ممارسة المقاطعة أساس الالتزام بالحقوق: مسيرة أجيال العودة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية

إعداد: مركز الشباب الاجتماعي مخيم الفارعة
 

مع تنامي الهجمة الإسرائيلية المسعورة على مقدّرات شعبنا، ومحاولة طمس هويته الفلسطينية العربية عبر العديد من الوسائل الهمجية، من قتل يومي وتدمير للبنية التحتية وتجريف للأراضي، وبناء للجدران العازلة والتوسع الاستيطاني الذي غير معالم الأرض الفلسطينية وعزل السكان في بقع صغيرة من الأرض، أصبح موضوع مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، ضرورة ملحة كأداة نضالية في يد الشعب الفلسطيني والشعوب التي تتضامن معه للخلاص من هذا الاستعمار ونيل الحرية والاستقلال.

وضمن حملة نشر وتعميم ثقافة مقاطعة البضائع الإسرائيلية في المجتمع الفلسطيني، يقوم مركز الشباب الاجتماعي في مخيم الفارعة بعمل أنشطة دعوية تحض أهالي المخيم على تطبيق المقاطعة فعلاً لا قولاً فقط. وتأتي مثل هذه الفعاليات ضمن الأنشطة التي ينفذها منتسبو برنامج تنمية وتدريب الناشئة في مجال الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين، بالتعاون مع مركز بديل. ويأتي هذا التقرير ليسلط الضوء على مسيرة نظمها أطفال الناشئة في مخيم الفارعة، وجهوا الدعوة من خلالها للتجار والأهالي بمقاطعة البضائع الإسرائيلية، بهدف توسيع الدائرة الشعبية بين أوساط اللاجئين لمواجهة نظام العزل العنصري الذي تبنيه على الأرض الفلسطينية المحتلة.
 
مقاطعة إسرائيل في تعليم الناشئة
 
خلال الفصل الثالث من برنامج تنمية الناشئة، وحسب خطة تطبيق البرنامج، يطلب من المؤسسات الشريكة في البرنامج أن تقوم بعمل أنشطة ميدانية خلال أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي، بحيث ينظم خلال هذا الأسبوع العديد من المسيرات والندوات والعروض الفنية التي تشرح أهمية مقاطعة إسرائيل وعزلها. يقوم الناشئة خلال هذا الأسبوع بعمل مسيرات وندوات تدعوا المجتمع المحلي إلى الاندماج في عملية المقاطعة، والفوائد التي يمكن جنيها من خلال توعية المجتمع الفلسطيني بأهميتها. كما يقدم الميسرون لقاءات إرشادية للأطفال تتناول أهمية المقاطعة وفوائدها على القضية الفلسطينية.
 
ولان مقاطعة البضائع الإسرائيلية ليست فقط ذات قيمة مادية تظهر في اثر ذلك على اقتصاد إسرائيل، فان المرشدين يقومون ببيان اثر تجسيد المقاطعة فعليا على الوعي الفلسطيني وصدق الانتماء. فليس من المعقول أن نكافئ الاحتلال على احتلاله، وليس من المنطقي المطالبة بالحرية، والتحرر من الاحتلال في حين نتعاطى بضائعه بل وأحيانا نفضل منتجاته في طعامنا وشرابنا ولباسنا ومستلزمات حياتنا اليومية الأخرى. وضمن هذا السياق، يمكن للجيل الناشئ أن يبني ثقافة المقاومة، وثقافة الاعتزاز بالذات، وثقافة الإيمان بالقدرة الذاتية على تحقيق التحرر. ففي النهاية، لا تشكل المقاطعة الفلسطينية للمنتجات الإسرائيلية موضوعا اقتصاديا بل هي بالنسبة لنا مسألة هوية وانتماء. 
 
مسيرة المقاطعة في المخيم
 
نظمت مجموعة الناشئة خلال أسبوع الابارتهايد الإسرائيلي في العام 2009، مسيرة في شوارع مخيم الفارعة كان هدفها توعية التجار والأهالي بمخاطر الاتجار بالبضائع الإسرائيلية ومخاطر التعاون مع المؤسسات الثقافية الإسرائيلية. كانت المسيرة عبارة عن صرخة أطلقها الأطفال للتعبير عن مدى رفضهم لاستمرار الاحتلال من جهة، وتعريف التجار وأهالي المخيم بفوائد مقاطعة البضائع الإسرائيلية على المستويات السياسية والاقتصادية، والدعوية والاستعاضة عن هذه البضائع بمنتجات وطنية ومحلية. 
 
كان الأطفال قبل أسبوع قد باشروا بدعوة الأهالي وعدد من المسؤولين في المخيم لمشاركتهم في المسيرة. تجمع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13-17 عام في الصباح الباكر في ساحة المركز، وتمثلت خطوتهم الأولى بكتابة شعارات على يافطات كبيرة تدعو سكان وتجار المخيم إلى الانضمام لحملة المقاطعة. الهدف من هذه الشعارات كان لفت انتباه السكان والتجار أن البضائع الإسرائيلية غير مرغوب بتداولها بين السكان، وان شراءها يعني دعم ميزانية إسرائيل لشراء أسلحة تستعمل ضد الشعب الفلسطيني. لمس الأطفال ان هناك تجاوبا من قبل التجار والأهالي للتقيد والالتزام بمقاطعة البضائع الإسرائيلية، واكتشفوا بأنفسهم أهمية تعميم هذه الثقافة بين الناس لأهميتها في تمتين مقاومة نظام إسرائيل العنصري وسياساتها.
 
وخلال التجوال في شوارع المخيم، وقف الأطفال أمام المحال التجارية يلقون كلمات قصيرة عبر مكبرات الصوت على التجار يشجعونهم على مقاطعة بضائع إسرائيل ويحثونهم على الاستعاضة عنها ببضائع بديلة.
 
وبعد توزيع الملصقات في المخيم، توجه الأطفال في مسيرتهم نحو مركز الشهيد صلاح خلف، حيث أقيم هناك مهرجان كروي. قام الأطفال بتوزيع البوسترات والملصقات على المؤسسات المشاركة في المهرجان، وعلى الجماهير التي كانت محتشدة في المهرجان.  
 
بعد الانتهاء من المسيرة، عاد الأطفال إلى المركز وكانت السعادة واضحة على وجوههم. لقد أيقنوا أن المجتمع الفلسطيني قادر على فعل الكثير في وجه إسرائيل، وان طرق المقاومة كثيرة، وان المقاطعة نموذج حي يجب أن يعمم إلى كافة أرجاء الوطن المحتل. تحدث الأطفال عن نشاطهم، قيموا أداءهم ومدى استجابة السكان في المخيم لندائهم بمقاطعة إسرائيل. كما قرروا أن مثل هذه الأنشطة يجب أن تنظم بين فترة وأخرى لتذكير الناس أن بضائع إسرائيل مرفوضة، ما دام أطفال الشعب الفلسطيني محرومين من حريتهم وحقوقهم.