مقاومة التهجير: من الرؤية إلى الممارسة تقرير حول آخر أعمال بديل في مواجهة التهجير القسري

إعداد: طاقم بديل

أخذا بعين الاعتبار مدى التأثير الذي يخلقه على السكان الفلسطينيين والذي يفوق اثر أي عملية عسكرية، يبقى التهجير التهديد الأكبر لحياة الفلسطينيين اليوم. ففي السنة المنصرمة وحدها، قامت اسرائيل بتهجير آلاف الفلسطينيين من القدس، المنطقة المصنفة (ج) في الضفة الغربية، والمنطقة العازلة/الحرام في قطاع غزة. وخلال شهر أيار 2013، أقرت الحكومة الإسرائيلية مخطط برافر الذي يهدد باقتلاع قسري لأكثر من 70,000 بدوي فلسطيني في النقب
إن التهجير القسري للسكان غير قانوني، كما يعتبر جريمة دولية منذ العام 1942. إن الإدانة والتوصيف الأقوى والأحدث لهذه الجريمة موجودة في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. ويحدد نظام روما الأساسي بوضوح أن التهجير القسري للسكان وتوطين المستوطنين هما جريمتا حرب.
 
بهدف التهجير القسري للسكان الفلسطينيين الأصلانيين، تم سن العديد من القوانين الإسرائيلية، إضافة لتطوير العديد من السياسات والممارسات. واليوم، فإن إسرائيل تمارس تهجيراً قسرياً بصورة سياسة الترحيل "الصامت". إن هذه السياسة صامتة نسبيا من حيث تطبيق إسرائيل لها، في الوقت الذي تحاول فيه تجنب إثارة الاهتمام الدولي عبر قيامها بتهجير أعداد صغيرة من البشر بشكل منتظم. وهو ما يفترض أن يمر من دون أن يلاحظه أحد. إن الهياكل القانونية والسياسية الإسرائيلية تمارس التمييز ضد الفلسطينيين في العديد من المجالات، بما في ذلك مجالات المواطنة وحقوق الإقامة، وملكية الأراضي والوصول إليها واستخدامها، والتخطيط الإقليمي والبلدي.
 
لقد نشر مركز بديل مؤخرا دليلا تحت عنوان: "النهب الإسرائيلي للأرض والتهجير القسري للفلسطينيين- دليل إرشادي للأفراد والتجمعات السكانية المعرضة لخطر التهجير". إن هذا الكرّاس والمطويّات (البروشورات) الخمسة المرفقة به، يهدف إلى المساعدة في مواجهة تهجير الفلسطينيين. وتركز هذه المواد على المنطقة (ج) من الضفة الغربية، والقدس الشرقية فيما يتعلق بمجالات توتّر ثلاثة هي: مصادرة الأرض، فرض القيود على استخدامها والوصول إليها، وأنظمة التخطيط وتصاريح البناء وهدم المنازل.
 
يتطرق الدليل، في خطوطه العريضة، إلى ممارسات الدولة الإسرائيلية الهادفة إلى تنفيذ التهجير من خلال الاعتماد على قرارات المحاكم والتشريعات والأوامر العسكرية، والمقابلات الحصرية مع الأفراد المتضررين. وعلى الرغم من أن الكرّاس لا يمثّل بديلا عن المشورة القانونية المتخصصة، إلا أنه يسعى إلى رفع الوعي بالخطوات القانونية المفروضة على الفلسطينيين. ويهدف الكراس، بشكل خاص، إلى دعم المؤسسات الفلسطينية كالبلديات والمجالس القروية واللجان الشعبية في محاولتها لتأجيل أو مواجهة استراتيجيات التهجير الاسرائيلية. وإلى جانب التحليل القانوني وبمعزل عنه، فإن الكرّاس يتضمن دراسة ل70 حالة من حالات التهجير القسري.
 
في الرابع من حزيران 2013، قام مركز بديل بإطلاق الكرّاس خلال مؤتمره الذي نظم تحت عنوان: " التهجير القسري للفلسطينيين: الجريمة والمسؤوليات". المؤتمر، الذي عقد في رام الله، شمل أكثر من 150 مشاركا من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وممثلون عن منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف)، والسلطة الوطنية الفلسطينية، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان (OHCHR)، عدالة- المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل، الضمير- مؤسسة دعم الأسير وحقوق الإنسان. دياكونيا، مجلس منظمات حقوق
 
الإنسان الفلسطينية، مبادرة الدفاع عن الأراضي المحتلة في فلسطين الجولان (OPGAI)، والمجلس النرويجي للاجئين (NRC). وقد ناقش المساهمون وسائ
التصدي للتهجير القسري للفلسطينيين باستخدام التدخلات المحلية والوطنية والدولية لمنع التهجير. وقد أعقبت المؤتمر جولة ميدانية استمرت يومين إلى المناطق المتضررة. إن الاستعراض العام، أدناه، يقدم مجموعة مختارة من مقتطفات للاوراق والمداخلات التي جاءت ضمن أعمال المؤتمر.
 
الجلسة الأولى:
"التهجير السكاني القسري في السياق الفلسطيني: وقد أدارت الجلسة سحر فرنسيس من مؤسسة الضمير. وتحدث البروفيسور جوزيف شيكلا من التحالف الدولي للموئل حول جريمة التهجير القسري للسكان في ظل القانون الدولي.
استعرض البروفيسور شيكلا التاريخ القانوني للحظر المفروض على التهجير القسري للسكان، مؤكدا على أن: "النقل القسري للسكان يعني تشتت السكان المحليين إلى "الخارج" وتدفق السكان المستوطنين إلى الداخل... إننا نتحدث عن حركة إلى الداخل وإلى الخارج". (أنظر مقالة البروفيسور شيكلا على ص 7-8 من هذا العدد).

الجلسة الثانية:
أدار طارق حمام من وحدة دعم المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية جلسة "التدخل المحلي". وقد تحدثت المحامية سهاد بشارة من مركز عدالة حول المرافعة القانونية؛ بينما قدّم أمجد قسيس من مركز بديل الكرّاس الجديد والمطويات؛ كما تحدث السيد محمد الياس نزال الذي يترأس دائرة شؤون ملف الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية حول دور السلطة الفلسطينية. أنظر ملخص محاضرة محمد الياس نزّال ص 13 من هذا العدد.

قال طارق حمام: "إن هذا الدليل هو الأول من نوعه بحسب علمي". وردا على سؤال من الجمهور، أجاب حمام بأن م.ت.ف تركّز على مسألتين استراتيجيتين رئيسيتين هما الدبلوماسية والقانونية. "وقد اختارت م.ت.ف. أن تؤكد على المسار الديبلوماسي بأكثر مما تؤكد على المسار القانوني"، بحسب تصريحه.
 
وأكد أمجد القسيس على إدراج عنصر المقاومة الشعبية في الإطار، والبحث، والهدف، فيما يتعلق بالكراس والمطويات.

الجلسة الثالثة:
أدارت جلسة "التدخل الدولي" مالين غرينهيل من دياكونيا. وقد تحدثت إسراء مظفر من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) عن طريقة اتخاذ وتصميم آليات الاستجابة الإنسانية المستخدمة. وقد تحدثت مالفينا خوري من مجلس اللاجئين النرويجي حول المساعدة القانونية؛ بينما تحدث آرضي إمصيص من الأونروا عن دور وكالة الغوث في التدخل في منطقة E1 (القدس الشرقية). كما وتحدث حامد القواسمه وأدريانا زارلوكوي- أرفيزو من مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأرض المحتلة، الـ(OHCHR) شكل تدخل هذه الهيئة الدولية في منطقة مَسافر يطا - جنوبي تلال الخليل.
 
وقد استعرضت مالفينا خوري نظرة مفصلة حول مبادئ مجلس اللاجئين النرويجي في الاشتباك مع المنظومة القانونية الإسرائيلية حيث قالت: "في بعض الأحيان فإن استنفاذ الإجراءات المطلوبة محليا هو الخطوة التي تؤدي إلى الساحة القانونية الدولية، مضيفة أن: "واحدة من استراتيجياتنا هي إغراق المنظومة القضائية الإسرائيلية بالحالات والقضايا حيث قد لا تحتمل المنظومة هذا الفيضان". وقد أكدت خوري على " أن السياسات الظالمة تكبل نظام العدالة، وبأن المقاومة الفلسطينية تنشأ في أمثال هذه البيئة القانونية".

الجلسة الرابعة
جلسة "التوجهات العملية والتوصيات" أديرت على يد نصار ابراهيم من مبادرة الدفاع عن الأراضي المحتلة في فلسطين ومرتفعات الجولان (OPGAI) ومركز المعلومات البديلة (AIC). وقد تحدث البروفيسور ميك دامبر من جامعة إكستر حول جبر الضرر واستعادة الأملاك؛ كما تحدثت البروفيسورة سوزان أكرم من كلية الحقوق في جامعة بوسطن حول مسائل مستقبلية.
 
وقد أوجز البروفيسور ميك دامبر أربعة أنواع نظرية من الاستعادة [استعادة أملاك اللاجئين]: 1. الاستعادة العينية (استعادة حقوق ملكية الممتلكات المفقودة)، 2. التعويض بمقابل بالمثل، تبادل أصول الملكية/الملكية البديلة، 3. التعويض بالمساعدة الإنمائية، 4. التعويض متعدد الاوجه باختيار صاحب الحق ما بين عدة أشكال من التعويض السالفة، باسترداد الملك كليا او جزئيا ما دام ذلك متاحا، او التعويض نقدا، أو عن طريق القسائم والسندات. أنظروا مقالة البروفيسور مايك دامبر ص 16 من هذا العدد.
 
في استخلاصها لأعمال المؤتمر، أكدت البروفيسورة أكرم على أهمية استخدام القانون الدولي بدقة. كما وركزت على اهيمة تحديد ماهية الجرائم المرتبكة وتوصيفها بموجب القانون الدولي، وذلك لتحديد المسؤوليات. فعلى سبيل المثال، إن انعكاسات النزوح الداخلي و[انعكاسات] التهجير الجماعي مختلفتان. "إن تحميل دولة مسؤولية التهجير الداخلي داخل الحدود أصعب من تحميلها المسؤولية عن الطرد الجماعي إلى خارج الحدود". وقد أشارت أكرم إلى موضوعي مسؤولية الدولة الثالثة [الطرف الثالث] ومسؤولية توفير الدول والهيئات الدولية في توفير الحماية حيث يلزم تحديد ماهية الجرائم والمسؤولين عن ارتكابها، وفحص خيارات تحقيق العدالة والحماية بدقة من اجل التمكن من إثارة مسؤولية الأطراف الثالثة والحماية الدولية. إضافة إلى أن مصطلحات على شاكلة الاستعمار، الأبارتهايد، التطهير العرقي، والإبادة الجماعية، هي مصطلحات كبيرة معترف بها في جميع أنحاء العالم في المجالات القانونية والعامة، ولكن انطباقها على الحالة الفلسطينية يستدعي الفحص والتوثيق والبحث بدقة. " لقد حان الوقت للتحرك ووضع إطار قانوني لتوحيد الشعب الفلسطيني والتغلب على التجزئة"، وفقاً لتعبير أكرم.

الجولة الميدانية الدراسية في 5-6 حزيران 2013
تبع المؤتمر جولة ميداينة دراسية امتدت ليومين حيث تم زيارة عدد من المجتمعات الفلسطينية التي تعيش تحت التهديد المباشر للتهجير القسري. ونقوم بتسليط الضوء على ثلاثة من التجارب أدناه. الولجة: فلاح بلا أرض!

قبل عام 1948 كانت قرية الولجة من القرى التي تمتلك أكبر مساحة من الأرض من بين مجمل قرى فلسطين، إذ تمتد أراضيها الزراعية من جنوب القدس إلى شمال بيت لحم، وقد تمت مصادرة 70% من أراضي الولجة أثناء وبعد الحرب، أي خلال وبعد نكبة عام 1948. تأسست الولجة "الجديدة" في إحدى التلال المقابلة لموقع القرية الأصلي بعد طرد القرويين منها، وذلك على الرغم من أن معظم اللاجئين قد استقروا في مخيمات شرقي القدس وبيت لحم والأردن ولبنان.
 
بيد أن هنالك علاقة سببية مرتبطة بمسألة مصادرة الأراضي الا وهي قضية اللاجئين. فقد أدت المصادرة الواسعة للاراضي في سنة 1948 إلى تهجير 1,600 من سكان القرية. بينما انتقل حوالي 100 من الفلاحين ونسلهم إلى العيش عبر التلة الفاصلة عن قريتهم الأصلية. اليوم، هناك 25,000 لاجئ من الولجة يعيشون في الأردن.
 
محمد برغوث هو أحد الفلاحين من قرية الولجة الـ100 الذين يعيشون مباشرة خلف الخط الأخضر، حيث منزله. وهو يشير إلى نفسه باعتباره "فلاح بلا أرض". يقول: "أولا وقبل كل شيء، أنا لاجئ منذ العام 1948". في حرب 1967 فقدت عائلة برغوث ملكيتها لما يسمى اليوم مستعمرة غيلو، والتي نما عدد سكانها إلى ما يربو على 40,000 مستعمر يهودي-اسرائيلي.
 
قامت بلدية القدس بإدراج الولجة تحت إدارتها في العام 1982، في حين قامت بضم القدس الشرقية سنة 1967. ويقوم برغوث بتوصيف الوضع الحالي لسكان الولجة بقوله "إن الخدمة الوحيدة التي نتلقاها من بلدية القدس هي خدمة التدمير بالجرّافات".
 
في عام 2010 بدأ الجيش ببناء جدار الفصل في الولجة. "كانت الأرض التي شق عليها الشارع الجديد أرضا طيبة مليئة بأشجار الفواكه"، كما قال برغوث. لقد قام المجتمع بتطوير أدواته من أجل محاولة وقف البناء غير القانوني واللاإنساني للجدار. هنالك محامون يعملون مع المجتمع المحلي لدينا منذ سنوات، والإعلام المحلي والدولي يوليان اهتماما وثيقا لنضال الفلاحين ولاحتجاجاتهم التي صارت تندلع بانتظام.
 
لقد خطط برغوث لإنشاء حديقة ملآى بالأشجار، يربي فيها خلايا النحل والماعز؛ وهذا ما أطلق عليه اسم "العيش بكرامة". لكن إسرائيل أقامت الجدار وما نتج عن بنائه من غبار، تسبب في طرد النحل، بالإضافة إلى مصادرة المزيد من الأرض. في هذه العملية، اقتلع الجيش أكثر من 300 شجرة زيتون في جميع أرجاء التل. وعلى الرغم من تقويض حلمه، فإنه يملك حاليا 30 شجرة على سفح التل وعشرة أشجار في حديقة منزله. " لقد تم اقتلاع الأشجار الأقدم والأكثر إثمارا مثل شجرة صنوبر تمتد على مساحة 25 مترا، وهي كانت الأجمل" كما قال.
 
" أنتم قتلتموها، لذا عليكم دفنها"، هذا ما قاله برغوث للجيش الإسرائيلي عندما عرضوا عليه أن يعيد زراعة الأشجار التي اقتلعت بهدف بناء الجدار. وقد فسّر: " لن أقبل بأن يستخدموا إعادة زراعة الأشجار ليظهروا بمظهر من يعامل الفلسطينيين جيدا في الوقت الذي قاموا فيه بتهجيرنا".

في غرفة الضيوف المضاءة بنور الوادي، جلسنا كي نستمع إلى الظروف المهينة، والتاريخ المثير للمشاعر، والرفض المبدئي ضد ما يراه برغوث وضعا عبثيا. بالإمكان رؤية الشارع الإسرائيلي والبنية التحتية التي ستدعّم انشاء الجدار من إحدى نوافذ الغرفة. ومن النافذة الأخرى يمكننا أن نرى عبر الوادي قرية الولجة الأصلية، وضواحي القدس، والبنايات الاستعمارية. إن الخط الأخضر هنا يمر بين غرفة وأخرى.

مواد إعلامية متوفرة حول قرية الولجة:

http://www.ongoingnakba.org/ar/الضفة-الغربية/محافظة-القدس/الولجة

بتّير: سلة خضار القدس
يعرف الباذنجان البتّيري بشهرة خاصة "وهو يوجد في الأسواق من القدس حتى جنين"، كما يقول دليلنا الميداني في القرية حسن معمر. فيومئ أعضاء المجموعة برؤوسهم في تأكيد هادئ. تشتهر مدرجات بلدة بتير بإنتاجياتها العالية وبتراثها.

عند وصولنا للموقع كانت امرأة عجوز تغسل الخس في واحدة من الينابيع التي تشكل المركز الروحي والاجتماعي والاقتصادي لبتير. يعلّمنا تاريخ القرية بأن الماء الذي يجري عبر الوادي والذي تم تخصيصه للري على يد العائلات الرئيسية الثماني في بتير؛ بحيث يخصص يوم واحد، أسبوعيا، لكل عائلة، مما ينتج دورة أسبوعية فريدة من نوعها مكونة من ثماني أيام. وهذه الممارسة لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.
 
تشتهر بتّير، وهي موئل قرابة 5,000 مواطن فلسطيني، بالخضرة وبالزراعة القديمة. فالينابيع السبع التي تروي المدرجات ذات الإرث الزراعي الذي يمتد إلى 4,000 سنة بالإضافة إلى العديد من الموروثات، أنقاض قلعة رومانية تطل على قمة جرف صخري في وسط القرية. مسند ظهر يعود إلى الحقبة الرومانية، وتم اكتشافه فقط منذ عقود حين كان القرويون يهمون بترميم الطريق، وقد رفضت إسرائيل التنقيب في القلعة وآثار بتّير الأخرى بحكم كونها واقعة في المنطقة المصنفة (ج).
 
إن 70% من بتّير واقعة في المنطقة (ج) و 30%، وهي مركز بتير، يقع في المنطقة (ب) وفقا لاتفاقات أوسلو. بموجب اوسلو، ينبغي على الفلسطينيين التقدم بطلب للحصول على أي تخطيط أو إنشاء أو تطوير للعمل في المنطقة (ج) من خلال الإدارة العسكرية الإسرائيلية. الحكم العسكري او ما يمسى بالإدارة المدنية، لا يجيز معظم هذه الطلبات في الغالبية العظمى من الحالات، حيث تحظر إسرائيل بشكل فعال التطور "المشروع" في بتّير بحيث تمنع المجتمع من تحسين الطرق، شبكات الكهرباء، أو أية خدمات أخرى والتي بالضرورة ينبغي أن تمر عبر المنطقة (ج) التي تشكّل الغالبية العظمى من القرية.
 
في الوقت الذي كنّا فيه في جولتنا، كانت القرية تنتظر اجتماع اليونسكو في كمبوديا في آخر أسبوع من حزيران. حيث عملت القرية على إرسال طلب إلى اليونسكو للاعتراف ببتير كموقع للتراث العالمي. وبكثير من الجهد، رفع المجتمع المحلي طلبا إلى السلطة الفلسطينية في كانون ثاني 2013. وكخطوة أولى في المسيرة، وقّع الرئيس محمود عبّاس على الطلب وتوقع الفلسطينيون أن يتم تقديمه إلى اليونسكو في شباط. إن اعتراف اليونسكو قد يصعّب، سياسيا، على إسرائيل بناء جدار الفصل في بتير، والذي يحاول السكان هنا تحديه عبر المنظومة القانونية الإسرائيلية. حيث تستهدف خطة الجدار مصادرة وضم ما يقارب الـ30% من أراضي بتير.
 
في 16 حزيران من عام 2013، كشفت وكالة معا الاخبارية أن السلطة الفلسطينية لم تودع الطلب المستكمل في اليونسكو. وقد فضح مسؤولون فلسطينيون رفضوا الكشف عن أسمائهم، بشهاداتهم، صفقة جانبية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل وافقت السلطة بموجبها على إسقاط الطلب مقابل سماح إسرائيل بدخول محققي اليونسكو إلى المسجد الأقصى ومدينة القدس القديمة. ومع ذلك، وفي 29 أيار 2013، رفضت اسرائيل دخول محققي اليونسكو إلى القدس. وفي الفضيحة، نفى يغئال بالمور، المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية أن يكون إسقاط ترشيح بتّير جزءا من اتفاقهما. وبغض النظر، فإن طلب بتير قد يكون صعب الهضم بالنسبة للسلطة الفلسطينية حتى قبل التراجع المحتمل لإسرائيل.
 
إن الطلب الذي قدمته بتير إلى اليونسكو بإدراج جميع أراضي البلدة كموقع تراثي عالمي، قد وضع السلطة الفلسطينية في موقف صعب حيث أن أراضي قرية بتير لا تتوافق مع خط وقف إطلاق النار للعام 1949 وحدود عام 1967، وهو الخط الذي يستند إليه الخطاب السائد حول "الحل التفاوضي". لقد قامت إسرائيل بضم واستعمار منطقة ال67 جيدا في الوقت الذي ما زال فيه النظام السياسي الفلسطيني يؤكد بأنه يقبل بتعديلات حدودية ضمن ما يسمى "حل الدولتين".
 
قبل عام 1948، اعتبرت القرية مركزا إنتاجيا رئيسيا للقدس، مع التدفق المستمر بين المنطقتين. إن محاولة اهالي بتير الهادفة إلى تظليل قريتهم بغطاء اليونسكو على مساحتها التي تجتاز خط وقف النار وحدود العام 1967 هي مشروع مقاومة يتحدى التجزئة المتزايدة للأراضي الفلسطينية.

مواد إعلامية متوفرة حول قرية بتير:

http://www.ongoingnakba.org/ar/الضفة-الغربية/محافظة-القدس/battir.html

التواني: مقاومة التهجير المستمر
يقود مجموعتنا المكونة من عشرة أشخاص الناشط المحلي في قرية التواني حافظ بلبل أثناء زيارتنا لقريته، حيث تقع القرية في المنطقة (ج) في تلال الخليل الجنوبية، وهي تقوم بدور المركز للمجتمعات المحلية المحيطة. تعتزم الإدارة المدنية الإسرائيلية والكيان البيروقراطي الذي يدير الاستيطان في الضفة الغربية، تحويل الأرض إلى منطقة مخصصة للتدريب العسكري. والتواني هي واحدة من 13 قرية في المنطقة، هنالك ثمان منها مستهدفة من قبل إسرائيل لتحويلها إلى منطقة إطلاق النار – المنطقة رقم 918. وقد أعلنت خطة التهجير منطقة مساحتها 30,000 دونم باعتبارها منطقة عسكرية محظورة في السبعينيات، ومنذ ذلك الحين، تعيش المجتمعات المحلية تحت وطأة هدم المنازل والتهجير القسري.

في عام 1999، تم طرد 700 من سكان القرى في منطقة إطلاق نار رقم 918 قسرياً، وتم هدم بيوتهم. وقد قاوم السكان عن طريق تقديم طعون قانونية، وعادوا بالرغم من الملاحقة والاضطهاد ليؤسسوا حياتهم من جديد في الموقع، وغالبا ما يعيشون في الملاجئ الطبيعية كالكهوف. ووفقا لقرار وزير الدفاع إيهود باراك في 19 حزيران 2012، فإن التواني هي واحدة من خمسة قرى لم تكن تحت طائلة التهديد الفوري بالإخلاء، لكن "بلبل" يتوقع نفس المصير النهائي لقريته. إن استراتيجية الإدارة المدنية للحكم العسكري للاستيلاء على الأراضي هي إستراتيجية متدحرجة، كما يصفها بلسانه.

عاش سكان تلال الخليل الجنوبية تحت الاحتلال العسكري منذ 1967، وبهذا أصبحوا ضحية المصادرات والتهجير من أراضيهم، إضافة إلى عنف مستعمري مستوطنة "حافات معون" المتاخمة لقريتهم. "بلبل" أب شاب، وقد أحاط تاريخ طويل من الاستعمار بحياته وحياة طفله الصغير، ردا على ذلك، قال بأنه وآخرين ينسقون المقاومة الشعبية مع قرى تلك المنطقة.
 
"بلبل" الذي لديه معرفة قريبة بنوايا إسرائيل فيما يتعلق به وبأرضه قال: " إن خطة الاحتلال هي ربط المستوطنات ببعضها على حساب البلدات والقرى والنجوع الفلسطينية". بعد أن أحبطت الجرافات الإسرائيلية عدة محاولات لنصب أعمدة الكهرباء، فإن قرية سوسيا الآن تدير مشروع كهربائها بمشروع الطاقة الشمسية الذي تبرع به الاتحاد الأوروبي. هاجمت الإدارة المدنية للحكم العسكري سوسيا في 27 تموز 2013 وأصدرت أمرا بوقف بناء الألواح الشمسية من ضمن ما أمرت بوقف بنائه من البنى التحتية، وهو إجراء عادة ما يسبق عملية تنفيذ الهدم.
 
علاوة على ذلك، يواجه سكان المنطقة إعاقة مستمرة لحريتهم في التنقل من خلال إقامة نقاط التفتيش والحواجز والإغلاقات، والتهديد بالعنف من قبل المستوطنين اليهود الاسرائيليين. الأطفال من القرى المجاورة، وبموجب قرار من المحكمة ملزمون بمرافقة سيارة جيب عسكرية في مسيرهم اليومي إلى المدرسة الابتدائية في التواني. ومع ذلك، فإن هذا "التسهيل" المزعوم لا يتحقق دائما كما أشار السكان. وعلاوة على ذلك، فإن Operation Dove وهي منظمة إيطالية تقوم بالتوثيق على مدار الـ24 ساعة في مناطق إطلاق النار قد صرحت بأن:

" في منطقة إطلاق النار رقم 918، هبطت المروحيات ثلاثة مرات في 6 و 7 و 8 أيار قريبا من مدرسة الفخيت؛ وتمت مصادرة سيارتين تابعتين لوزارة الزراعة الفلسطينية بالإضافة إلى اعتقال سبعة مواطنين في 9 أيار؛ وتم تنفيذ تدريبات عسكرية على يد الجيش في منطقتي مركز وجنبا، وقد أضرت المركبات الثقيلة بالحقول المحلية ومنعت الرعاة من رعي قطعانهم".

تسهّل إسرائيل عنف المستوطنين، وتمارس العنف العسكري أثناء قيامها بتطبيق الإجراءات "القانونية" وهي وسيلة لضمان الإفلات من العقاب من جهة، بما يؤدي إلى "تشجيع" النزوح الفلسطيني إلى المراكز الحضرية، مثل بلدة يطّا القريبة.
 
إن هذه الإستراتيجية تنجح، فمستعمرة حافات معون تمتد إلى خارورة وسارورة، وهما قريتان صغيرتان تم إخلاء سكانهما بالقوة وتم رفض السماح لهم بالعودة إليهما تجنبا لعنف المستوطنين.
 
وقد قام المتطوعون الدوليون مع Operation Dove في التجمعات المحلية بتوثيق هجوم مستوطني "حفات ماعون" على قرية التواني، والرعاة الفلسطينيين، وقد أسفر العدوان عن قتل حمار، ورجم الأطفال بالحجارة. إن المجتمعات المحلية في تلال جنوب الخليل تقع تحت التهديد المتواصل، ولكن إسرائيل توظّف تكتيكات طرد مماثلة في المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرتها، بما في ذلك حي الشيخ جراح في القدس وغور الأردن والناصرة والنقب.
 
وقد حددت المحكمة العليا الاسرائيلية تاريخا لإصدار قرارها بشأن طرد القرى الثمانية من منطقة إطلاق النار رقم 918 وهو 2 أيلول 2013. وتقوم جمعية حقوق المواطن في إسرائيل بتنسيق المناصرة المستندة إلى القانون، بينما يقوم السكان بتنظيم المقاومة الشعبية من خلال اللجنة الشعبية لتلال جنوبي الخليل.

مواد إعلامية متوفرة حول قرية أم فغرة:
http://www.ongoingnakba.org/ar/الضفة-الغربية/محافظة-الخليل/ام-فغرة.html