هيئات الأمم المتحدة والمقررون الخاصون: رصد تطبيق المعاهدات الدولية بعض آليات الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية

بقلم: غيل بولينغ*

تأسست هيئة الأمم المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وذلك لغرض تعزيز السلام العالمي ومكافحة التمييز العنصري، وينص ميثاق الأمم المتحدة في المادة 1(3) على واحد من "المقاصد" الرئيسة للأمم المتحدة:
3. تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء. (خط التأكيد مضاف).

 على مدى تسعة وخمسين عاما من وجودها، طور نظام الأمم المتحدة بعض الآليات القانونية الهامة المصممة للقيام بالعمل الشاق المتعلق بمكافحة العنصرية، وستبحث هذه المقالة اثنين منها: عمل اللجان/هيئات المؤسسة بموجب معاهدة دولية، ودور المقررين الخاصين في رصد مدى التطبيق للاتفاقيات ذات الصلة.

 هيئات الرصد المؤسسة بموجب معاهدة دولية

لدى الأمم المتحدة ست معاهدات رئيسية لحقوق الإنسان دخلت حيز النفاذ، والتي وضعت من أجل حماية جوانب مختلفة لحقوق الإنسان، وهذه المعاهدات الست هي:

*اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (CERD)، (دخلت حيز النفاذ في 4 كانون ثاني، 1969)؛
* العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، (دخل حيز النفاذ في 23 آذار، 1976)؛
* العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR) (دخل حيز النفاذ في 23 آذار، 1976)؛
* الاتفاقية الدولية بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)، (دخلت حيز النفاذ في 3 أيلول، 1981)؛
* الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب (CAT) ، (دخلت حيز النفاذ في 26 حزيران، 1987)؛ و
* الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل (CRC)، دخلت حيز التنفيذ في 2 أيلول، 1990).

لكل معاهدة من هذه المعاهدات هيئة مراقبة خاصة بها، وتم إنشائها بهدف رصد تطبيق الالتزامات التي حددتها المعاهدة من جانب الدول التي وقعت المعاهدة وصدقت عليها. وتقع المقرات الرئيسية لخمس من هذه الهيئات في جنيف- سويسرا؛ فيما يقع المقر الرئيسي للسادسة في نيويورك، وتعرف الهيئات الست لمراقبة هذه المعاهدات بالأسماء التالية:

o لجنة القضاء على التمييز العنصري، (جنيف)؛
o لجنة حقوق الإنسان، (جنيف)؛
o اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، (جنيف)؛
o لجنة مناهضة التعذيب، (جنيف)؛
o لجنة حقوق الطفل، (جنيف)؛ و
o لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، (نيويورك).

تجتمع هيئات رصد المعاهدات بشكل دوري خلال السنة (ولكن ليس على مدار السنة)؛ وذلك من أجل رصد تطبيق المعاهدة ذات العلاقة عبر أربعة طرق رئيسية:
1. تقارير الدول: تلزم المعاهدات الدول الأطراف المتعاقدة تقديم تقارير دورية حول تطبيق كل دولة طرف في المعاهدة، سواء ما تقوم به من خلال إدراج أحكام المعاهدة في تشريعها الوطني الخاص، أو حول ما تقوم به من ممارسة لالتزاماتها بموجب المعاهدة. وتقوم هيئة مراقبة المعاهدة باستعراض هذه التقارير والدخول في حوار مع ممثلي الدولة الذين يقدمون تقريرها، وفي نهاية الاستعراض، يتم إصدار "ملاحظات ختامية" من قبل هيئة مراقبة تطبيق المعاهدة.
2. آليات تقديم الشكاوى الفردية: بالنسبة لأربعة من هذه المعاهدات، وهي القضاء على التمييز العنصري، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة؛ فإنها توفر آليات للشكاوى الفردية يستطيع الأفراد من خلالها التقدم بشكاويهم حول انتهاكات حقوقهم الفردية المقررة بموجب المعاهدة. (ستجري مناقشة أكثر تفصيلا لهذه الآلية أدناه).
3. لجان التحقيق: يوجد معاهدتان، هما اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل، تحتويان على آليات لإجراء تحقيقات يتم بموجبها تفويض بعثات تحقيق ليتم إرسالها إلى الدول المتعاقدة للتحقيق في مزاعم حول انتهاكات منهجية أو جسيمة للحقوق المنصوص عليها في المعاهدة.
4. التعليقات العامة أو التوصيات: تصدر هيئات رصد المعاهدات "تعليقات عامة" أو "توصيات" تبين مدى الالتزام بالحقوق المختلفة التي تكفلها كل معاهدة من هذه المعاهدات.

وتتعهد الدول طواعية بالالتزامات المنصوص عليها في المعاهدات؛ وذلك عبر التصديق على تلك الأحكام والالتزامات في إطار هيئاتها التشريعية الوطنية. وفور مصادقة أية دولة على معاهدة ما؛ تصبح الحقوق المكفولة بموجب هذه المعاهدة نافذة بالنسبة للأشخاص الخاضعين للولاية القضائية لتلك الدولة، ويصبح على الدولة واجب قانوني ملزم لدعم هذه الحقوق وتأديتها. ويمكن أن تسعى الدول للحد من مدى الالتزامات من خلال التصديق على المعاهدة مع إبداء "تحفظات" معينة.

 ومع ذلك؛ يمكن اعتبار بعض هذه التحفظات باطلة إذا كانت تتعارض مع "المقصد والغرض" الأساسي للمعاهدة. وفيما يلي بعض المعطيات الإحصائية المأخوذة عن دراسة "آن بايفسكي" التي تفتح أفقا جديدا في دراسة هيئات مراقبة المعاهدات بعنوان: "منظومة الأمم المتحدة لمعاهدات حقوق الإنسان: العالمية على مفترق طرق" (كلوير للقانون الدولي، 2001)، والتي تبين حجم الانخراط التراكمي للدول في نظام معاهدات الأمم المتحدة كما كان في عام 2000:

  عام 2000
العدد التراكمي للتصديقات 926
العدد الإجمالي للأسابيع التي تجتمع فيها هيئات المعاهدات (بما فيها أسابيع ما قبل الجلسات)  52
العدد التراكمي للتقارير التي تم النظر فيها 1721
 
العدد الإجمالي للتقارير التي ينظر فيها سنويا 108
 
 عدد الشكاوى الفردية الموجودة قيد المعالجة 4
 
العدد التراكمي لتصديقات الدول على إجراءات الشكاوى الفردية 186
العدد التراكمي للتعليقات العامة/التوصيات  95
 

(المصدر: " منظومة الأمم المتحدة لمعاهدات حقوق الإنسان: العالمية على مفترق طرق"، 2001)

ولسوء الحظ، فإن أعداد التصديقات لم تقترب من الهدف الخاص بالمصادقات العالمية على معاهدات حقوق الإنسان. ووفقا لبايفسكي، وحسب معطيات العام 2000؛ فإن نسبة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي لم تصادق على المعاهدات الستة الخاصة بحقوق الإنسان هو كما يلي: القضاء على العنصرية 19%؛ الحقوق المدنية والسياسية 23%؛ الحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية 25%، القضاء على التمييز ضد المرأة 13%؛ اتفاقية مناهضة التعذيب 35%، واتفاقية حقوق الطفل 1%.

وعلاوة على ذلك، تشير "بايفسكي" إلى أن نسبة الدول التي صادقت عام 2000 على معاهدات حقوق إنسان بدون المصادقة (أو تحفظت) على آليات الشكاوى الفردية المدرجة في المعاهدات، كانت كما يلي: القضاء على العنصرية 79%؛ الحقوق المدنية والسياسية 33%؛ القضاء على التمييز ضد المرأة 92%؛ واتفاقية مناهضة التعذيب 66%.

ولسوء الحظ المماثل أيضا، فحتى بين الدول التي صادقت على المعاهدات، فإن الامتثال لنظام تقارير الدول يتخلف عن الجدول الزمني المقرر لها بشكل حاد، وتقتبس بايفسكي المعطيات التالية كما كانت في عام 2000:
o متوسط قدره 70% من الدول الأطراف في كل معاهدة فوتت موعد التقارير؛
o 25% من الدول المتعاقدة قدمت تقارير أولية بعد مرور موعدها المحدد؛
o يوجد 1,200 تقرير فائتة الموعد، وفقط تم النظر في 1,600 تقرير خلال ثلاثين عاما من تاريخ إنشاء هيئات رصد المعاهدات؛
o أربعة من بين هيئات رصد المعاهدات لديها تقارير متراكمة متأخرة منذ سنتين تنتظر النظر فيها واستعراضها؛
o سمحت حوالي 100 دولة بشكاوى فردية متعلقة بانتهاكات واسعة النطاق للحقوق، ولكن 30% من هذه الدول لم تكن قط موضوعا لشكوى واحدة (أي لم تكن الشكوى تستهدف الدولة)، ويتم سنويا تسجيل 60 شكوى فردية فقط، من بين 1.4 بليون نسمة محتملين أو معرضين لانتهاك ما؛
o في حالات الشكاوى الفردية التي تتكشف عن وجود انتهاكات، يوجد فقط 20% من الدول المستعدة لتوفير سبل لإنصاف ضحايا هذه الانتهاكات.

يوجد دور هام للمنظمات غير الحكومية لتلعبه في مساعدة هيئات رصد المعاهدات من خلال وضع "قائمة القضايا" التي ينبغي أن يطلب من الدولة المتعاقدة تقديم تقارير بشأنها، كما تلعب المنظمات غير الحكومية دورا مهما مشابها من خلال صياغة "تقارير الظل" لتقديمها لهيئات رصد المعاهدات للنظر فيها عند مراجعة تقارير الدول.

ومنذ أن تم تشكيل هيئات رصد المعاهدات من "متطوعين" غير مدفوعي الأجر، ومنتخبين من بين مرشحين تسميهم الدول الأطراف المتعاقدة، ولأنهم يجتمعون لعدة أسابيع من السنة فقط؛ فإن الوقت المتاح أمامهم للنظر في تقارير الدول وتقارير الظل هو وقت محدود. ولذلك، يكون هذا الوضع مفيد لممثلي المنظمات غير الحكومية بشكل خاص، لقضاء بعض الوقت في جنيف أو نيويورك للقيام شخصيا بأعمال الضغط في أوساط هيئات رصد المعاهدات؛ حول النتائج الموصى بها والتي يرغبون في إدراجها ضمن الملاحظات الختامية أو التعليقات الختامية والتوصيات.

إجراءات الشكاوى الفردية

يوجد أربع معاهدات توفر آليات للشكاوى الفردية، وتجيز للأفراد أن يقدموا شكاوى بشان انتهاكات لحقوقهم الفردية المكفولة في المعاهدة، وهذه المعاهدات الأربعة وموادها التي تشتمل على حق الأفراد في تقديم الشكاوى ضمن هذه الآليات، هي كما يلي:
o اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (المادة رقم 14).
o العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (البروتوكول الاختياري).
o اتفاقية مناهضة التعذيب (المادة رقم 22).
o اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة (البروتوكول الاختياري).

لقد ألفت آن بايفسكي كتابا ثانيا بعنوان "كيف تتقدم بشكوى عبر نظام معاهدات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان" (ناشرين عابري القومية Transnational Publishers، 2000)، وهذا الكتاب يصف إجراءات تقديم الشكاوى الفردية. وكقاعدة عامة، فإنه يجب استنفاذ سبل الإنصاف الداخلية ( امام المحاكم الوطنية) قبل أن تنظر هيئة المعاهدة في شكوى فردية، وعلى الرغم من أن هذا الشرط يتم تجاوزه عندما تستطيع الشكوى أن تثبت بأن سبل الإنصاف الوطنية (داخل دولة المشتكي) ستكون غير مجدية، أو طال أمدها بدون مبرر.

ثم يتم إعطاء فرصة للدولة كي ترد على المزاعم الموجودة في الشكوى الفردية، ومن ثم يتم إحالة الموضوع إلى هيئة مراقبة المعاهدة، لكي تقرر إذا ما وقع انتهاك للمعاهدة أم لا. وقد لاحظت بايفسكي أنه حتى عندما يتم التأكد من وقوع انتهاك، فإن إجراءات المتابعة ضعيفة جدا، ونادرا ما تقوم الدول بتوفير سبل الإنصاف عندما يتم التحقق من وجود انتهاك، ومن الواضح أن هذا الجانب من نظام رصد المعاهدات بحاجة لتعزيز.

معاهدات تعالج العنصرية في حد ذاتها

إن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري هي الاتفاقية الرائدة في القضاء على العنصرية، وحسب بايفسكي، وكما كانت المعطيات في عام 2000؛ فإن 85% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قد صادقت على اتفاقية القضاء على التمييز العنصري؛ وبذلك أصبحت أطرافا متعاقدة في المعاهدة، وان 20% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة (25% من الدول الأطراف المتعاقدة) قد صادقت على واعتمدت إجراءات الشكاوى الفردية بموجب المادة رقم 14، وقد أخذت الدول الأطراف في المعاهدة على عاتقها "إدانة التمييز العنصري" وبأن "تسعى بكل الوسائل الملائمة" للقضاء على "التمييز العنصري بجميع أشكاله"، وبأن تقوم بتعزيز "التفاهم بين جميع الأجناس" (المادة رقم 2(1). وتعرف المادة رقم 1(1) التمييز العنصري على النحو الأتي، بأنه:
 

أي تفرقة أو استبعاد، تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق، اللون، النسب، أو الأصل القومي أو الإثني، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بـ، أو ممارستها على قدم المساواة، في المجال السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.

ويشتمل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مادة تحظر التمييز العنصري؛ وهي المادة رقم 26 التي جاء فيها:
الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته. وفي هذا الصدد، يجب أن يحظر القانون أي تمييز، وان يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سواء كان سياسيا أو غير سياسي، الأصل القومي أو الاجتماعي، الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.

المقررون الخاصون

لقد أرست لجنة حقوق الإنسان آليات لـ"إجراءات خاصة" لمعالجة حالة الحقوق في دول معينة أو حالة الوقوف على موضوع معين في مجال الحقوق في جميع أنحاء العالم (العناوين والموضوعات). والإجراءات الخاصة إما أن تكون فردية من خلال "مقررين" خاصين أو من خلال مجموعات عمل. وهناك 31 تفويضا يتعلق بمواضيع حقوق الإنسان عالميا، وثماني تفويضات تتعلق بحالات الدول/البلدان،

ومن ضمنها "المقرر الخاص حول أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967"، وكانت هذه الوظيفة قد أنشأت في عام 1993 ويتولاها حاليا البروفيسور ريتشارد فولك، الذي منع من دخول إسرائيل في كانون أول عام 2008، وبالتالي؛ كان عليه أن يكتب تقريره حول "عملية الرصاص المصبوب" معتمدا على أدلة جمعت من مصادر أخرى. ويوجد مقرر خاص حول الأشكال المعاصرة للعنصرية، التمييز العنصري، كراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب"، وعناوين البريد الإلكتروني متوفرة على الموقع الالكتروني لمكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.

* كاتبة هذا المقال هي محام أمريكي تعيش في مدينة سولت ليك، أوتا (Salt Lake City, Utah).

 

قراءة في المقال: هيئات الأمم المتحدة والمقررون الخاصون في السياق الفلسطيني

بقلم: سالم ابو هواش*

وبرغم أن نظام الأمم المتحدة لمراقبة تطبيق مواثيق ومعاهدات حقوق الإنسان يتطلب المزيد من التحسين والتعزيز، وأنه بحاجة للمزيد من الفعالية من أجل تلبية الاحتياجات الكبيرة لحماية حقوق الإنسان وحرياته وكرامته، ومن أجل صيانة السلام والأمن، ولتحقيق التعاون بين الشعوب؛ إلا أن منظمات المجتمع المدني والفاعلين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان يستطيعون الاستفادة من هذا النظام في طرح القضايا الهامة التي تخص حالات معينة خطيرة من انتهاكات حقوق الإنسان، أو تخص حالات كثيرة منتشرة تهم العديد من الأطراف.

وفي نفس الوقت، تستطيع منظمات المجتمع المدني المحلية والعالمية خدمة ومساعدة وتعزيز نظام مراقبة معاهدات الأمم المتحدة نفسه، ليس عبر تقارير الظل والقيام بأعمال الضغط في أروقة هذه الهيئات فحسب، بل أن من خلال القيام بدور تمكين الأفراد والجماعات من الوصول للنظام وتقديم شكاويهم، ومن ثم متابعتها على مستوى الدولة المعنية، أو على مستوى التنسيق بين العديد من الأطراف لحث الدول المختلفة على الالتزام بواجباتها تجاه الحقوق المكفولة بموجب المعاهدات التي صادقت عليها.

كما ان هذا النظام إذا ما وظف من قبل منظمات المجتمع المدني لتنظيم الحملات الشعبية، والدعوية فانه يمكن أن يشكل أداة في مواجهة غياب الإرادة السياسية لدى الدول، وتحديدا تلك المؤثرة في صناعة القرار. ويمكن للفلسطينيين، سواء ممن يعيشون في الأرض المحتلة عام 1967، داخل الخط الأخضر، أو حتى اللاجئين والمهجرين في المنافي، الاستفادة من هذا النظام، وخاصة الأحكام المتصلة بالقضاء على التمييز العنصري بكافة أشكاله.

ضمن هذا السياق، تستطيع منظمات المجتمع المدني الفلسطيني عموما القيام بحملات ضغط وصياغة اتفاقيات تعاون "مدني" مع أطراف المجتمع المدني العالمي، لتكون مبنية على أساس الحقوق المنصوص عليها في صكوك ومواثيق حقوق الإنسان الدولية، وبما يمكن من توسيع إطار المشاركة والضغط لتفعيل المتابعة الأممية لما يخص حقوق الشعب الفلسطيني، وحقوق شعوب وفئات أخرى تتعرض لانتهاكات جسيمة لحقوقها.

سالم أبو هواش: باحث وكاتب فلسطيني، رئيس سابق لمجلس إدارة مركز بديل.