مجموعة الناشئة في مركز تطوير القيادات والتمكين تحيي ذكرى مجزره كفر قاسم

إعداد: مركز جماعة- كفر قاسم

ضمن نهجه القائم على الحفاظ على هوية الفلسطيني العربي في "إسرائيل" والعمل مع الأجيال، قام مركز تطوير القيادات والتمكين الجماهيري/جماعة ومقره كفر قاسم، بعقد اتفاقية شراكة مع مركز بديل لتنفيذ برنامج تنمية وتدريب الناشئة في مجال الدفاع عن حقوق اللاجئين، والذي ينفذه بديل في احد عشر مخيماً وتجمعاً للاجئين الفلسطينيين في فلسطين التاريخية والشتات.

يهدف مركز جماعة من خلال برامجه إلى تعزيز وبلورة الهوية الجماعية والقومية للفلسطينيين من مواطني "إسرائيل"، وتعزيز انتمائهم لوطنهم الأصلي فلسطين. كما أن المركز يتبنى ضمن برامجه استراتيجية بناء جيل قادر على حماية حقوق الفلسطينيين وتوعيتهم بقضيتهم الأساسية وهويتهم.

من هذا المنطلق، شكل مركز جماعة مجموعة من الأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 13-17 عاماً، ليكونوا ضمن مجموعة تنمية وتدريب الناشئة، وهي السنة الأولى التي يشترك فيها مركز تطوير القيادات في برنامج الناشئة، كما انه المؤسسة الوحيدة داخل حدود فلسطين عام 1948 التي تنفذ المشروع مع مركز بديل حاليا. ولأن كفر قاسم يرتبط اسمها دائماً بالمجزرة التي ارتكبتها إسرائيل بحق أهالي البلدة بتاريخ 29/10/1956، والتي راح ضحيتها 49 من أبناء القرية وعشرات الجرحى، فقد قررت مجموعة الناشئة في البلدة إحياء ذكرى المجزرة على طريقتها الخاصة، وذلك في إطار تنفيذ أنشطة ميدانية ضمن تطبيق خطة برنامج الناشئة للعام 2009.

قبل الانتقال إلى النشاط التي نفذته المجموعة في ذكرى المجزرة، قامت الميسرة للبرنامج بعمل عرض محوسب عن طريق الشرائح، مدعماً بالصور التي توثق المجزرة، وخلفيتها وأحداثها. وبعد الانتهاء من العرض المحوسب/ قام الأطفال بعمل حلقة نقاش تطرقوا من خلالها إلى المجزرة واستذكروا أسماء الشهداء، وما وتبعات المجزرة على بلدة كفر قاسم. كان العرض مهما لوضع الجيل الجديد في صورة الظروف التي رافقت المذبحة عبر تناول الخلفية التاريخية وبعض الشهادات.

الخلفية التي ارتكبت فيها المجزرة

بتاريخ 29/10/1956، وعشيت العدوان الثلاثي على مصر أعلنت قيادة الجيش الإسرائيلي المرابطة على الحدود الإسرائيلية الأردنية نظام حظر التجول على القرى العربية داخل "إسرائيل" والمتاخمة للحدود: كفر قاسم، الطيرة، كفر برا، جلجولية، الطيبة، قلنسوة، بير السكة، وابثان. أوكلت مهمة حظر التجول لوحدة من حرس الحدود بقيادة الرائد "شموئيل ملينكي" على أن يتلقى هذا الأوامر مباشرة من قائد كتيبة الجيش المرابطة على الحدود "يسخار شدمي". أعطيت الأوامر أن يكون منع التجول من الساعة الخامسة مساء حتى السادسة صباحاً. وطلب "شدمي" من "ملينكي" أن يكون تنفيذ منع التجول حازماً لا باعتقال المخالفين وإنما بإطلاق النار عليهم. وقال له: " من الأفضل أن يكون قتلى عوضا عن تعقيدات الاعتقال... ولا أريد عواطف...". جرى بعد ذلك توزيع المجموعات على القرى العربية في المثلث. واتجهت مجموعه بقيادة الملازم (جبرائيل دهان) إلى قرية كفر قاسم. وقد وزع "دهان" مجموعته إلى أربع زمر رابطت إحداها على المدخل الغربي للقرية. في تمام الساعة الرابعة والنصف مساء يوم الاثنين 29/10/1956 قام العريف (يهودا زشتسكي) بإبلاغ مختار القرية السيد (وديع احمد صرصور) بأمر منع التجول. المختار سأل عن مصير أهالي القرية المتواجدين خارجها والذين لم يعودوا بعد من أماكن عملهم فجاءه جواب العريف: "سنهتم بهم".

رواية احد شهود العيان:

يقول مصطفى عبد القادر صرصور(أبو ذياب) وهو احد شهود العيان على المجزرة: "كان عمري (16) عاماً. كنا عائدين من العمل.خرجت إلى سوق الخضراوات في "بيتح تكفا" فوجدت سيارة المرحوم الحاج محمود وسائقها جمعه رشيد بدير ومعهم محمود عبد الغافر ريان (كفر برا)، ومصطفى عمر وصالح احمد خضر. واصلنا المسير حتى وصلت النصب التذكاري رأينا الجنود يطلقون النار على المتواجدين فأصيب اسعد الحِسِن عيسى (ابو فتحي) وشقيقه الشهيد عبد عيسى. رأيت الجثث ملقاة على الأرض فاستلقيت في السيارة. بعدها صرخ احد الجنود الذي أطلق النار على اسعد والعبد وقال: امشي قوام (اذهب من هنا بسرعة. الشهيد محمود عبد الغافر قال: ماذا يريدون منا؟ ولكنه ظل واقفاً، أطلق الجنود علينا النار مما أدى إلى خرق إطارات السيارة ولكننا هربنا متوجهين إلى منزل دار بسوطة".

دفن الشهداء

بعد انتهاء المذبحة قام أفراد شرطة حرس الحدود بجمع جثث الشهداء ال (49) وحملوها في شاحنة وقذفوا بها في حرش قرب مركز شرطة المستوطنة الصهيونية رأس العين وتم دفن الجثث هناك بشكل مؤقت وبعد يومين قرر المجرمون دفنهم في مقبرة القرية ولكي يتم تشخيصهم بحثوا عن أحد وجهاء القرية فوقع اختيارهم على السيد ذياب عبد حمد الذي أصيب ابنه ناجي بجراح طفيفة في المذبحة وطلبوا منه مرافقتهم لتشخيص الضحايا فذهب معهم ورفع الجثة الأولى فكانت جثة ابنه الثاني ويدعى موسى، وقد تم تشخيص (47) جثة وبقيت جثتان لامرأتين لم ينجح أحد في التعرف عليها بسبب كثرة التشويه.

إحياء ذكرى المجزرة من قبل الأطفال

اتفقت مجموعة الناشئة على تنفيذ نشاط مميز يحي ذكرى مجزرة القرية الأليمة، وذلك في إطار تحضيرهم عدداً من الأنشطة الميدانية المتصلة بتطبيق خطة عمل البرنامج. فقبل موعد الذكرى السنوية بأسبوع، اجتمع أطفال برنامج الناشئة وقرروا القيام بعدة أنشطة لإحياء الذكرى. وقبل ذكرى المجزرة بيوم واحد، أي بتاريخ 28/10/2010، اتفقت المجموعة على زيارة مقبرة شهداء المجزرة. بحيث توجهوا في الصباح إلى المقبرة وقاموا بوضع باقات من الزهور على قبور الشهداء. ثم ألقى الأطفال مجموعة من القصائد الشعرية والأناشيد من تأليفهم الخاص عن المجزرة.

وقد عبر الأطفال عن مشاعر الحزن والتصميم على التحدي والصمود كما فعل سابقوهم الذين رغم الرعب والفقدان صمدوا ولا زالوا صامدين.