أخبار بديــل

(٢٢ أيار ٢٠١٨) عودتنا ليست حلماً، عودتنا حقٌّ أقرته الشرائع والمعاهدات الدولية: رسالة مفتوحة من مركز بديل إلى وزير الخارجية السويسري، إيغنازيو كاسيس، رداً على بيانه حول الأونروا واللاجئين الفلسطينيين
PR/AR/220518/09

صرح وزير الشؤون الخارجية السويسري إيغنازيو كاسيس يوم الخميس 17 أيار 2018، أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) تعتبر عقبةً أمام السلام في الشرق الأوسط لأنها تعيق بشكل فعال دمج اللاجئين الفلسطينيين في البلدان المضيفة لهم. وقد ادعى كاسيس أن "الحفاظ على وجود مخيمات اللاجئين، وتحديداً في الأردن ولبنان، بمثابة الاحتفاظ بـ "حلم العودة إلى الديار" لدى اللاجئين الفلسطينيين الذين يقيمون فيها". وأضاف أن "تمويل المجتمع الدولي لوكالة الأونروا يساهم في إبقاء الصراع حياً". وقال كاسيس: "لفترة طويلة مضت، كانت الأونروا بمثابة الحل لقضية اللاجئين، لكنها اليوم أصبحت جزءاً من المشكلة. فمن غير الواقعي أن يتمكن جميعهم ]اللاجئين الفلسطينيين[ من تحقيق هذا الحلم. ومع ذلك، فإن وكالة الأونروا تبقي هذا الحلم على قيد الحياة". وقد اقترح الوزير كاسيس أن يتم إعادة توجيه التمويل من وكالة الأونروا إلى الدول المضيفة، وذلك من أجل تعزيز قدرات تلك الدول على دمج اللاجئين الفلسطينيين فيها. هذه الرؤية، وهذه السياسة لا تتجاهل سيادة القانون فحسب، بل تدعم موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي دعا في الشهر الماضي إلى إنهاء الأونروا.

إن مركز بديل يؤكد على أن العقبة الرئيسية أمام حل قضية اللاجئين الفلسطينيين تتمثل في استمرار تنكّر إسرائيل لحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم الأصلية، وهي سياسة مستمرّة منذ العام 1948. وثمة عقبة رئيسية أخرى تتمثل في فشل المجتمع الدولي في الوفاء بمسؤولياته تجاه العشرات من قرارات الأمم المتحدة التي تم تبنيها منذ عام 1948. ونتيجة لهذا الفشل، لا يزال أكثر من ثلثي الشعب الفلسطيني غير قادرين على ممارسة حقهم الطبيعي في العودة إلى ديارهم. كما ولا يزالون في ذات الوقت مجبرين على البقاء والاندماج في البلدان المجاورة. هؤلاء اللاجئون لا "يحلمون" بالعودة إلى ديارهم، إن لهم الحق في القيام بذلك، تماماً كما نص عليه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948، وغيرها من القرارات التي يتم إعادة تأكيدها سنويًا من قبل هيئات الأمم المتحدة الأخرى.

إن الخدمات التي تقدمها الأونروا للاجئين الفلسطينيين لا تديم الصراع الحالي؛ على العكس من ذلك، تقع مسؤولية تأجيج وإدامة الصراع على عاتق السياسات الإسرائيلية التي تحرم اللاجئين الفلسطينيين من الحق في العودة إلى ديارهم، بما يتعارض مع القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان. وبموجب القانون الدولي، طالما بقي اللاجئون الفلسطينيون مهجرين من أرضهم وديارهم، فانه يحق لهم الحصول على المساعدات الاغاثية والإنسانية، وهو العمل الذي فوضت به الأونروا عند تأسيسها في العام 1950. الاونروا، لم يتم تفويضها بمهمة إيجاد حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، بل أوكلت تلك المهمة إلى لجنة الأمم المتحدة للتوفيق حول فلسطين(UNCCP) ، وهي وكالة أممية غير فاعلة منذ الخمسينيات، الامر الذي ترك اللاجئين الفلسطينيين دون وكالة دولية مكلفة بالبحث عن حلول دائمة لقضيتهم
.
إن اتهام الأونروا بإدامة الصراع على قيد الحياة يتجاهل السبب الجذري للمشكلة، ويتجاهل دور إسرائيل المركزي فيها. إن إعادة توجيه الأموال من الأونروا إلى البلدان المضيفة في محاولة لدمج اللاجئين الفلسطينيين ليست استراتيجية تهدف إلى تحسين رفاهية هؤلاء اللاجئين ولا في إنهاء الصراع، بل هي خطوة تهدف إلى وضع قضية اللاجئين الفلسطينيين في حالة سكون. وترتبط هذه الاستراتيجية ارتباطاً وثيقاً بهدف إنهاء دور وكالة الأونروا، التي اسست لتكون مؤقتة، والتي استمرار وجدودها شاهد على فشل المجتمع الدولي في إيجاد حل عملي لأكبر قضية لجوء في العالم وأطولها عمراً.
 
يشكل اللاجئون الفلسطينيون اليوم ثلثي مجموع الشعب الفلسطيني، حوالي 7.5 مليون لاجئ، لا يزال معظمهم يعيشون على بعد أقل من 100 كيلومتر من ديارهم الأصلية.

إن تصريح الوزير كاسيس بأنه "من غير الواقعي أن يتمكن الجميع من تحقيق هذا الحلم" يمثل تجاهلاً تامّاً لحق الفلسطينيين في العودة، وذلك بالإشارة إليه باعتباره حلمًا وليس حقًا معترفا به دولياً، ويمكن اعتباره بمثابة تواطؤ مع رفض إسرائيل الاعتراف بهذا الحق. إن السبب الوحيد وراء اعتبار عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم الأصلية "غير واقعية" هو تمتّع إسرائيل بالحصانة وإفلاتها من العقاب عن أفعالها غير القانونية، كما هو الحال مع إنكارها المستمر لحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة. من الجدير بالذكر هنا ان هذا الرفض الاسرائيلي لا يأتي بسبب المساحة أو الجغرافيا أو الخدمات اللوجستية، بل لأسباب سياسة: عدم استعداد كل من إسرائيل والمجتمع الدولي للاعتراف بحقوق اللاجئين الفلسطينيين وتطبيقها.

نختتم رسالتنا هذه بتذكير المجتمع الدولي، بما في ذلك سويسرا، بالتزامها بتوفير الحماية والسعي لإيجاد حلول دائمة للاجئين الفلسطينيين. كما نذكّر المجتمع الدولي بحق اللاجئين الفلسطينيين بجبر ضررهم وهو ما يشتمل على حقهم في العودة إلى الديار التي هُجّروا  واستعادة الممتلكات والتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم، ونذكّر المجتمع الدولي وسويسرا بأن رفض إسرائيل للعودة لا يشكّل خرقا قانونياً فحسب، ولكنه يشجعها على الاستمرار بتهجير الفلسطينيين في ظل غياب المساءلة عن أفعالها. فإذا ما كانت سويسرا والدول الأخرى مهتمّة بحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء الصراع، فلا بدّ من لهم ان يبدأوا باحترام القانون الدولي والتأكد من إحقاق الحقوق الأساسية للجميع، بمن فيهم الفلسطينيون، وإنهاء الانتهاكات المستمرّة لتلك الحقوق.