أثر أنشطة وبرامج بديل المختلفة في نشر ثقافة العودة والدفاع عن حقوق اللاجئين والمهجرين

بقلم: عفيف غطاشة*

منذ أن تأسست الحركة الصهيونية، وهي تطمح وتخطط لقيام دولة اسرائيل في فلسطين الانتدابية، وبمساعدة الحكومة البريطانية الانتدابية، دفع اليهود الى الهجرة من أوروبا الى فلسطين بوسائل مختلفة، وتم طرد وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ودياره التي أقيمت عليها ما تسمى بدولة اسرائيل عام 1948. ن

تيجة ذلك، أصبح الفلسطينيون لاجئين في ما تبقى من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة) والدول العربية المجاورة وفي الشتات. ومنذ ذلك التاريخ، ظل أملهم في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها. ثم تأسست منظمة التحرير الفلسطينية وكان على رأس أولوياتها قضية اللاجئين وإعادتهم إلى بيوتهم وأرضهم التي هجروا منها، وظل حق العودة لب الصراع العربي الإسرائيلي. وفي عام 1967، استكملت الحركة الصهيونية احتلال فلسطين وأجزاء من أراضي الدول العربية المجاورة، وسمي من هجر وطرد في تلك الفترة من باقي أراضي فلسطين بالنازحين الفلسطينيين.

إن أمل وحلم اللاجئين والمهجرين والنازحين في الداخل والشتات هو تحقيق العودة. وما يقوم به مركز بديل ويقدمه في هذا الإطار، هو المساعدة في تطبيق هذا الحق. نجد أن قسم الدراسات في المركز قد تعمق في بحث هذا الحق من الناحية القانونية من خلال القانون الدولي (العرف الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان والدولي الإنساني والدولي للاجئين)، وبين أن هذا الحق هو حق جماعي وفردي كفلته القوانين والشرعة الدولية واتفاقيات جينيف وقرارات الأمم المتحدة وخاصة القرار رقم 194، فاصدر المركز مجموعة من الأبحاث والدراسات التي تؤكد قانونية هذا الحق وأنه لا يسقط بالتقادم.

وقد عمل المركز على عقد حلقات دراسية وورشات عمل بالتعاون مع خبراء ومحامين في القانون الدولي – شبكة مركز بديل للإسناد القانوني – لبيان قانونية حق العودة، كما عقد ندوات وورشات عمل في أوساط تجمعات اللاجئين موضحا قانونية هذا الحق ومفسرا القرار 194 وأهميته والمطالبة بتنفيذه. وقد صاغ بديل خطته التنفيذية التي حملت العنوان: "نحو وضع الحقوق موضع التنفيذ"، حيث اتجه ويتجه بديل الى المساهمة في تدعيم حملات المجتمع المدني الفلسطيني لتحقيق المزيد من الإرادة السياسية نحو التأثير في صناع القرار، ومحاسبة إسرائيل ودفعها الى الالتزام باحترام حقوق الشعب الفلسطيني، وخاصة حق اللاجئين والمهجرين بالعودة الى ديارهم الأصلية.

وطور مركز بديل مكتبة متخصصة في قضايا اللاجئين تحتوي على مجموعة من الوثائق والكتب والأبحاث القيمة، إذ تعتبر هذه المكتبة مرجع لكثير من الدارسين والباحثين. كما تتضمن قسما للمواد السمعية والبصرية وهي مزودة بأجهزة كمبيوتر مكتبية مخصصة للاستخدام العام ولتمكين الباحثين والدارسين في هذا المجال، وتم وضع فهرس للمكتبة على الانترنت. وهذا يتوافق مع برنامج المركز- برنامج دراسات النكبة المستمرة- الذي يخدم جمهور الزائرين، الطلاب، الباحثين، الإعلاميين والنشطاء.

كما أن لوحدة الحملة في مؤسسة بديل نشاطات ودور بارز على صعيد محلي وعالمي، ففي برنامج تنمية وتدريب الناشئة عقد بديل شراكة مع العشرات من المؤسسات والمراكز المجتمعية الناشطة في مجال الدفاع عن للاجئين والمهجرين الفلسطينيين في فلسطين الانتدابية وسوريا. يستهدف هذا البرنامج أجيال الناشئة من اللاجئين والمهجرين من سن 14 – 17 سنة، ويشتمل منهاج البرنامج على مواد دراسية وأنشطة ثقافية بهدف ترسيخ الوعي بحقوق اللاجئين والمهجرين عند الناشئة، وتطوير المهارات الأساسية لديهم، وتعزيز مشاركتهم في خدمة مجتمعهم، حيث تخرج 290 مشاركا ( فتى وفتاة) في عام 2008-2009، ويوجد حاليا 285 مشاركا في التدريب. وبهذا يساهم المركز في خلق قيادات شابة، يشغلون مكانة ريادية في مؤسساتهم. منهم الآن ناشطون في أوساط الطلبة وفي حملة المقاطعة. كما ويساهم بديل في تعزيز العمل القائم على الحقوق الأساسية من خلال نشاطات تعليمية وتثقيفية في الجامعات الفلسطينية، وخاصة جامعة القدس- أبو ديس – من خلال تدريس مساق القانون الدولي للاجئين، والمحاضرات والحلقات الدراسية ومعارض صور وكتب وورشات عمل في جامعات الضفة الغربية.

لقد قامت مؤسسة بديل بتعزيز مشاركة الجمهور الفلسطيني في الإنتاج الفكري والثقافي حول موضوع حق العودة، وذلك من خلال المسابقة السنوية التي تنظمها لجائزة العودة، والتي تواصل تقدمها من حيث النطاق والأثر، فان عدد المشاركين في تزايد والجمهور الذي يحضر المهرجان السنوي للجائزة كذلك. كما أصبح البوستر الفائز هو بوستر إحياء ذكرى النكبة ويعتمد من قبل اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة، ويصدر باسم منظمة التحرير الفلسطينية ويوزع على نطاق واسع في الداخل والشتات ودول العالم.

كما أن مؤسسة بديل تشارك بإصداراتها في معارض الكتاب الدولية، فعلى سبيل المثال في عام 2009 شارك المركز في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وفي معرض الدار البيضاء ضمن برنامج الدول العربية "القدس عاصمة الثقافة العربية"، ولهذا أثر كبير في إيصال ثقافة العودة إلى القارئ العربي والأجنبي. ويعمل بديل بالإضافة إلى إصداراته باللغتين العربية والانجليزية، على إصدار نشرات ومطبوعات بلغات أخرى كالفرنسية والاسبانية.

إن لبديل دورا فاعلا في التشبيك مع المنظمات الأهلية الفلسطينية، وخاصة الحقوقية منها والتي تعمل على الدفاع عن حقوق الإنسان، إذ يعمل معها على توحيد الموقف والخطاب في طرح حقوق الشعب الفلسطيني ومتابعتها ضمن المحافل الدولية والأمم المتحدة، وكذلك التأثير على أصحاب القرار في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية. وعلى سبيل المثال كان لبديل دوراً رئيسياً في حشد الدعم والمتابعة لتقرير جولدستون المتعلق بجرائم الحرب التي ارتكبتها اسرائيل وقادتها في قطاع غزة.

كما ويعتبر بديل من مؤسسي ائتلاف حق العودة الذي يجمع مؤسسات فلسطينية داخل الوطن وخارجه بما فيها أوروبا وأمريكا، وله دور فاعل في اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة واللجنة الوطنية العليا للدفاع عن حق العودة، وحملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها. كما يقوم بديل بلعب دور هام في التشبيك على المستوى العالمي، فهو عضو في كثير من الائتلافات وشريك مع بعض المفوضيات، إذ يتمتع بديل بوضع استشاري في المجلس الاقتصادي الاجتماعي التابع للأمم المتحدة.

كما أن للرسائل والمداخلات المكتوبة والشفوية التي يقدمها مركز بديل إلى مجلس حقوق الإنسان، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ولجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني والعرب الآخرين في الأراضي المحتلة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، هذا من أجل التأثير في المجتمع الدبلوماسي وصناع السياسة.

ولبديل مشاركات عديدة في مؤتمرات وندوات عالمية تهدف إلى إبراز القضية الفلسطينية وحقوق اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين في تلك المؤتمرات والندوات.

إن ما يقوم به مركز بديل من عمل دؤوب في المجتمع المحلي والدولي ذو قيمة وطنية، ولكن كي يكون له أثر اكبر ولكي نصنع فرقا لصالح حقوق اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين، علينا العمل معا، فهناك الكثير الكثير من المطلوب عمله.

-------------------------------
*المحامي عفيف غطاشة: رئيس مجلس إدارة بديل.