المؤتمر الثاني لحملة المقاطعة: المقاطعة الدولية لإسرائيل في اتساع مستمر وأعطت نتائج ايجابية على جميع الأصعدة

اللجنة الوطنية الفلسطينية لحملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها

ضمن فعاليات إحياء الذكرى الثانية والستون للنكبة الفلسطينية، عقدت اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها بتاريخ 31/5/2010 مؤتمرها الوطني الثاني لمقاطعة إسرائيل في مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة. وقد اعتبر المشاركون في المؤتمر أن حملة المقاطعة الدولية لإسرائيل أعطت نتائج ايجابية وأنها في اتساع مستمر، مشيرين في الوقت نفسه إلى أهمية نشر ثقافة المقاطعة كونها إحدى وسائل المقاومة المدنية التي أخذت تحاصر الاحتلال، والاستعمار الاحلالي ونظام الابارتهايد الذي تمثله إسرائيل في سيطرتها على فلسطين والفلسطينيين.

وقد دعا المتحدثون إلى فرض مقاطعة واسعة على إسرائيل، وتطبيق سحب الاستثمارات منها، على طريق نزع الشرعية الدولية عنها، مؤكدين ضرورة استمرار هذه الإجراءات السلمية المدنية حتى تفي إسرائيل بالتزاماتها القانونية تجاه الشعب الفلسطيني وتلتزم بتطبيق القانون الدولي الإنساني.

وقد عقد المؤتمر الوطني الثاني الذي نظمته اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها بهدف وضع إستراتيجية مقاومة مدنية ضد الاحتلال، وهي خطوة مشابهة لتلك التي طبقت في جنوب إفريقيا خلال الحقبة "الابارتهايدية" ونظام الفصل العنصري فيها. كما وتم خلال المؤتمر التطرق إلى الانجازات المتواصلة التي حققتها حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل عالمياً ومحلياً، والأدوات التي يجب إتباعها لتطوير وتعزيز عمل لجنة المقاطعة في المستقبل، والإشكاليات التي تتعرض لها اللجنة في عملها.

هذا وطالب المشاركون في المؤتمر، بضرورة رفع الوعي الفلسطيني حول المقاطعة بأشكالها المختلفة، باعتبارها أداة مقاومة مدنية فاعلة وضرورية، إضافة إلى توسيع نطاق تبني المجتمع الفلسطيني بقطاعاته المختلفة للمقاطعة كشعار نضالي رئيسي، وبدء تطبيق معايير المقاطعة المقرة، ومطالبة العالم باحترامها باعتبارها أداة سلمية لمحاربة الاحتلال. كما شددوا على ضرورة الوقوف أمام التعنت الإسرائيلي ومقاطعة كافة الشركات الإسرائيلية وكل من يقف خلفها، والعمل على ترسيخ المرجعية الفلسطينية لحملات المقاطعة في العالم، ومطالبة أصحاب المصانع في فلسطين لتحسين مستوى الإنتاج والجودة لتتطابق ومعايير الجودة العالمية. وتخلل المؤتمر الذي حضرة ناشطون في حملات المقاطعة والمقاومة الشعبية السلمية، من مختلف أنحاء العالم عدة كلمات أكدت على ضرورة رفع مستوى المقاطعة بكافة أشكالها.

ورغم انتشار خبر وقوع مجزرة أسطول الحرية الذي شد الانتباه، فقد تميز المؤتمر بحضور حاشد للعديد من الممثلين والناشطين الحقوقيين والدوليين الداعمين لحركة مقاطعة إسرائيل. وفي هذا الإطار، أكد د.جابي برامكي، رئيس الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، أن مقاومة الاحتلال هو واجب وحق على كل فلسطيني، مؤكداً أن المقاطعة استطاعت إثبات نفسها، بإرغام إسرائيل على رصد ملايين الدولارات لمحاربة هذه الحملة ولكنها فشلت. وأضاف: إن المقاطعة استطاعت إيصال الشارع الإسرائيلي أنه لا يمكنه العيش إلى الأبد في التطهير العرقي والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين، مشيراً إلى أن الحرية والنصر لا يقدمان على طبق من ذهب وإنما بحاجة إلى عناء وجهد لرؤية النور.

اما هيو لانينغ، ممثل نقابات العمال البريطانية المؤيدة للمقاطعة، فقد أشار إلى القرصنة التي قامت بها إسرائيل في غزة، لافتاً إلى أن ما حدث يصب في صالح الشعب الفلسطيني، لأنها أظهرت مدى وحشية الاحتلال.وقال: إن وحشية الاحتلال ستزيد مستوى ورقعة التضامن الدولي مع الفلسطينيين، وان الآفاق تبعث الأمل لان الدعم يتضاعف يومياً.وذكر أنه سيتم عقد مؤتمر حول التمييز العنصري ضد المسلمين في بريطانيا خلال الأسابيع القليلة القادمة، وان النقابات العمالية البريطانية غير راضية عن هذا النهج وإنها ستعمل جاهدة لتجميد هذا القرارات الجائرة بحق المسلمين.

وحول الخطوات التي سيتم العمل بها لمحاربة إسرائيل، بين لانينغ أنه ستتم مضاعفة قوانا والعمل على النمو بشكل سليم، والتوحد من اجل بناء حركة نقابية موحدة في بريطانيا والعالم لمواجهة "الهستدروت"، وتطوير العلاقات مع فلسطينيي الشتات للحديث بصوت واحد وموحد عن همومهم، والعمل على استقطاب الحركات النقابية إلى فلسطين لما له الأثر الكبير في نشر الحقائق والوقائع عنها. وأشار إلى أن الحركات النقابية العمالية البريطانية تعمل على مقاطعة إسرائيل، وعلى بناء منظمة عمالية قادرة على التأثير على صانعي القرار السياسي.

وأشار لانينغ إلى أن المؤتمر خطوة مهمة من اجل الحصول على الشرعية الدولية، ولكنه بحاجة إلى العمل بشكل علني وعلى المستوى العالمي لإيصال صوت الفلسطينيين إلى العالم، مشيرا إلى أن حملة التضامن مستمرة للمساهمة في تشكيل مؤتمر وطني عالمي لتعزيز المقاطعة رغم التحديات التي تواجهنا من قبل الحكومة البريطانية. وقال "إننا لا نريد وضع الأهداف وإنما تطبيقها والعمل بها على ارض الواقع".
وأشار لانينغ إلى أنه سيتم اتخاذ العديد من الإجراءات وأهمها: العمل على إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وخص بالذكر إسرائيل، إضافة إلى العمل على تدعيم القضاء الدولي والمحاكمات الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب ومنهم وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، وتنظيم حملة واسعة لفك الحصار عن غزة.

بدوره شدد حيدر إبراهيم الأمين العام لاتحاد عمال فلسطين، على أن "المقاطعة شكل من إشكال المقاومة السلمية للدفاع عن وجودنا وحقنا في الحياة، وأننا لن نتنازل عن حقوقنا التي سلبت منا عنوة".
ودعا إلى توضيح أهمية المقاطعة لهذه الدولة العنصرية والذي يضمن للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة وإزالة المستوطنات.
وطالب إبراهيم الحكومة بضرورة تأمين عمل بديل للعمال الذين سيتركون العمل داخل المستوطنات والذين يبلغ عددهم أكثر من 35 ألف عامل وعاملة، مشيداً بالقرار الذي أقدمت عليه الحكومة حيث اعتبره أشجع قرار تم اتخاذه من قبل الحكومة بتوفير 50 مليون دولار لإيجاد مؤسسات إنتاجية صغيرة توفر العديد من فرص العمل للعمال الفلسطينيين.

أما حسام خضر عضو لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين، فقد شدد على ضرورة تعميم ثقافة المقاطعة لتصبح سلوكاً فردياً يومياً في وجه هيمنة الاحتلال على أراضينا، وفرض القيود على المنتجات الإسرائيلية بطرق مدروسة لتحقق الهدف المنشود من هذه المقاطعة. وذكر خضر أن الحملة بحاجة إلى أن تنطلق على مستويين الأول بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية من خلال دعم القطاع الصناعي، وذلك بوضع قيود على جودة المنتج الفلسطيني والعمل على تحسين جودته، والثاني مقاطعة خارجية لكل الشركات التي تدعم إسرائيل وتؤيد الانتهاكات التي تقوم بها ضد الشعب الفلسطيني.

وعرض رفعت قسيس، المنسق العام لمبادرة الفلسطينيين المسيحيين، ما جاءت به وثيقة كايروس "وقفة حق" والتي حثت الفلسطيني على الصمود والمقاومة بكافة أشكالها السلمية، وكسر احتكار إسرائيل للخطاب حول ما يحدث في فلسطين، وإظهار حقيقة ما يحدث من احتلال واقتلاع شعب من أرضه بالقوة، وأعلنت أن الاحتلال الإسرائيلي هو خطيئة شبيهة بما حدث في جنوب إفريقيا. ودعت الوثيقة إلى إنهاء الانقسام بين الفلسطينيين، والعودة إلى الصف الوطني، وتوجيه العديد من الرسائل للمجتمع الدولي وكنائس العالم لمراجعة مواقفهم واتخاذ إجراءات واضحة لخلق سلام عادل وشامل.

ومن جهته، قال نصفت الخفش متحدثاً عن اللجنة الوطنية للمقاطعة: إن البعض من مراقبي الصراع العربي- الإسرائيلي توقع اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، إن لم تنه إسرائيل احتلالها واضطهادها للشعب الفلسطيني والاعتراف بحقوقه، مشيراً إلى انه ربما تكون الانتفاضة الثالثة قد اندلعت بالفعل مع تنامي النضال الشعبي الفلسطيني المدعوم بحملة عالمية لمقاطعة إسرائيل تسترشد بالنداء التاريخي للمقاطعة "BDS" والذي أطلقته الغالبية الساحقة من المجتمع المدني الفلسطيني كشكل رئيس للمقاطعة المحلية والدولية لتحصيل الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف وعلى رأسها الحرية والعودة وتقرير المصير. وأوضح أن أوراقا بحثية قدمت في مؤتمر "هرتسليا" الأخير والذي يعنى باستراتيجيات الأمن الإسرائيلي وصفت المقاطعة "بالخطر الوجودي على دولة إسرائيل".

كما اعتبر قسيس أن التواطؤ الغربي الرسمي بلغ ذروته عندما تجاهلت الدول الغربية مجتمعة الفتوى التاريخية التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في 9 تموز 2004 والتي أكدت فيها على أن الجدار العنصري والمستوطنات تعتبر مخالفة للقانون الدولي. وقال: كان هذا الفشل الدولي في محاسبة إسرائيل ووقف عدوانها العامل المباشر وراء إطلاق نداء المجتمع المدني الفلسطيني الداعي لمقاطعة إسرائيل بعد مرور عام واحد على قرار لاهاي.

وقد أعلن خلال المؤتمر عن اتخاذ نقابة أساتذة الجامعات البريطانية، قبل يوم من المؤتمر فقط، قرار تاريخي يقضي بقطع العلاقة مع "الهستدروت" وبدء إجراءات المقاطعة لكلية "اريئيل" المقامة على أراضي سلفيت.