الفلسطيني والأنشطة الأخيرة التي رافقتها؛ المبادئ الأساسية التي تلاحمت المجتمعات المحلية حولها؛ كما تقدّم المقالة خلفية عامة لأسس الحملة. في الجزء الأخير من المقالة، سنعود إلى أنشطة التعبئة التي أجريت من خلال مشروع "سيفيتاس"، وذلك من أجل فهم جذور الحملة والصراعات السابقة التي خاضها النشطاء الفلسطينيون على مدار العقد الماضي حول التمثيل الديمقراطي.

انطلاقة الحملــة

مع بداية "الربيع العربي"، وخلال الأسبوع الذي تم فيه تسريب "الأوراق الفلسطينية" الخاصة بالمفاوضات، أطلقت حملة وطنية لإجراء انتخابات مباشرة للمجلس الوطني الفلسطيني. فبعد سنوات من التنظيم حول هذه المسألة في أوساط اللاجئين والمجتمعات الفلسطينية في المنفى، خرج المنظمون بخلاصة مفادها أن الوقت قد حان لإعادة إطلاق هذه الحملة. في 27 كانون الثاني 2011 أطلقت مجموعة من الطلبة الفلسطينيين في المملكة المتحدة أول دعوة لإجراء انتخابات مباشرة للمجلس الوطني الفلسطيني، وأطلق هذا النداء باسم الاتحاد العام لطلبة فلسطين (GUPS) وذلك أثناء اعتصامهم في مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في لندن.

بعيداً عن إلقاء اللوم والاتهامات، جاء إعلان اتحاد الطلبة بروح جماعية ووحدة وطنية، مشيراً إلى "وثيقة الأسرى" لعام 2006، والموقعة من قبل جميع الفصائل، والتي دعت إلى إعادة تفعيل الديمقراطية في منظمة التحرير الفلسطينية، من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني ومن خلال الانتخابات المباشرة. وتضمن إعلان اتحاد الطلبة، وللمرة الأولى، على المبادئ الثلاثة التي تم الاتفاق عليها بين مختلف الجمعيات والمجتمعات التي أنيطت بها مهمة التعبئة الخاصة بالحملة في السنوات الأخيرة:
1. الدعوة إلى إجراء انتخابات مباشرة للمجلس الوطني الفلسطيني، الهيئة البرلمانية التي تمنح السلطة وتنشئ البرنامج السياسي، والاستراتيجيات والمرجعيات السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والذي سيعقد بعد عام واحد من هذا اليوم، في كانون الثاني 2012.
2. إدراج جميع أبناء شعبنا في تلك الانتخابات، أينما كانوا يعيشون حالياً - في الوطن والشتات، في السجون، وفي مخيمات اللجوء.
3. إن هذه الهيئة التمثيلية الجديدة، هي انعكاس لجميع قطاعات شعبنا، ستعمل على إصلاح وإعادة تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية بحيث تجسّد إرادة الشعب الفلسطيني ككل، وفقا لمبدأ الانتخاب المباشر.

ومنذ انطلاقتها في نهاية كانون الثاني 2011، بدأت الحملة مرحلة تثقيفية في مختلف البلدان، شملت نشر المقالات والمعلومات في الصحف وعلى شبكة الانترنت، وفي 9 نيسان أجريت سلسلة من الاجتماعات التمهيدية في ستة بلدان تم من خلالها مناقشة الدعوة لإجراء انتخابات مباشرة للمجلس الوطني الفلسطيني، والحاجة إلى الانخراط في عملية تنظيمها. وفي شهر أيار، تم عقد سلسلة أخرى من الاجتماعات في عدد من البلدان جاءت استكمالاً للمرحلة التثقيفية من الحملة.

مشـروع سيفيتـاس

يمكن إيجاد مبادئ الحملة وصياغاتها في النتائج التي توصل إليها مشروع سيفيتاس (أنظر مقالات سابقة، كرمة نابلسي)، المشروع الذي عملت على تطويره الدكتور كرمة نابلسي المحاضرة في جامعة أكسفورد، وبتعاون وثيق مع مجتمعات اللاجئين في العام 2002، واستمر حتى نشر التقرير في العام 2006. وتجدر الإشارة إلى أن حملة سيفيتاس انطلقت في أعقاب توقيع اتفاق اوسلو بين المنظمة وإسرائيل، والذي على أثره، عانى اللاجئون الفلسطينيون والمجتمعات الفلسطينية في الشتات من العملية السياسية التي استبعدتهم عن مؤسساتهم الوطنية الخاصة بهم، في الوقت الذي يرون فيه قيادتهم تبتعد أكثر فأكثر عن اهتماماتهم وأولوياتهم.

جهود التعبئة والحملة تضمنت مشاركة الآلاف من الفلسطينيين من خلال اجتماعات عقدت في 24 دولة مختلفة وبتنظيم ذاتي من قبلهم. وعملت تلك الاجتماعات على تيسير عملية تقييم الاحتياجات المدنية وعلى أسس شعبية، صممت ونفذت من قبل التجمعات السكانية الفلسطينية من أجل تعزيز أصواتهم في التمثيل الوطني، وفي منظمة التحرير الفلسطينية، وجعل صوتهم مسموعاً. النتائج والمستخلصات، التي نشرت في سجل مشروع سيفيتاس، كانت مفيدة للغاية وذات دلالات سياسية، تشهد على مجموعة التجارب المعقدة للاجئين المشتتين قسراً على امتداد قارات العالم الستة. على أي حال، وبالرغم من حيثيات وخصوصيات كل تجمع فلسطيني بحسب الدولة التي يتواجدون فيها شرق العالم وغربه، إلا أن أكثر ما يلفت النظر هو تعدد المواضيع ووجهات النظر المشتركة والمطالب الجماعية لتلك التجمعات. هذا الصوت الجماعي يبرز في اثنتين من النتائج الرئيسية لسجل مشروع سيفيتاس: أولاً، التزام لا يتزعزع بحق العودة، وثانياً، مطلب التمثيل الوطني من خلال انتخاب مباشر لمجلس وطني فلسطيني جديد. وفي حين أن الروابط بين المستخلصين هي أمر أساسي، إلا أن هذا الأخير يساعدنا على فهم ألأساس الذي قامت عليه الحملة موضوع المقالة.

أزمــة التمثيـــل

كرس المشاركون الكثير من تعليقاتهم على انتقاد عيوب قيادات منظمة التحرير الفلسطينية/السلطة الفلسطينية، ولكن في نفس الوقت عبروا وبشكل واضح عن تعريفهم لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الجسم الوطني الممثل للشعب الفلسطيني. في الواقع، وغالباً ما وصفت منظمة التحرير الفلسطينية بالمرجعية لجميع الفلسطينيين على الرغم من تقصيرها الحالي في تحقيق التمثيل على أكمل وجه. صحيح أنه لم يكن بالأمر السهل تجنب ذكر عدد من المشاركين مسألة التشكيك في مدى الحاجة لوجود منظمة التحرير الفلسطينية، إلا أن الغالبية منهم عبّروا وبثقة كبيرة عن مدى أهمية المنظمة في مواجهة الظروف الحالية التي تعانيها التجمعات الفلسطينية في الوطن والشتات:

نحن مع منظمة التحرير الفلسطينية ممثلةً لنا، والسبب أننا موزعون هنا وهناك، فنحن جزء من الوطن العربي الكبير، والمآسي الموجودة في الوطن العربي تتراكم علينا، والحمد لله، ورغم كل شيء، فإن منظمة التحرير الفلسطينية أعادت لنا الشخصية الفلسطينية على المستوى الدولي وعلى المستوى الذاتي، نحن مع فلسطين.
(تقرير سيفيتاس، مشارك في الاجتماع العام، الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، ص34)

كان هناك إدراك تام بحجم الاختلاف ما بين كون منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، وبين مدى النجاح الحالي للمنظمة في تأديتها لذلك الدور. كما أوضح أحد المشاركين في جلسة عامة جرت في لندن:

على ما يبدو أن الجميع خلص لنتيجة عاطفية، وهي نتيجة تكاد تكون مسلمة أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ...[لكن] منظمة التحرير الفلسطينية بقيت في إطار فارغ من محتواه تماماً، مجلس وطني تشريعي غير شرعي، ولجنة تنفيذية غير شرعية وغير منتخبة، وأطر نقابية تم حلها بقرار من داخل منظمة التحرير الفلسطينية، فغاب اتحاد الطلاب وغاب اتحاد العمال وغاب اتحاد المرأة. وبالتالي غاب التعبير الحر الديمقراطي عن رأي الشرائح الفلسطينية تماماً.
(تقرير سيفيتاس، مشارك في الاجتماع العام، لندن، المملكة المتحدة، ص34)

لقد عانت منظمة التحرير الفلسطينية العديد من الانشقاقات التي زعزعت من قدرتها المؤسسية على تلبية الاحتياجات المدنية والتمثيلية للفلسطينيين، ولا سيما أولئك الذين يعيشون في المنفى. جاء الانشقاق الأول عندما غادرت منظمة التحرير الفلسطينية بيروت، والدمار الشامل الذي لحق بقاعدتها المؤسسية التي كانت متجذّرة في المخيمات. والثاني حصل مع إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وتفرّغ نخبة من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ضمن هيكلية السلطة الجديدة، ومن ثم انتخاب المجلس التشريعي الفلسطيني من قبل الفلسطينيين الذين يعيشون في الأرض الفلسطينية المحتلة في منتصف التسعينيات، مما أدّى إلى إضعاف روابط منظمة التحرير الفلسطينية في مخيمات اللاجئين والمجتمعات الفلسطينية في المنفى، بالإضافة إلى تسببه في تآكل النسيج الاجتماعي والمؤسساتي الذي لطالما عمل على تلبية الاحتياجات المدنية الفلسطينية. وبحلول العام 2005، أصبح من الصعب تلمّس تواجد منظمة التحرير الفلسطينية في المناطق التي يتواجد فيها الفلسطينيون، وتوسعت الفجوة فيما بين تلك التجمعات وبين من يفترض أن يمثلهم:

غياب المؤسسات هو سبب المشكلة، لا يوجد مؤسسة فلسطينية تشتغل عليّ كإنسان، كمواطنة فلسطينية. أنا موجودة و"البذرة" موجودة في داخلي، إما أن أسقيها فتكبر، وإما أن أنساها فتذبل. قبل معاهدات السلام كانت للأحزاب الفلسطينية فاعلية أكبر، وكان لنا صوت، كنا نعمل صح! وكنا نسمع صوتنا للعالم كله. حالياً، يسمع فقط صوت الرئيس الفلسطيني، ورئيس الوزراء. كمواطن، أنا لم يعد لي صوت، هو صوته يكفي، وقبل قضية السلام أنا صوتي كان مسموعاً. إذا كان السلام يريد أن يكتم صوتي لا أريده!
(تقرير سيفيتاس، مشاركة في الاجتماع النسوي، عمان، الأردن، ص38)

استقلالية المؤسسات التي أنشئت من خلال اتفاقات أوسلو، وعدم قدرتها على تمثيل الفلسطينيين، ولا سيما أولئك القاطنين خارج الضفة الغربية وقطاع غزة، انعكست عبر القلق والاستياء الذي عبّر عنه الفلسطينيون أنفسهم. وشعورهم بالضياع ما بين تلك السلطات لاقى متنفساً خلال الاجتماعات المنعقدة عبر المجتمعات الفلسطينية المختلفة. إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية جاء على حساب منظمة التحرير الفلسطينية، وأصبحت السلطة، بحكم الواقع، على نحو متزايد يشار إليها على أنها القيادة الفلسطينية، بينما واجهت مؤسسة المنظمة إهمالاً وتهميشاً متزايدين. ووصف أحد المشاركين في الاجتماع العام الذي عقد في اليونان لتجربة الفلسطينيين في مجتمعه:

أقول أن سبب التراخي الموجود بين أفراد الجالية خلال السنوات العشر الماضية هو وجود السلطة الفلسطينية التي حجّمت من تأثير الاتحادات والنقابات الفلسطينية في الخارج، فهي ألغت العديد منها ولم يبق وجود لبعضها. وشلّت فعاليات اتحادات أخرى. حتى العلاقة بين الاتحادات واللجان والروابط الفلسطينية في الخارج وبين منظمة التحرير الفلسطينية تكاد تكون مقطوعة. في كثير من الأحيان، السلطة الآن تشعر أنه ليس لها مصلحة مع هذه الاتحادات، في حين في السابق كان لمنظمة التحرير مصلحة في وجود هذه الاتحادات وتشعر أنها امتدادات لها، وبالتالي كانت تتواصل معها. أما السلطة فلا يوجد لها مصلحة، لهذا همّشت هذه الاتحادات وحدّت من فعاليتها.
(تقرير سيفيتاس، مشارك في الاجتماع العام، ثيسالونيكا، اليونان، ص46)

كان أحد أهم اختبارات فشل المؤسسات الوطنية الفلسطينية من أداء دورها التمثيلي هو موقف القيادة بشأن حق العودة وما ترتب على هذا الموقف من مخاوف في أوساط اللاجئين من إخضاع حقوقهم للمساومة. بالنسبة للكثيرين، جاء تسريب "الأوراق الفلسطينية" الخاصة بالمفاوضات فقط لتأكيد صحة تلك المخاوف. الترابط الوثيق ما بين حق العودة وحق تقرير المصير واضح جداً، فحق العودة ليس فقط حقاً فردياً ولكنه حق جماعي أيضاً يجمع بين اللاجئين أينما تواجدوا. ويعتمد الدفاع عنه بالتالي على قوة الآليات المصممة لتمثيل اهتمامات تلك المجتمعات. وبالانفصال عن تلك المجتمعات، فقد الممثلون الفلسطينيون بوصلتهم نحو أولويات من يمثلون. ويريد الفلسطينيون المشاركة في تشكيل مسار المفاوضات مع إسرائيل.

ما يهمني هو أنهم يفاوضون بدون أن يأخذوا رأينا، هم يفاوضون ونحن غائبون عن الوضع، ونحن كفلسطينيين سواء لاجئين أو غير لاجئين، أو الذين يعدّون حالهم لاجئين يفاوضون باسمنا وكأنه لا يوجد لنا كلمة أو رأي في الموضوع ولا نمت له بصلة لا من قريب ولا من بعيد. هم يتحدثون عن حق العودة أو التعويض، أو التعويض والعودة. لا نعرف عن ماذا يتفاوضون.
(تقرير سيفيتاس، مشارك في الجلسة العامة، مونتريال، كندا، ص48)

المطالبة بالتغيير

أزمة التمثيل وأعراضه، بما في ذلك التهديد الذي لحق بحق العودة، كانت أمراً شهده كل لاجئ فلسطيني سواءً في الوطن أو في الشتات، من خلال شعورهم بالتهميش والإقصاء والخوف على مستقبل نضالهم من أجل حقوقهم. الإرادة الجماعية التي تقود الحملة من أجل انتخابات مباشرة للمجلس الوطني الفلسطيني تكمن في إصرار للفلسطينيين على أن يعاملوا بكرامة وعلى قدم المساواة في المشاركة في تشكيل الحركة الوطنية الفلسطينية. لا شيء أقل من تبني مبدأ: "صوتٌ لكل فلسطيني في كل مكان"، وهذا من شأنه استعادة الشرعية للمؤسسات التي تدعي تمثيل الشعب الفلسطيني، كما أوضح أحد المشاركين في مخيم عائدين في سوريا:

أبدأ من م.ت.ف وإعادة الاعتبار لها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حيث لمسنا أن مؤسساتها قد تفككت، وبعض الرموز فيها لا تمثلنا ...وأنا كفلسطيني لي الحق لانتخب من يمثلني وليس كما هو الحال الآن، ولكي أضمن عدم التفريط في حقوق الشعب الفلسطيني التي تضمنتها قرارات الأمم المتحدة وخاصةً حق العودة إلى الديار والممتلكات.
(تقرير سيفيتاس، مشارك في ورشة العمل التمهيدية، حمص مخيم العائدين، سوريا، ص59)

الإصرار على المشاركة والمساءلة الديمقراطية استهدف جميع مستويات الحياة المدنية الفلسطينية، من الجمعيات المحلية إلى اللجان الشعبية وحتى عملية تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية من خلال انتخابات مباشرة للمجلس الوطني الفلسطيني الذي يعرّف بوصفه الهيئة الشرعية الوحيدة الذي يمكن من خلاله استعادة الفلسطينيين المشتتين خارج الوطن لدورهم كأعضاء متساوين في الجسم السياسي الفلسطيني.

من الحقوق الملحّة اللي إحنا بنحتاجها وبالضرورة تتوفر إلنا، حق التعبير السياسي. هيكلية مؤسسات محلية فلسطينية، حق المشاركة في الانتخابات المحلية، طبعاً موضوع اللجنة الشعبية..الخ وحق المشاركة في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني باعتباره يمثلنا. يعني إحنا لسنا معنيين بالمخيم على الانتخابات الرئاسية أيام السلطة، ليش ما انتخبنا وليش ما شاركنا وليش إحنا مش فلسطينية مش عارف شو يعني؟ هذا تعبير عن عدم وعي لحالتنا كلاجئين. شو الجهة الرسمية اللي بتمثلنا وبتعبّر عنّا، نحن بنقول أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية ما بتعنينا إحنا. كلاجئين في الخارج بس بتعني أهلنا في قطاع غزة وفي الضفة والقدس. لكن في الخارج من يمثلنا ويعبّر عنّا؟ م.ت.ف ومؤسستها الأولى المجلس الوطني الفلسطيني، نحن معنيين بضرورة إجراء انتخابات لإعادة تفعيل المجلس الوطني الفلسطيني، بما يعبر عن مجموع اللاجئين الفلسطينيين، والسلطة الوطنية الفلسطينية هي إحدى أدوات م.ت.ف، وليس م.ت.ف من أدوات السلطة.
(تقرير سيفيتاس، مشاركة في اجتماع نسوي، مخيم البداوي، لبنان، ص63)

رسالة الفلسطينيين باتت اليوم أكثر وضوحاً، لا يوجد سلطة أعلى من الشعب، والسيادة تكمن في دعمهم لها. وهذا هو موطن القوة للترويج للحملة. منذ أوسلو، تم حصر جميع الفلسطينيين المقيمين خارج الوطن في دور "الشتات الفلسطيني"، والمطلوب منه فقط تقديم التضامن مع إخوانهم وأخواتهم الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. الحملة تقوم على أساس أن لجميع الفلسطينيين الحق في انتخاب ممثليهم في المجلس الوطني الفلسطيني على مبدأ أن كل فلسطيني له شأن، وأن له حصة متساوية في مؤسساتهم الوطنية. كما يعني هذا أيضاً، كما هو مبين في المبدأ الثالث من بيان الحملة، أنه لا يوجد سلطة أعلى من تلك المنتخبة ديمقراطياً ولديها الشرعية لأخذ القرار بإجراء وتنفيذ الإصلاحات التي تحتاجها منظمة التحرير الفلسطينية. ومن هذا المنطلق، فإن مجموع مبادئ الحملة تشكّل إستراتيجيتها.

التجزئة الجغرافية التي تميّز تجربتنا كشعب تعني أنه لن يكون للفلسطينيين "ميدان تحرير" بالمعنى الملموس، وبالتالي يجب خلق مساحة عامة مشتركة عبر الحدود، وان نعمل جميعنا كفريق واحد. المهمة الأولى لنا الآن هي إعادة بناء "ساحتنا العامة" الخاصة بنا، التي تتسع لنا جميعاً، نصرخ فيها من جديد "الشعب يريد!"، وتستجاب من خلالها مطالباً.