بقلم: سريعة سليم حديد*

بداية نهنئ فلسطين الحبيبة قيادة وشعباً على إتمام عقد المصالحة بين فتح وحماس، إنها لخطوة رائعة تدعم تشابك الجهود ذات الهدف الواحد التي من شأنها الوصول بالقضية الفلسطينية إلى قمة النصر والتحرير.
هذه المصالحة كانت بالنسبة لنا فوزا حقيقيا، لأنها أعطتنا الكثير من الآمال الطيبة بشأن القضية الفلسطينية، مما زاد بهجتنا أيضاً بالفوز في الجائزة الأولى في حقل قصص الأطفال.

كنت دائماً أطمح إلى أن أنشر مجموعاتي القصصية الطفلية، بين أيدي أطفال فلسطين، رغبة مني في إيصال الفائدة والمتعة لهم بأبسط طريقة، ومن أقرب مأخذ، لكنها الصدفة تفرض نفسها، لقد لعبت دوراً رائعاً في تحقيق هذا التطلع الكبير بالنسبة لي، ليس رغبة بالاشتراك بمسابقة على وجه التحديد، بل أمنية طيبة لأكون أقرب إلى أفكار وقلوب أطفال فلسطين الذين لا يقلون أهميَّة بالنسبة لنا عن أطفال سورية.

منذ صغرنا ونحن نسمع ونشاهد ونعيش الإحساس الفلسطيني في إعلامنا الذي دأب جاهداً على نقل أخبار الشعب الفلسطيني ومعاناته يومياً، وحتى الآن، إضافة إلى ما قرأناه من كتب وقصص تخص القضية الفلسطينية، زد على ذلك الأفلام السينمائية والمسلسلات التي اهتمَّت بنقل الوجع الفلسطيني بشكل صحيح، يعكس ما يجري على أرض الواقع، كل ذلك دلائل قاطعة على تمازج الإحساس الذي نما فينا على مر السنين الطويلة، وشكـَّل لدينا دوافع كثيرة لمحاولة دعم الشعب الفلسطيني بشتى السبل.

أنا انظر إلى فوزي في المسابقة على أنه مشاركة فعَّالة ومهمة في دعم أفكار الطفل الفلسطيني بشكل خاص، وتقديم نموذج يكون فيه كل الفائدة والمنفعة، حيث نضع الطفل القارئ في طريق التفكير والحث على التساؤل والتصميم على العودة.

هذا فوز معنوي هام، تعززت من خلاله ثقتي بنفسي، وتأكـَّدت بأنني قادرة على إيصال كلماتي وبأسلوب سهل مبسَّط إلى فكر الطفل وقلبه. فقد وضعت في قصتي (طريق العودة) عدداً من الأهداف عملت جاهدة على إيصالها جميعاً إلى قناعات مرضية بشأن مفهوم الطفل وآلية تفكيره، ومن هذه الأهداف: تقديم فكرة العودة بشكل سهل مبسَّط، إضافة إلى إعطاء معلومات هامة عن طائر (أبو منجل) وهو طائر (الفينيق) كما هو معروف، حاولت لفت النظر إلى أهمية حماية الطيور من الانقراض، وحث الطفل على طرح الأسئلة، وإنشاء فكرة المقارنة ما بين هجرة الطائر، وهجرة الشعب الفلسطيني، ومن ثم عودة الطائر إلى عشه الذي بناه بنفسه. كذلك يجب أن يعود الشعب الفلسطيني إلى بيوتهم وأراضيهم التي هي من حقهم الأساسي، كل ذلك محصور في إطار مئتي وخمسين كلمة.

إن النجاح الحقيقي يتجلـَّى في كيفية عودة الكاتب إلى عمره الطفلي الذي من شأنه، أن يجعله يفكـِّر بآلية تفكير الطفل اليوم، وبإحساسه، هنا تكمن قدرة الكاتب الحقيقية في النجاح بتقديم قصة مناسبة للطفل، وخاصة للمرحلة العمرية الأولى، هذه المرحلة التي تحتاج إلى تكثيف كبير في الأحداث واللغة والفائدة مع مراعاة الأسلوب المبسَّط السلس.
رسالتنا للشعب الفلسطيني في ذكرى نكبة عام 1948 هي رسالة حب وتقدير لكل من ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في دعم حركة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج، هذا الشعب الذي ما فتئ يوماً يقاوم في سبيل نيل حقوقه كاملة، والذي دفع مقابل ذلك الكثير من الأرواح والدماء والتشرُّد والقهر وما إلى ذلك.

إن أهم مقوِّم للوصول إلى فلسطين الحرة ذات السيادة الوطنية هو اللحمة الوطنية بالدرجة الأولى بما تمتلكه قيادة وشعباً من مقومات أساسية، تجعل الطريق إلى نيل التحرير ممكناً جداً خاصة والبلاد العربية بشكل عام أمام تطور غير متوقع لعجلة الأحداث اليوم والتي تبشر بفضاءات إيجابية كبيرة.

-------
* سريعة حديد: الفائزة بالمرتبة الأولى في جائزة العودة 2011، حقل قصص الأطفال، من سوريا.