التشريعات الإسرائيليّة تستهدف فلسطينيي الداخل والقدس على حدٍ سواء الكنيست الإسرائيلي: قوانين عنصرية في دولة تعتبر نفسها "ديمقراطية"

إعداد: مركز القدس للمُساعدة القانونية وحقوق الإنسان

تحتكم دولة إسرائيل في تشريعاتها ومنذ تأسيسها إلى القوانين التي يتبناها الكنيست "البرلمان"، حيث أنها لم تعتمد أي دستور لها ينظم شؤون التشريع وإدارة البلاد.
لكن بعض القوانين المقرة في الكنيست لا تخدم مصالح المواطنين الفلسطينيين داخل الخط الأخضر بوجه عام، وفلسطينيي القدس المحتلة عام 1967 بوجهٍ خاص، بل وفي معظم الأحيان تكون ضد حقوقهم كمواطنين وضد تاريخهم وقوميتهم، في دولة تحاول أن تفرض مسماها "دولة يهودية ديمقراطية"، حيث يعتبر العرب فيها أقلية تتمتع ببعض الحقوق ولكن ليس بالمساواة.
وتحت وطأة الضغط الذي تمارسه الأحزاب اليمينية المتطرفة لسنّ قوانين أكثر تشددا مع مطالب وحقوق المواطنين الفلسطينيين، سنَّ الكنيست خلال العامين الماضيين مجموعة من القوانين تستهدف الفلسطينيين، حتى أنّها وُصِفت بـ" العنصرية" من قِبل بعض الأحزاب الصهيونيّة، ومنها قانون النكبة، وقانون المواطنة، وتعديل قانون الأراضي (الخصخصة)، وغيرها.

قانون المواطنة خطر يواجه فلسطيني الداخل الفلسطيني

قانون المواطنة هذا، ينص على حِرمان التمتع بامتيازات المواطنة/الجنسيّة لكل من يُدان "بالتجسس" أو "ارتكاب أعمال عنف" بدوافع قوميّة، أو أُدينبتهم تتعلق "بالإرهاب والتسبب في حرب أو تقديم الدعم للعدو أثناء الحرب".
وهذا القانون تقدم باقتراحه حزب "إسرائيل بيتنا" القومي المتطرف الذي ينتمي إليه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، حيث يؤكّد حقوقيون وسياسيون أنّ هذا القانون بالذات ارتبط بقضية المفكر العربي عزمي بشارة وما أثير حوله من اتهامات ذات غاية سياسية، لكنه يفتح المجال مع باقي القوانين العنصرية لحرمان أعداد كبيرة من فلسطينيي 48 من حق المواطنة.

قانون النكبة خطر يواجه المؤسسات والجمعيات في إسرائيل

أما عن قانون النكبة فهو قانون يمنع التمويل عن مؤسسات عامة يعتقد أنها تتحدى بشكل علني تأسيس الدولة كدولة يهودية أو أي نشاط "ينكر وجود إسرائيل كدول يهودية وديمقراطية"، أي ليس إنكار وجود إسرائيل بوجه عام، بل يكفي لتنفيذ القانون على المستهدفين به عدم الاعتراف بها كدولة يهودية كذلك.
ويقول أعضاء الكنيست اليمينيون الذين تقدموا بمشروع القانون أنه يهدف إلى الدفاع عن "إسرائيل" في مواجهة ما يرونه من هجوم متزايد على شرعيتها بسبب الصراع المستمر مع الفلسطينيين ودول عربية أخرى، فيما يصفه ليبراليون إسرائيليون بأنه غير ديمقراطي.

مركز القدس للمساعدة القانونيّة: رُزمة القوانين عنصريّة ولا تتماشى مع حقوق الإنسان الأساسيّة

ومن جانبه أكّد مركز القدس للمساعدة القانونيّة في أكثر من نشرة وعلى مختلف الصعد، أن هذه القوانين هي قوانين عنصريّة بكل معنى الكلمة، وهي تتقاطع مع القوانين والتشريعات التي عُمِل فيها خلال حكم الأبارتهايد في جنوب إفريقيا، والتي شرعنت في تلك الحقبة أساليب التفرقة على أساس العِرق واللون.
كما أن التشريعات الإسرائيليّة المختلفة، وخاصة قانون الدخول إلى إسرائيل، وفيما يتعلّق بحق الفلسطينيين بالإقامة في القدس، تتوجه بالأساس إلى شرعنة طرد الفلسطينيين من مدينتهم، وجعل إقامتهم فيها "مؤقّتة"، كأن هذا الحق هو "مِنحة" أو "هِبة" من دولة الاحتلال، ومرهونة لقوانين وتشريعات سنّها الكنيست الإسرائيلي، صادقت عليها المحكمة العليا الإسرائيليّة من خلال رفضها لالتماسات ضد هذه التشريعات.
وفي لقاء مع محامي مركز القدس الأستاذ سليمان شاهين حول تلك القوانين فقد أكّد: "أن التشريعات التي يسنّها الكنيست تأتي متوافقة مع المناخ السياسي العام في المنطقة، فهي تعكس القناعة والقيم السياسية من خلال فرضها التشريعات المختلفة".
مضيفا أن تركيبة الكنيست اليوم هي يمينية متطرفة، وبالتالي فان القوانين سوف تتخذ صفة العنصرية وإقصاء الآخر، وقال: "حملة الكنيست متوقعة وغير جديدة، فهي تستمد شرعيتها من الشارع والجو العام، حيث تستطيع سنّ أي قانون تريده بأغلبية أعضائه".

وأشار المحامي شاهين إلى أن قوانين الأساس التي سنت في بداية التسعينييات وهي ستكون "الأساس لدستور مستقبلي للدولة اليهودية"، تفرض قيوداً عامة ومعايير على التشريعات التي تسنها، وعلى هذا القانون تعتمد الكنيست في تشريعاتها، كما لم يكن للمحكمة الإسرائيلية أي تدخل في ما تشرعه الكنيست حيث كان تدخلها في مساحة ضيقة وشبه معدومة".
وأوضح المحامي أن المادة الثامنة من قانون الأساس حول كرامة الإنسان وحريّته تقول: "يُحظر المس بالحقوق المضمونة في قانون الأساس إلا بقانون يتماشى وقيم دولة إسرائيل له هدف لائق وشرط أن لا يتجاوز المطلوب."

وأضاف: "الكنيست سنَّ قوانين أساسية كأدوات قضائية بديلة لدستور، والتي تنظم أعمال السلطات وحقوق الإنسان في بعض المجالات، ولكن عدم وجود دستور كامل، وعدم وضوح أفضلية القوانين الأساسية على القوانين العادية، تجبر المواطنين والمؤسسات التوجه للمحكمة العليا لتفسير النظام القانوني في العديد من حالات الغموض؛ مما يجعل مكانة المحكمة العليا أقوى من المقبول في دول أخرى". مشيرا في ذات الوقت انه مع ذلك فان المحكمة العليا تتحفظ على ذلك، ولا تقوم بإلغاء التشريعات التي تُسن في الكنيست إلا في حالات نادرة جدا.

ولعل "محدودية تدخل المحكمة العليا" يعود لمواجهتها انتقادات شديدة من قبل أكاديميين وباحثين إسرائيليين بأنها تتجاوز صلاحيتها برقابتها على الكنيست- كما أوضح المحامي شاهين، مُشيرا أن هناك توجها لتحديد صلاحية المحكمة العُليا عن طريق تشريعات من الكنيست.
وأكد أن المحكمة العليا لم تكن مُنصفة بحق الفلسطينيين، وكانت بمثابة الختم لكل قانون يُسنّ ضد الفلسطينيين، حيث يحق للكنيست تشريع أي قانون دون تدخل المحكمة العليا التي يمكن لها النظر في القوانين عن طريق تقديم التماس من أي متضرر أو جمعية حقوقية.
وتطرق المحامي إلى عدد من القوانين التي تم تشريعها بالكنيست كقانون عزمي بشارة، وسحب الجنسية أو الإقامة أو الهويات من قبل الأشخاص "المتهمين بالخيانة" بسبب رأي سياسي... وبالفعل استخدم ذلك بحق نواب القدس ووزيرها الأسبق، وقانون النكبة وقانون الميزانيات الذي يفرض الرقابة على ميزانيات الجمعيات غير الحكومية.

جمال زحالقة: تحول الكنيست إلى محاكمة ميدانية لآراء سياسية

وفي تصريح خاص قال عضو الكنيست جمال زحالقة: "إننا نواجه اليمين الفاشي في كل البلاد، واصفا الكنيست "بالكهانا".
وتساءل زحالقة: "هل يعقل أن تقوم السلطة التشريعية بمحاكمة السلطة التشريعية؟" فهي تقوم بسنّ القوانين العنصرية متى يحلّو لها ذلك، مؤكدا أن ذلك يتناقض مع مبدأ فصل السلطات.

النائب محمد بركة: تشريعات الكنيست الحالية ذروة العنصرية

من ناحيته أكد النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، أن الولاية الحالية للكنيست سجلت ذروة جديدة في التمييز وقوانينها العنصرية، إذ أقرت خلال 24 شهرا 8 قوانين عنصرية بالقراءة النهائية، ولا يزال هناك عدد آخر من القوانين والقرارات في مراحل تشريعية مختلفة. وقال إن حصيلة هذه القوانين وحدها، بإمكانها أن تكون كتاب قوانين لأكثر الأنظمة السوداوية في العالم، بما فيها الأنظمة الفاشية.

وقال بركة: "إن كل فكرة عنصرية متطرفة تخطر على بال عضو كنيست وحتى من خارج الكنيست، يأتي في اليوم التالي طالبا تحويلها إلى قانون، وهذا ينجح في وضعية الكنيست اليوم، وهذا بات نوعا من التسويق السياسي لزيادة شعبية ذلك الحزب أو تلك الشخصية السياسية".

وقال بركة: إن أول هذه القوانين، استمرار تمديد القانون المؤقت لقانون المواطنة، الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية، ويهدد بتمزيق آلاف العائلات العربية في البلاد، لكون أحد الوالدين من الضفة الغربية أو قطاع غزة المحتلين، إضافة إلى محاولة الحكومة المستمرة، لتمرير قانون يفرض على كل من يطلب الجنسية الإسرائيلية من غير اليهود بأداء قسم الولاء لدولة إسرائيل كدولة يهودية.

وأوضح بركة أن الكنيست أقر سبعة قوانين بالقراءة النهائية، وسيتم إقرار قانون آخر جرى إقراره بالقراءة الأولى قبل فترة، وهذه القوانين هي:
1. قانون الأراضي الذي “يسمح” للحكومة ببيع أراضٍ جرت مصادرتها قبل سنوات بذريعة "الصالح العام" ولم يتم استخدامها، رغم أن أصحابها ما زالوا موجودين.
2. قانون المزارع الخاصة، الذي يقضي بتوزيع الأراضي العربية المصادرة في النقب على العائلات اليهودية.
3. قانون الاستفتاء الشعبي، لأي انسحاب من أراض تحت "سيادة إسرائيل"، والهدف منها مدينة القدس المحتلة وهضبة الجولان السورية المحتلة.
4. قانون يسمح بتمديد اعتقال أسير فلسطيني دون حضوره للمحكمة لمدة ستة أيام.
5. القانون الذي يحجب الراتب التقاعدي عن عضو كنيست.
6. قانون النكبة.
7. قانون لجان القبول للبلدات اليهودية، لمنع سكن العرب فيها.
وتابع بركة قائلا: "أما القوانين التي أقرت بالقراءة الأولى، فقد كان هناك قانون يقضي بسحب المواطنة ممن أدينوا بالمشاركة في عمليات أو "تجسس"، وهذا القانون كما يبدو سيقر بالقراءة النهائية، وقانون يقضي بفرض عقوبات على دعاة مقاطعة البضائع والمؤسسات الإسرائيلية والاستيطانية، وقانون يقضي بتمويل جريمة هدم البيوت".

وأضاف بركة: "وأقر الكنيست بالقراءة التمهيدية قانونا يفرض عقوبة السجن لمدة عام على كل من يدعو إلى عدم الاعتراف بإسرائيل كدولة “يهودية وديمقراطية”، وقانون يمنح أفضلية عمل في سلك خدمات الدولة لمن خدم في الجيش والخدمة القومية".
وقال أن الكنيست اتخذ قرارات خطيرة وهي إقامة لجنة التحقيق ضد الجمعيات الحقوقية، وعمليا ملاحقتها، لأنها تكشف عن جرائم ومآسي الاحتلال، وقرار بإقامة لجنة تحقيق في مزاعم بيع أراض للعرب، والقرار بسحب امتيازات ثانوية للنائبة حنين زعبي.

------------------------------------------------

مركز القدس للمُساعدة القانونية وحقوق الإنسان