أخبار بديــل

مركز بديل يصدر ورقة موقف جديدة: الثغرات والإخفاقات التي تشوب الرأي الاستشاري لعام 2024 الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن فلسطين
مركز بديل يصدر ورقة موقف جديدة: الثغرات والإخفاقات التي تشوب الرأي الاستشاري لعام 2024 الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن فلسطين

في 19 تموز 2024، صدر الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية حول «التبعات القانونية لسياسات وممارسات إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها شرق القدس»، وقد لاقى هذا الرأي استحسان الجمهور الفلسطيني والدولي على حدٍ سواء باعتباره إنجازًا مهماً. في حين أن الرأي الاستشاري لعام 2024 يحدد السياسات والممارسات الإسرائيلية على أنها غير قانونية، وجاء أقوى من ذلك الذي أصدرته ذات المحكمة في العام 2004 بشأن "الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة، إلا أنه في واقع الأمر يشتمل على ثغرات وعيوب تقوض مبادئ القانون الدولي بشكل كبير وآليات تنفيذها على الشعب الفلسطيني. وعلى هذا النحو، يقدم مركز بديل تحليله النقدي لرأي محكمة العدل الدولية الصادر عام 2024 بعنوان "الثغرات والإخفاقات التي تشوب الرأي الاستشاري لعام 2024 الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن فلسطين".

 

يرى مركز بديل أن أحد أوضح العيوب الجوهرية الرئيسة في الرأي الاستشاري لعام 2024 يكمن في نهجه المحدود الذي لم يأخذ بعين الاعتبار السياقات التاريخية والحالية، وتجاهله للأسباب الجذرية التي تحدد ماهية نظام الهيمنة الإسرائيلي. لقد أسفر هذا النهج المعيب عن خلل وضعف في التأطير القانوني، مما أفضى بالمحكمة إلى الخروج بحلول سياسية تجاوزت نطاق ولايتها القانونية وتخطّتها، وأضعفت إمكانية اتخاذ تدابير عملية لمحاسبة منظومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي.

 

تناقش ورقة الموقف هذه أثر حصر قضية فلسطين في إطار 1967 وبالتالي إخراجها من سياقها والتقيد حصر المحكمة نفسها بالقيدين الإطار الزمني والجغرافي لهذا الإطار. يرتكز الرأي الاستشاري أساساً إلى إطار القانون الدولي الإنساني، على حساب أُطر الاستعمار والفصل العنصري التي تنطبق على هذا السياق أكثر من أي أطار آخر. ونتيجةً لذلك، يحصر هذا النهج الانتقائي وغير المناسب وغير المتسق منطقيا مضمون الحقوق الواجبة لأبناء الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، فيقيدها من حيث المحتوى والنطاق، ويؤدي إلى تطبيق معيب وقاصر ومسيّس لحقوق تقرير المصير، والعودة والمقاومة. تبين ورقة الموقف هذه كيف أدى هذا الخروج عن السياق إلى توسيع ولاية محكمة العدل الدولية وتعزيز "الحلول" الدبلوماسية والسياسية. أخيرًا، تتعمق الورقة في كيفية تأثير الرأي الاستشاري لعام 2024 على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة {A/ES-10/L.31/Rev.1}٬ المؤرخ 18 كانون الأول 2024 بعنوان «الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في شرق القدس المحتلة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة».

 

في النهاية، فإن الرأي الاستشاري لعام 2024 يؤيد حل الدولتين، وهو بذلك لا يتجاوز تفويضه فحسب، بل ويروّج أيضًا لدفع نموذج سياسي لحل الصراع الذي يضع الشعب الفلسطيني المضطهد على نفس مستوى نظام الاستعمار الإسرائيلي المضطهد له. ومن خلال فرض هذا النهج، يفشل الرأي الاستشاري لعام 2024 في رفع السقف القانوني لمحاسبة النظام الإسرائيلي بشكل عملي وفعّال. لقد فشلت المحكمة في تقديم توصيات ملموسة وفعّالة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تاركة الكرة في ملعبهما ليحددا كيفية المضي قدمًا لإنهاء الوجود والسياسات والممارسات الإسرائيلية غير القانونية.

 

كان من شأن تطبيق دقيق وغير منحاز وعادل للقانون في الرأي الاستشاري لعام 2024 أن يوجّه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ويحثه على اتخاذ إجراءات وفقًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بما يشمله ذلك من فرض العقوبات على المنظومة الإسرائيلية. كان من شأن هكذا تطبيق أن يوجه الدول الأعضاء إلى مقاطعة منظومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي، وفرض العقوبات عليها وعزلها سياسيًا وعسكريًا وماليًا وثقافيًا. وكان من شأنه كذلك أن يشيد بالدعم الذي يقدَّم لمسيرة الكفاح التي يخوضها الفلسطينيون في سبيل تحرير وطنهم من نير المستعمرين الذين يضطهدونهم، وأن يشجع على إمداد مسيرة كفاحهم. وأخيرًا، كان من شأن التطبيق السليم للقانون أن يتناول الأسباب الجذرية للقضية ومعالجتها ضمن سياقها: ذلك ان الكفاح الذي يخوضه الشعب الفلسطيني في مناهضة الاستعمار وفي سبيل التحرر الوطني يواجه منظومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلية التي تضطهد وتنتهك حقّوقه غير القابلة للتصرف على مدى عقود من الزمن.