أخبار بديــل
photo copyright:gettyimages 6/3/2024
إن الانزال الجوي للمساعدات الإنسانية الذي قامت به الولايات المتحدة الامريكية على قطاع غزة مؤخرا ما هو الا عبارة عن حيلة تندرج ضمن ألاعيب العلاقات العامة في سياق سباق الانتخابات الامريكية المرتقبة حيث يوظف الرئيس بايدن عملية الانزال لإرضاء الناخبين المتضامنين مع فلسطين والسكان العرب في اميركا. وبغض النظر عن هذه المساعدات الضئيلة التي تم اسقاطها جواً على قطاع غزة، فانه وفقاً لتقرير حديث: "إسرائيل هي أكبر متلق للتمويل العسكري الأمريكي، حيث تأتي معظم هذه المساعدات على شكل أسلحة".
إن توفير 38 ألف وجبة جاهزة دون مراعاة إجراءات توزيعها أو سلامة من يتلقونها، لا يشكل حتى بداية لمعالجة المجاعة التي تنتشر في قطاع غزة. كما لم يكن حجم المساعدات غير كاف على الإطلاق فحسب، بل إنه كان مهينا للغاية ومنافقاً خصوصا وأن الولايات المتحدة الامريكية تقوم بتمويل جريمة الإبادة الجماعية دون قيد او شرط التي ترتكبها منظومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي.
وبموجب الإجراءات الاحترازية المؤقتة لمحكمة العدل الدولية، فانه يجب على إسرائيل أن تتخذ إجراءات فورية وفعالة لضمان مرور قوافل وشاحنات المساعدات الإنسانية، كما وأن الدول الأخرى تبقى ملزمة بمنع جريمة الإبادة الجماعية من خلال إجبار إسرائيل على ادخال المساعدات غير المقيدة وغير المشروطة.
وقد صرح مؤخرا خبراء الأمم المتحدة أنه "بعد أشهر من حملة التجويع الإسرائيلية، ربما تكون غزة تواجه مجاعة بالفعل. وإن عمليات الإنزال الجوي الأخيرة لن تحقق الا القليل. إن الطريقة الوحيدة لمنع هذه المجاعة وإنهائها هي عبر الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار". وأكد هؤلاء الخبراء أيضًا أنه "يجب عدم استخدام المساعدات الإنسانية كورقة مساومة في المفاوضات"، وأن إسرائيل لديها التزام الحد الأدنى بتقديم المساعدات الإنسانية غير المشروطة.
وبعبارات أخرى، فإن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأخرى ملزمة بإجبار إسرائيل على فتح معبر رفح وجميع الحواجز أمام 2000 شاحنة تنتظر على الحدود للدخول الى قطاع غزة.
وبما أن إسرائيل لا تفي بالتزاماتها وواجباتها، فإن الدول لا تحتاج إلى انتظار إذن من إسرائيل، أو انتظار وقف لإطلاق النار أو لإطلاق سراح الأسرى والجنود الإسرائيليين لتقوم بتقديم المساعدات اللازمة في قطاع غزة، والوفاء بالتزاماتها الخاصة بمنع الإبادة الجماعية.
وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على الولايات المتحدة وغيرها من الدول الاستعمارية أن تعمل على حماية هذه المنظمات الدولية المسؤولة عن تقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، وخاصة الأونروا، بدل من أن تقوم بقطع التمويل عنها على خلفية موجة أخرى من الحملة الإسرائيلية التي تهدف الى القضاء عليها ونزع الشرعية عنها. من الناحية الفعلية، تعتبر عمليات الإنزال الجوي ليست اقل فعالية من عمليات التسليم البري فحسب، بل هي أيضا تستبعد الأمم المتحدة والوكالات والمنظمات الدولية. ولذلك، فإن عمليات الإنزال الجوي هذه تدعم وتساهم في الاستراتيجية الإسرائيلية المتصاعدة والتي تهدف إلى استبدال الأونروا، وفرض السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة من خلال تحكم إسرائيل في المساعدات الإنسانية.
إن عدم توافر الإرادة لدى إسرائيل لوقف جريمة الإبادة الجماعية وفشل الدول في الوفاء بالتزاماتها بمنع الجريمة، يشيران بقوة إلى أنه ينبغي على محكمة العدل الدولية بموجب المادة (1) 76 من قواعد المحكمة أن تعيد النظر في الإجراءات الاحترازية المؤقتة التي اتخذتها لتعزيزها وتطويرها بما يتناسب مع الوضع الحالي في قطاع غزة.
وفي حين تبقى إسرائيل (الدولة المستعمِرة) هي الجهة الأساسية المسؤولة عن ضمان الحماية والسلامة والأمن للفلسطينيين، يجب على جميع الدول الأخرى، ووفقاً لالتزامها بمنع جريمة الإبادة الجماعية، أن تتخذ الاجراءات التالية:
- فرض وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار؛
- ضمان توفير المساعدات الإنسانية غير المشروطة، من خلال إيصال المساعدات برياً وجوياً وبحرياً دون عوائق.
- وقف أية مساعدات عسكرية واقتصادية وسياسية لإسرائيل ومحاسبتها.
- استئناف وزيادة التمويل للأونروا، وضمان تشغيلها بشكل كامل وآمن، باعتبارها الوكالة الدولية الأكثر أهلية وشرعية والمفوضة من قبل الأمم المتحدة في هذا المجال.
- رفع الحصار المستمر منذ 17 عاماً عن قطاع غزة.